كتب / عبد الخالق فلاح …
خطاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الدورة الثانية والسبعين للامم المتحدة المتشنج بدل ان يوحي الى بناء علاقاته مع دول العالم كافة، والالتزام بعدم الدخول في سياسة المحاور، والصراعات سيذهب مع الزمن، وتبقى الدول بشعوبها، وحكومتها قوية، وفي انه يدرس إمكانية إعادة النظر في الاتفاقية النووية مع إيران فعليه الكثيرة من علامات الاستفهام ، لان من الصعب على الولايات المتحدة، فسخ الاتفاقات من جانب واحد، فالاتفاق يعبر عن موقف موحد لكل من الاتحاد الأوروبي، اضافة الى روسيا والصين مما يعني باستحالة إلغاء الاتفاقية لان فيها اطراف متعددة ولها مصالح مشتركة واصبحت اكثر قرباً من طهران .
ولم يكن يوماً الرئيس الامريكي دونالد ترامب يختلف في حاله عن الرؤساء السابقين في ان يتعاطف مع إيران ابداً وهذا واضح للجميع فمنذ الثورة الايرانية كانت كل حملاتهم الانتخابية زاخرة بالتصريحات المعادية للجمهورية الإسلامية. ويتم تحميل طهران من دون أي أساس المسؤولية عن مصائب المنطقة كافة. ورئيس البنتاغون الحالي جيمس ماتيس، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو وكذلك وزير الخارجية ريكس تيلرسون – جميعهم يحملون مشاعر العداء لإيران .وقد اتهم ترامب الجمهورية الاسلامية الايرانية بأنها تلعب دورا في زعزعة الاستقرار في المنطقة و وصف وزير الخارجية ريكس تيلرسون الصفقة النووية مع إيران بأنها \”دليل آخر على محاولة شراء سلطات البلد الذي لديه طموحات نووية\” مشيرا تيلرسون إلى أن طموحات إيران النووية تشكل تهديدا كبيرا للأمن والسلام العالمي، وأن المعاهدة مع إيران لم تحقق الأهداف المرجوة لامريكا ، ولكنها أبطأت فقط في عملية تحول ايران إلى دولة نووية\”،وقد ذكر في اكثر من مرة بأن الجمهورية الاسلامية الايرانية تمثل الخطر المحدق في المنطقة وتناسى الوزير الامريكي تيلرسون جرائم الحرب على يد القوات الأمريكية في حق المدنيين في العراق وسورية وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال، في صور قصف جوي ضد العُزل أو اغتصاب النساء والØ!
ومن المستحسن الاشارة إلى أن توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاقية النووية) تم بتاريخ 15/07/ 2015 بين طهران وكل من روسيا، الولايات المتحدة، بريطانيا، الصين وألمانيا. والاتفاقية ذات أهمية مبدئية، وقد تمت الموافقة عليها بموجب قرار خاص من قبل مجلس الأمن الدولي. وينص على سماح السلطات الايرانية بزيارة المفتشين الدوليين لمنشآتها النووية، مقابل التزام الغرب برفع العقوبات عنها وقد عملت بالكثير منها . المرحلة المقبلة هي مرحلة توتر في العلاقات بين البلدين، لكن ترامب لن يستطيع ان يفعل على الأقل على المدى المنظور أكثر من فرض عقوبات من المحتمل ان تكون معظمها رمزية اكثر من كونها عملية. و من الصعب حصول حرب، أو التنبؤ بسلوك ترامب، لكن العالم اليوم غير مؤيد لسياسات ترامب، حتى حلفاؤه في الإتحاد الأوروبي الذين كانوا يؤيدون الحروب الأمريكية في المنطقة ، اليوم لا أحد منهم مؤيد لأي حرب في المنطقة ومع ايران خصوصا أن الأوروبيون مستعجلون لبناء علاقات اقتصادية وتجارية مع ايران وهم مستمرون في عقد الصفقات ، ما يؤكد أن هذا الموقف سيكون معزولا ومن المستبعد أن يذهب ترامب الى حرب في هذه الطريقة الإرتجالية . و سبق لايران تجربته والعقوبات فرضت عليها منذ انتصار الثورة ولكن لم تغير شيئ من مواقفها الثابتة ، لهذا السبب فإن الأمر لن يغير شي!
ئا على المستوى الإقتصادي، لكن على المستوى السياسي هو أمر يرفع العلاقة على مستوى التوتر ويضرب كل الإتجاهات التي كانت تعتقد بأن الحوار مع الولايات المتحدة هو أمر منتج .على كل حال فان الشعب الايراني يستمر في دعم الاتفاق ويسعى الى زيادة الانفتاح على العالم الخارجي وهذا ما لاحظنا خلال الفترة الماضية من خلال زيارات المسؤولين من دول مختلفة وتم عقد المزيد من الاتفاقات التجارية وتوطيد العلاقة مع تلك البلدان ، الذين يشعرون برضا كبير عن التزام ايران بخطة العمل الشاملة المشتركة.
ان الاتفاق النووي ذاته ليس مثاليا رغم انه يمنع ايران من تطوير اسلحتة النووية وقد يؤدي فشل الاتفاق الى خطوة الى الوراء ولكن لا يعني الفشل انما تكسب العالم لمصداقيتها لاسيما انها تتطلع إلى وقوف الدول الصديقة كافة لدعم استقرار الأوضاع في المنطقة، ونشر أجواء الوئام، والأخوة، والمحبة، وهي تسعى لإيجاد علاقات الطيبة مع كل الدول بعيداً عن التدخلات الأجنبية وعملت دائماً على التقارب مع الدول الإقليمية، والدولية، و لا تشكل خطراً على أحد ووقفت بوجه الارهاب وهي في المقدمة ، والاسوا من ذلك انه في حال تسببت العقوبات في فشل الاتفاق فان الولايات المتحدة هي التي ستخسر و ستبدو مستحقة للوم في نظر المجتمع الدولي لعدم الالتزام بالعقود والمواثيق .