مقالات

مع غياب السيادة.. كيف نهزم الكورونا؟

باسم برهوم

ربما تكون مقولة “السياسة فن الممكن” هي الأكثر ملاءمة للواقع الفلسطيني، الذي تواجه فيه الحكومة جائحة الكورونا. في ظل غياب السيادة، وعدم سيطرة الدولة على ارضها ولا على حدودها. وفن الممكن في السياسة هو مبدأ واقعي وليس الهدف منه الاستسلام للواقع بل السيطرة ومن ثم التغيير دون ارتكاب اي مغامرة.

ولكي لا نبالغ وننشغل في جلد انفسنا، وإضاعة الوقت في تبادل التهم بين الحكومة والمواطن،  علينا ان نركز على ما هو ممكن وعملي لمواجهة الكورونا في ظل واقع على الأرض غاية في التعقيد. كما يجب ان نأخذ بالاعتبار، ونحن نبالغ في جلد الذات، ان دولا ذات سيادة، دولا عظمى سقطت في امتحان الكورونا، وبدت حكومات ورؤساء مثارا للسخرية، لكونهم كانوا يقنعون شعوبهم ان لديهم عصا سحرية  لكل المشاكل الى أن جاءت الكورونا وكشفت مدى هشاشتهم.

ما هو الممكن والعملي في ظل غياب السيادة وعدم القدرة على التحرك وتنفيذ السياسات والقرارات؟ خلال حياتنا اليومية نتناسى نحن الفلسطينيين او نرغب في الشعور بنسيان الاحتلال والواقع الناجم عن وجوده فوق صدورنا، وهذا النسيان هو ضرورة أحيانا كي نستطيع ان نعيش ونصمد.

ومن وجهة نظري ان الممكن يبدأ بادراك الواقع وفهمه جيدا حكومة ومواطنا، لأن هذا الفهم يجعلنا نتخلى عن سلبيتنا وان نكون متعاونين ومتضامنين. اما من جانب الحكومة فإن الممكن  في ظل غياب السيطرة القيام يلي:

اولا: في المدن والبلدات التي فيها سيطرة تامة ومن اجل خلق التوازن بين الصحة والاقتصاد، على الحكومة ان تفرض وتراقب بحزم اجراءات السلامة وقد باتت معروفة للجميع، لبس الكمامة حال الخروج من البيت، مع الاحتفاظ بالمعقمات مع الشخص اينما يذهب، وان تتم مراقبة تحقيق التباعد في الاماكن العامة وتطبيق ذلك تطبيقا صارما.

ثانيا: منع التجمعات بشكل قاطع، ومن دون اي مرونة في التطبيق والمراقبة، وهذا يشمل الاجتماعات التي تزيد عن عشرين شخصا. ويشمل الاعراس والعزيات وكل أشكال الحفلات.

ثالثا: في المناطق الريفية المصنفة بي وسي، على الحكومة بما لديها من صلاحيات واجهزة وبدعم من التنظيمات والمجتمع المدني ان تشكل هيئات ولجانا شعبية تقوم بدعم المجالس المحلية في مراقبة وتطبيق الإجراءات، وتتم متابعة الوضع وتقييمه يوميا عبر تقارير تقدمها هذه الهيئة او اللجنة الشعبية الى الحكومة وهذه الاخيرة تتابع أولا بأول المستجدات.

رابعا: الجائحة تشكل فرصة لاعادة النظر بواقع قطاع الصحة، من حيث البنى التحتية والمعدات والكادر والسياسات والرواتب، وخلال ذلك يتم وضع كل ثقل وجهد الحكومة خلف القطاع الصحي وتزويده بكل ما يلزم.

خامسا: تفادي اي تخبط في قرارات الحكومة بشأن الكورونا. فخسارة المعركة تبدأ مع فقدان المصداقية، وطرح سقوف عالية. ان اطلاع الجمهور على القدرة والإمكانيات الحقيقية يساعد على خلق حالة التضامن والتكافل والالتزام با لإجراءات.

سابعا: كما عليها القيام بعملية التثقيف والتوعية الدائمة لمخاطر الفيروس وكيفية تفاديه. هذه المهمة ليست مهمة الحكومة والاعلام الرسمي فقط، بل هي مهمة الفصائل والمجتمع المدني ايضا، وعلى الأخير ان يقوم بدوره بإيجابية وألا يجلس على المقاعد ويكتفي بتوجيه النقد ومناكفة الحكومة.

ثامنا: أما المواطن فعليه أن يدرك أنه يتحمل مسؤولية سلامته وسلامة المجتمع، فعليه ان يلتزم التزاما تاما بالاجراءات، وعليه ارتداء الكمامة بشكل صحيح فهي ليست ديكورا او انها رخصة للمرور، فهي مسألة حياة او موت.

إن هناك امكانية لمواجهة الجائحة والتغلب عليها حتى في ظل واقعنا المعقد اذا كنا متحدين ومتعاونين وصارمين في تطبيق اجراءات السلامة. والاهم من ذلك كله أن ندرك اننا في لحظة سياسية مصيرية هي بحد ذاتها تقتضي الوحدة والتضامن.