النصر على “داعش” نصر على الارهاب.. ومقدمة لانتصارات اخرى

1

 
عادل عبد المهدي
اعلان يوم النصر على “داعش” هو اعلان لانتصار العراق الجديد، وبدء انتصار المنطقة والعالم على الارهاب. انه اولاً وقبل كل شيء انتصار لشهدائنا وجرحانا وتضحياتنا ونازحينا ومهاجرينا، وانتصار لمسيراتنا رغم الانتحاريين والمتفجرات والقتل الجماعي، وانتصار لدعواتنا وصبرنا وعنادنا يوم لم يبقَ معنا غير التوكل على الله وقلة قليلة من الشعوب والدول والقوى.. يوم فقد كثيرون ثقتهم بالعراق وشعبه، وتكلموا وكتبوا عن نهايته. انه انتصار لمكانة وفتوى المرجعية الدينية العليا التي انقذت العراق والعالم في احرج الظروف.. فقبل 42 شهراً كانت “داعش” تهدد بغداد والعراق والمنطقة والعالم، واليوم يعلن السيد رئيس الوزراء عن تطهير الارض العراقية من اخر البؤر المنظورة لهذا السرطان الخبيث.. انه انتصار للدستور العراقي، الذي رغم كل الخلافات التي قيلت بشأنه، لكنه استطاع الحفاظ على وحدة العراق، وعلى ارساء مبادىء واسس نظمت السلوك العام للدولة والشعب والقوى رغم كل الخروقات.. انه انتصار لرجالنا ونساءنا وشيوخنا واطفالنا، وادياننا وقومياتنا ومذاهبنا وثقافاتنا وقوانا واعلامنا ومساجدنا وحسينياتنا وكنائسنا ومعابدنا وزياراتنا ومجالسنا ومنابرنا ومظاهراتنا وتجمعاتنا وفعالياتنا، التي وقفت بعناد وقوة، وصبرت وقاومت، وقدمت التضحيات الغالية لتحقيق النصر.
في هذا اليوم المجيد لابد ان نحيي قواتنا المسلحة وحشدنا الشعبي والعشائري وبيشمركتنا وكل القوى العراقية التي قاتلت بالسلاح والكلمة والموقف من اجل دحر “داعش”.. وفي هذا اليوم المجيد لابد ان نحيي ايران ولبنان (بما فيه حزب الله) وسوريا (بما فيها النظام والمعارضة المعادية للارهاب) وروسيا والصين، والولايات المتحدة واوروبا وتركيا ومصر والاردن ودول الخليج والتحالف الدولي والامم المتحدة وبقية الدول العربية والاسلامية وفي العالم، التي رغم كل الخلافات الاقليمية والدولية، ورغم التوافقات او الاختلافات في اوقات او مواقف، معها او فيما بينها.. لكن المحصلة ان “المغناطيس” العراقي استطاع جرها بشكل او باخر لتساهم بطريقتها، لدحرهذا العدو الشرير الذي يهدد العراق والمنطقة والعالم. هذه قوة وادي الرافدين عندما يلتقي عنده الجميع بكل توافقاتهم وتضاداتهم.. وهذا هو ضعفه عندما يصبح محوراً وميداناً لصراع الاخرين، فيتمزق نسيجه وتدب الصراعات بين ابناءه.
انه بحق يوم تاريخي.. وانه بحق درس تاريخي، وكيف يمتلك العراق مقومات تسمح له بالانتصار على اكبر التحديات، وان يقدم للعالم عراقاً جديداً خالياً من الارهاب والعنف، ومتعايشاً مع نفسه وخارجه، ليستعيد دوره الحضاري والعلمي كمركز متقدم يخدم شعبه وشعوب المنطقة والعالم اجمع. فيغرد فيلسوف “نهاية التاريخ” فرانسيس فوكوياما، في 6/12/2017 “خلافاً للتوقعات قد يكون العراق على وشك التحول الى قصة ناجحة (ولو متواضعة). فالحرب تصنع الدولة، والدولة تصنع الحرب”. لهذا رفضنا تلك الموجة التي ارادت تسقيط وتخوين الجميع، والسخرية من كل شيء، وعدم رؤية قساوة التحديات وتعقيداتها، والاستهانة بالمقاومة ومنهجها “السيستاني” لشق طريق النصر والنجاح.
واجبنا ان نحيي ادارة السيد رئيس الوزراء والحكومة العراقية لهذا الملف المعقد وسط هذه المتضادات والصعوبات، واداء مجلس النواب والقضاء وبقية مؤسسات المجتمع والدولة والمحافظات واقليم كردستان. نعلم ان كثيرين يفضلون الكلام عن الضعف والقصور والتقصير.. ونكث الجراح، لا معالجتها، ويفضلون لغة التجريح والتشكيك والتسقيط وتقديم السلبيات على الايجابيات، والخلافيات على المشتركات. ويفضلون رؤية ايجابياتهم الذاتية وانجازاتهم، ويتناسون سلبياتهم واخطاءهم، ويظهرون سلبيات واخطاء الاخرين وينسون ايجابياتهم وانجازاتهم.. وهو نهج يدمر ولا يبني.. ولا يساعد على اصلاح النواقص والاخطاء، ولا يشجع ويدعم الايجابيات. فالانتصارات والنجاحات لا تتحق بدون زرع الامال، وبث روح الثقة باننا نستطيع تجاوز بقية الصعوبات الخدمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فاذا كان بالامكان الانتصار على “داعش” خلال 42 شهراً، حالما وضع العراق نفسه في الموقع الصحيح، وحدد اهدافه بالاتجاه الصحيح، وتوكل على الله ووثق بقدراته، فانه يستطيع ايضاً تحقيق انتصارات باهرة لانجاز بقية المهام، وان يحقق لنفسه ومنطقته كل ما يسمح للارتقاء مجدداً في سلم التقدم والعيش الحر الكريم.

التعليقات معطلة.