عيون وآذان(الأمير تشارلز إنسان نبيل)

1

جهاد الخازن
ثارت ضجة هائلة حول الأمير تشارلز، ولي عهد بريطانيا، بعد نشر رسالة بعث بها إلى صديقه لورنز فان در بوست عام 1986 وتحدث فيها عن «اللوبي اليهودي».
سأترجم الرسالة هنا. الأمير تشارلز يقول:
عزيزي لورنز،
أنا في طريقي إلى قبرص وإيطاليا بعد المرور في قناة السويس. ثلاثة أيام جميلة في البحر.
هذه الرحلة كانت مثيرة وتعلمت منها الكثير عن الشرق الأوسط ووجهة النظر العربية.
حاولت أن أقرأ أجزاء من القرآن وأنا مسافر والقراءة أعطتني نظرة داخلية عن كيف يفكرون ويعملون.
لا أعتقد أنهم يستطيعون فهمنا عن طريق التوراة. أعجبت كثيراً ببعض نواحي الإسلام، خصوصاً التأكيد على حُسن الضيافة والوصول إلى الحاكم.
أيضاً بدأت أفهم وجهة نظرهم عن إسرائيل. لم أكن أعرف أبداً أنهم يرونها مستعمرة أميركية.
الآن أدرك أن العرب واليهود كانوا جميعاً في الأصل شعوباً ساميّة لكن تدفق اليهود الأوروبيين، خصوصاً من بولندا كما يقولون، أسهم في خلق مشكلات كبيرة.
أدرك أن هناك قضايا معقدة كثيرة ولكن كيف يمكن أن ينتهي الإرهاب إذا لم تنته أسبابه.
بالتأكيد رئيس أميركي يجب أن يملك الشجاعة للوقوف في وجه اللوبي اليهودي في أميركا. لا بد أنني ساذج كما أتوقع.
تشارلز

«الديلي ميل» نشرت الرسالة وخبراً حولها بدأ بالقول إن الأمير تشارلز تعرض لانتقاد شديد بسب موقفه من إسرائيل واللوبي.
أنا أؤيد كل كلمة قالها الأمير تشارلز وأستطيع أن أزيد عليها كثيراً مما أعرف عن احتلال فلسطين وتشريد أهلها أو قتلهم. هناك يهود طلاب سلام حول العالم لكن الحكم في إسرائيل في أيدي متطرفين من أقصى اليمين وماء العالم كله لا يمسح دم الأطفال الفلسطينيين عن يديّ بنيامين نتانياهو.
الإرهاب في فلسطين بدأ مع اليهود وهو مستمر مع حكومة إسرائيل. مَنْ قتل الكونت برنادوت، الوسيط الدولي؟ مَنْ قتل أهل دير ياسين، مَنْ قتل 518 طفلاً فلسطينياً في حرب نتانياهو الأخيرة على قطاع غزة؟ هل أحتاج أن أسأل؟
الأمير تشارلز إنسان طيب مُنِحَ في دافوس جائزة المئة لحوار الأديان، وقدم الجائزة له في كلارنس هاوس الأمير تركي الفيصل واللورد كاري. قلت له إن حوار الأديان فشل وهو أصرّ على أن نستمر، ودار نقاش حول سبل التقريب بين الأديان وأصرّ الأمير تشارلز على أن نستمر في العمل.
كنت في مقال سابق تحدثت عن سيرة حياة الأمير تشارلز كما وردت في كتاب بيدل سميث وعنوانه «الرجل الغريب الأطوار الذي سيصبح ملكاً». أيضاً عندي كتاب آخر يضم خطابات له. وأصر على أنه إنسان ذكي يهتم بالبيئة ولم أرَ فيه أي غرابة أطوار، بل عفوية تجعله يقول ما يشعر به.
الأمير تشارلز الآن ينوب عن أمه الملكة إليزابيث الثانية في تأدية مهمات المنصب، وقبل أيام ناب عنها، وهي موجودة، في وضع إكليل من الزهر على نصب قتلى الحرب من البريطانيين. النصب في الأصل كان لإحياء ذكرى «الحرب العظمى» أي الحرب العالمية الأولى، إلا أنه الآن أصبح يمثل قتلى كل حروب بريطانيا.
مرة أخرى، الأمير تشارلز إنسان حسن الأخلاق هادئ يفكر في ما ينفع بلاده أو يضرها، ثم إن عنده عاطفة مقابل شعوب الدول الأخرى، خصوصاً من المحرومين. إذا كان يؤيد الحق الفلسطيني، أو يعارض «اللوبي اليهودي» في أميركا فهذا موقف نبيل أؤيده من كل قلبي.

التعليقات معطلة.