تنمية الشراكة المجتمعية لمستقبل مستقر

1

بشار الكيكي

هناك صراع عميق وقوي بين المكونات العراقية وهي نتاج صراعات قديمة استمرت طويلاً لعدم وجود إرادة جماعية في بناء دولة المواطنة الحقيقية.

مرحلة مابعد ٢٠٠٣ لازالت تبحث عن ملامحها وهي غير مستقرة فمحاولات السيطرة المركزية أقوى واكبر من محاولات الشراكة المجتمعية وان كافة مشاريع المصالحة فشلت في ترسيخ روح المواطنة الحقيقية في نفسية الفرد العراقي والسبب الرئيسي هو غياب العقلية المدنية الواعية الغير متأثرة بإغراءات السلطة وغلبة العقلية السلطوية، فماجدوى استخدام القوة العسكرية اذا لم تكن هناك حلول جذرية مجتمعية تنتزع فتيل الأزمات في بداياتها ؟

الحلول تكمن اولا في استبعاد التقسيم المسبق لمواطني البلد الواحد على اسس دينية وقومية وطائفية، والعودة الى تكريس مفهوم المواطنة المتساوية في الاعلام والمناهج والقوانين،والحياة بشكل عام.

الازمات في العالم العربي والاسلامي عموما تكمن في طريقة التفكير وليس في البشر،لان البشر يولدون احرارا بلا احقاد ولاكراهية تجاه الاخرين إلا انه يتم تلقينهم في البيت والمدرسة ودار العبادة ومناحي الحياة الاخرى. وهذا يعني ان الارضيّة مناسبة جدا لنمو التطرّف الفكري المركب.

– الحلول السياسية غير مجدية

الأحزاب السياسية وواجهاتها من المنظمات والاتحادات والنقابات تليها القوات العسكرية لم تنتهج استراتيجية شاملة لبناء السلام والاستقرار ولم يعد اجراء الانتخابات يجدي نفعا سوى ان إجراءها أفضل من عدمها ومع الأسف الشديد ان الأحزاب لم تكن جريئة وصريحة في التفاعل مع المواطنين وكانت ولازالت غايتها الكسب الانتخابي اولا.

ان العراق يمتلك موارد متعددة بحيث تمكنه من توفير مستلزمات العيش الطبيعي لمواطنيه. لكن الأحزاب أنتجت صراعات جديدة في المجتمع وقسمت المقسوم وظهرت طبقة جديدة من السلطة المجتمعية بغطاء حكومي وحزبي. إذاً لابد من تعزيز دور القضاء وتخصيص موازنة كبيرة للصحة والتربية والتعليم العالي والرعاية الاجتماعية وهنا يكمن دور الأحزاب في توعية المواطنين ولكن قبل ذلك يجب على قيادات هذه الأحزاب مراجعة عملية إعداد الكوادر المجتمعية القادرة على توعية المواطنين بحقوقهم وليس الضحك عليهم.

ان غالبية الأحزاب السياسية تعاني من ضعف إعداد الكوادر ومعاييرها في التقييم لاتنسجم مع الواقع الحالي لأن المصلحة الشخصية هي الغالبة ويمكن تعزيز دور الأحزاب بالانفتاح على الشباب الواعي.

_ السلام والنزاعات المسلحة

إنهاء النزاع المسلح لايعني بناء السلام وانما يعني معالجة حالة معينة من الخلافات وعندما نتكلم عن بناء السلام فنحن نعني السلام المستدام.

ان المعايير المتبعة في تثبيت أسس السلام الدائم بحاجة الى تطبيق فعلي وارادة حقيقية لانهاء حالة اللا استقرار في مجتمعنا وهذه الارادة بحاجة الى حقنها بالوعي والمعرفة والاساليب الحديثة في ترجمتها الى واقع مستقر غير قابل للتدهور مستقبلاً وهذا يعني ان المنظومة الفكرية الحالية غير مهيئة فعلياً لمثل هذه الاجراءات المصيرية بسبب قوة وعمق تداخل وتدخل السياسة الخارجية في الحالة العامة للبلد، اضافة الى انتشار الفساد في اغلب المفاصل ناهيك عن وجود قوى مستفيدة من الاوضاع القائمة لا ترغب بالتغيير لاسباب عديدة وهذه الرغبة هي العقبة الخفية التي تعيق مسيرة الاصلاح وارساء السلام الفعلي وهنا يأتي دور الشباب الواعي والطبقة المثقفة في تغيير هذا الواقع وهذا الفكر لآفاق أخرى بعيدة عن التدهور قريبة من الاصلاح الشامل الذي يضمن الانتهاء من هذا الوضع والبدأ بسلسلة من الاجراءات المجتمعية لتغيير الطريقة والاساليب الباهتة التي آثبتت فشلها طوال العقود المنصرمة .

_ ما المطلوب ؟

مما سبق نجد بأن المرض مستفحل او في طريقه الى الاستفحال وهذا الامر يتطلب مراجعة شاملة لطريقة المعالجة السياسية التي تتبعها الحكومة والاحزاب وايجاد طرائق عملية لعلاج الوضع القائم بكل تداعياته حتى وان تطلب ذلك تأخير اجراء الانتخابات بهدف وضع خارطة طريق شاملة للاصلاحات يكون هدفها والمحور فيها هو تحسين وضع المواطنين المعيشي و الأمني.

التعليقات معطلة.