كي لا تتحول دعوات الإصلاح الى «تراث»

1

 
بقلم : قاسم العجرش
معظم دعوات الإصلاح السياسي والإقتصادي والإداري، تتحول بعد برهة وجيزة من إطلاقها، الى»تراث» ثقافي، يوضع على الرفوف العالية، بإنتظار إطلاق دعوات «إصلاح» جديدة، ستوضع هي الأخرى على رفوف أعلى، وهكذا دواليك..!
 
هذا الوضع يدفعنا كصناع للرأي، الى أن نطلق فكرة من نمط خاص، نعتقد أن إمكانية التعاطي معها ومن ثَمَ نجاحها، لها نصيب كبير من الحظوظ..
 
لكن قبل إطلاق فكرة مؤتمر وطني للإصلاح، يحق لنا أن نتساءل؛ هل يمكن لنا أن نقوم باصلاح سياسي، في أحضان البيئة السياسية القائمة الان في العراق؟
 
سبب هذا السؤال الذي تبدو الإجابة عنه سهلة وصعبة في آن واحد، هو لأننا يئسنا من إتفاق حقيقي بين الكتل السياسية، ولأننا نعتقد أنه يجب إخراج مصيرنا، من بين أيدٍ لم تستطع أن تتصافح على الخير.
 
لكي يتم إنضاج فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي، يتعين على أصحاب الرأي، وكل الحريصين كافة على أن تمضي سفينة الديمقراطية في العراق، نحو شواطئ الطموح، مبحرة في مياه غير مضطربة، الى أن يقدموا أفكارا محددة في هذا المجال، إذا وجدوا أن الفكرة صائبة أساسا.
 
عملية جس نبض لعدد من الفعاليات السياسية والنخب الإعلامية، وجدت تفهما للفكرة، بل أن بعضهم تحمس لها، وطرح آليات وأفكاراً معقولة وبعضها كبير.
 
بالمقابل فإن الفكرة لن تروق لكثيرين، خشية من أن يتحول المؤتمر، الى مرجعية شعبية ضاغطة؛ على القوى السياسية وعلى المؤسسات التمثيلية، لكن المفارقة أن هذا هو بالضبط ما نأمله؛ من فكرة عقد مؤتمر وطني للإصلاح.
 
فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح؛ لا تؤسس لمؤسسة بديلة عن المؤسسات الديمقراطية الشرعية، ولكنها تنشئ فضاءا دافئا يحتضن كل الفعاليات، التي لم تجد نفسها في المؤسسات الديمقراطية الشرعية، وتقوم بمهمة تصحيح المسارات لتلك المؤسسات.
 
المؤسسات التمثيلية؛ ليست بمنجى عن الأخطاء إن لم تكن بؤرتها، وأمراض السلطة؛ تتبدى أكثر وضوحا ومضاءا وتأثيرا في تلك المؤسسات، وهي بحاجة دوما الى من يضع عينه عليها، وليس أدعى من مؤسسة تطوعية، لا تكلف المال العام شيئا، لمراقبة الأداء البرلماني والحكومي والرئاسي، ناهيك عن الحزبي والسياسي.
 
الإعتقاد السائد لدى القادة السياسيين؛ بأنهم فوق المساءلة أو أن لهم عصمة نهائية، إعتقاد خاطئ ويؤسس لدكتاتورية النخبة السياسية، مع ما يرافق هذه الدكتاتورية من تداعيات.
 
فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح؛ هي بالحقيقة إستجابة واقعية؛ لضغوط داخلية شعبية، وأخرى من مختلف القوى الوطنية والحزبية والسياسية، التي تطالب بإعادة النظر في شكل النظام السياسي للدولة.
 
المهمة الأساسية التي يجب أن يتبناها المؤتمر الوطني للإصلاح، هي البحث عن أكثر الأنظمة مناسبة لطبيعة دولة مثل العراق، تزخر بالعديد من التناقضات والتباينات، لا سيما وسط متغيرات داخلية وإقليمية ودولية.
 
من بين الموضوعات التي يجب ان تطرح للنقاش، قضايا تتعلق بدستور العراق الفدرالي، وقضية البحث عن المزيد من فصل السلطات، بين السلطات التشريعية والتنفيذية، وفكرة إدارة الأقاليم للموارد العامة الموجودة على أراضيها، وقضايا الفساد، ورسم حدود الخطوط الحمراء، الخاصة بمشاركة عناصر النظام السابق في مسيرة الديمقراطية، وعدم ترك ذلك لإجتهادات شخصية، تخضع لإشتراطات القوى المشاركة بالعملية السياسية..
 
كلام قبل السلام: فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح؛ فكرة ناضجة وتحتاج فقط الى بضعة رجال يشرعون بالخطوة الأولى، وبعدها سيتزاحم المخلصون إسنادا لهم، وربما لا تجد لك موطئ قدم في رحاب الفكرة..!

التعليقات معطلة.