مقالات

أصداف: عالم الكتاب المسموع

 
 
 
وليد الزبيدي
 
شهد عالم الكتاب المسموع نقلات كبيرة خلال العقدين الماضيين، وكانت بدايات الكتاب المسموع في غاية البساطة حاله حال العالم الرقمي بجميع حقوله وتفرعاته، وفي ذلك الوقت ولنقل أواخر تسعينيات القرن الماضي لم يسمع الكثيرون بفكرة الكتاب المسموع قبل أن يستمتعوا بهذا العالم الجديد، الذي دخل ضمن موجات التطور والانتقالات الكبيرة في عالم المعرفة والثقافة بصورة عامة.
من أوائل الذين شجَّعوا على اقتناء الكتاب المسموع والتعامل معه في عالمنا العربي الراحل الكاتب الكبير أنيس منصور في أحد مقالاته، حيث نبّه إلى الفوائد الجمة لكل من يستخدم الكتاب المسموع، وفي ذلك الحين لم يكن الكتاب المسموع قد وصل إلى ما هو عليه حاليا، فقد كان إعداد الكتاب يستغرق وقتا طويلا في تسجيل الصوت ومن ثم مراجعته، وقبل ذلك اختيار الصوت الإذاعي الذي يقرأ النص، ومن ثم الكيفية التي يشد فيها قارئ الكتاب انتباه المستمع الذي دخل في عالم قراءة جديد وغريب أيضا، وثم تأتي قضية إضافة الموسيقى المناسبة لذلك، انتهاء بمرحلة المونتاج والمراجعة الشاملة، وكانت المعضلة الأكبر تتمثل في إيجاد الجهاز الخاص باستخدام النصوص المسموعة وكيفية استخدامها، رغم ذلك حصل إقبال ليس بقليل في استخدام النصوص المسموعة، خصوصا أن لها فوائد عدة في مقدمتها تيسير القراءة لمن أصبح النظر لديهم في غاية الضعف والوهن، كما أن القراءة تكون أسهل عند استخدام وسائط النقل المختلفة، وبما أننا نختلف عن الكثير من الشعوب، إذ نادرا ما نحمل الكتب في أسفارنا وتنقلاتنا، فقد حاول العاملون في ميدان الكتاب المسموع سدّ هذا الفراغ بطرق حديث وميسرة، وكانت بدايات الكتاب المسموع تقتصر تقريبا على الروايات وقبل ذلك الشعر بمختلف اتجاهاته، وشمل ذلك قصائد مختارة لمشاهير الشعراء ثم دواوين لشعراء مشهورين، قبل أن تقتحم عوالم المعرفة والثقافة وفنون الأدب الأخرى.
على الطرف الآخر توجه كثير ولهذا العالم الجديد والمثير للاهتمام، فقد وضعت مؤسسات عديدة خططا لإنتاج مكتبات كاملة عامة ومتخصصة من الكتب المسموعة، وازداد التوجه لبناء منصات معرفية يستطيع القراء العثور على مبتغاهم من الكتب المسموعة والاستماع إليها بكل يسر وسهولة.
وتشهد مواقع الإنترنت وبمختلف اللغات ثورة في عالم الكتاب المسموع، وينطلق المهتمون في هذا المجال من الحاجة الماسة لإنتاج الكتب بهذه الطريقة بعد أن ظهر جيل يتعاطى مع القراءة الرقمية في كل شيء، وتراجعت عملية طباعة الكتب الورقية وتوزيعها بسبب انتشار الكتب الرقمية بصيغة (البي دي اف)، يضاف إلى مكمل ذلك المتمثل بالكتاب المسموع.
يوفر الكتاب المسموع فرصة حقيقية وذهبية لطالبي المعرفة لغرف ما يريدون بسهولة ويسر ومتى ما أرادوا.