مقالات

علوٌّ في الحياة وفي الممات

 
 
أ.د. محمد الدعمي
 
قلما تحظى الشواخص التاريخية من قادة وفاعلين اجتماعيين، بل وحتى الأفراد الأدنى موقعا على السلم الاجتماعي، أقول قلما تحظى هذه الأسماء بالاتفاق المطلق في الذكر الحسن، فغالبا ما تميط مغادرة مثل هذه الشواخص اللثام عن انقسام متباين بين مادح وذام، محب وكاره. إلا أن المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ السلطان الراحل “قابوس بن سعيد” قد استقطب المحبة والاحترام المطلقين، داخل السلطنة وخارجها، دون أية لوثة سلبية (لا سمح الله) تبقى ثابتة على قيده.
وتأسيسا على الملاحظة أعلاه، لا بد للمرء أن يستذكر المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ السلطان “قابوس بن سعيد”، خصوصا بعد أن حضرته المنية، إذ خرج شعبه العماني الوفي يذرف الدموع على مؤسس السلطنة في عهدها الحديث الجاري، مرتجعا إلى الفعل السحري الذي يحققه الإخلاص والتفاني في العمل القيادي، كما جسدهما الراحل، أنموذجا مُسلِّما الأمانة لخليفته الشاب الواعد جلالة السلطان هيثم بن طارق (حفظه الله ورعاه)، وهو يباشر الآن آفاق المستقبل، تأسيسا على الحاضر المزدهر الذي غادره السلطان المؤسس بلا نقيصة ولا خلل (والحمد لله). لذا، لن تكون آفاق المستقبل مبتناة من نقطة الصفر، لأنها ستعلي البناء العماني نحو الأعالي خطوة فخطوة، ناهيك عن العملية المهمة المتجسدة في “الحفاظ على النصر”، كما يقال في تواريخ الحروب والارتطامات العسكرية، ذلك أن البناء، هو الآخر بحاجة إلى الإدامة وإلى الترميم على نحو متواصل، منعا للتآكل وتجنبا للتراجع والنكوص اللذين قد يحيقان بأي تقدم، مهما كان نوعه.
لذا، نعقد وأشقاؤنا العمانيون والعرب عامة الآمال الكبار على جلالة السلطان الشاب هيثم بن طارق (حفظه الله ورعاه) وهو يواصل المسيرة التاريخية للسلطنة الزاهرة التي رحنا اليوم نباهي بها وبتقدمها أمم الأرض جميعا، متأملين، بكل صدق وإخلاص، أن يبقى ذكر المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ السلطان قابوس (رحمة الله على روحه الزكية) عاليا ومعظما كما دائما كان وهو على قيد الحياة.