وصفها بـ”خطوة غبية”.. تقرير بريطاني: الحكومة العراقية خلقت أزمة نقدية بتسديد ديونها لإيران بالدينار

1

شفق نيوز/ نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، يوم السبت، عن مسؤولين عراقيين قولهم إن العراق فاقم أزمته المالية وساهم في انخفاض قيمة عملته الوطنية، من خلال قيامه بسداد ديونه لإيران بالدينار العراقي الذي أصبح يعاني منذ شهور مقابل الدولار بعد فرض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي القيود الجديدة على كيفية تعاملات البنك المركزي العراقي بدولارات العوائد النفطية.

وذكّر التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بأن ازمة سيولة ظهرت لاحقا حيث فشلت الحكومة في دفع رواتب الملايين من موظفي القطاع العام، ومخصصات التقاعد والتقديمات للمستفيدين من برامج الرعاية الاجتماعية.

واوضح التقرير ان العراق كان احد اكبر مستوردي البضائع الايرانية خلال العقدين الماضيين، وخصوصا الغاز والكهرباء والمواد الغذائية ومواد البناء، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 14 مليار دولار.

العقوبات الأمريكية

وتابع التقرير، أنه بسبب العقوبات الامريكية المفروضة على إيران في 2018، واجه العراق صعوبات في ان يدفع المستحقات المالية المترتبة عليه لإيران ما بين الأعوام 2019-2021.

ولفت التقرير الى ان ايران قطعت في بعض الأحيان، إمدادات الكهرباء والغاز في منتصف فصل الصيف، للضغط على العراق من اجل دفع هذه الديون، التي بلغت قيمتها أكثر من 1.6 مليار دولار من مشتريات الغاز والطاقة وحدها بين عامي 2019 و2021.

ونقل التقرير عن مصادر مطلعة قولها ان معظم او كل هذا الديون، قد تمت تسويتها مع سداد الدفعة الاخيرة في تشرين الاول/ اكتوبر العام 2022.

الدينار العراقي بدلاً من الدولار

وتابع التقرير أنه بدلا من المدفوعات بالدولارات التي كانت تتلقاها إيران قبل فرض العقوبات عليها، قامت بغداد بتسديد ديونها بالدينار العراقي.

ونقل التقرير عن مسؤولين عراقيين قولهم إن نظام الدفع الجديد تم وضعه بهدف تجنب التظاهرات المناهضة للحكومة التي كانت ستندلع بشكل حتمي بسبب خفض الخدمة الكهربائية في العراق.

وأوضح التقرير ان ايران تمكنت من تحويل هذه الدنانير الى دولارات، وذلك من خلال استخدام مزاد العملة الذي يشرف عليه البنك المركزي العراقي.

واضاف التقرير انه منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، فرض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يحتفظ بالاموال التي يكسبها العراق من مبيعات النفط ويحولها الى بغداد، قيودا جديدة هدفها منع إيران من الوصول الى هذه الدولارات ومكافحة تبييض الاموال.

وذكّر الموقع البريطاني بأنه كان قد اشار سابقا الى قيام أطراف، بما في ذلك دول عليها عقوبات ومجرمون، باكتشاف وسائل جديدة من أجل الحصول على الدولارات، مثل السوق السوداء وتهريب الدولار عبر اقليم كوردستان.

ضغوط إضافية على الدينار

والان، يقول التقرير انه مع تجنب إيران وغيرها صرف الدينار من خلال المزاد، اصبح العراق غير قادر على مبادلة دولاراته بالدنانير التي يحتاجها لتلبية احتياجاته وهو ما فرض ضغوطا اضافية على الدينار.

وبعدما أشار التقرير الى ان سعر الدينار في السوق السوداء ارتفع في كانون الثاني/ يناير الماضي، من 1480 ديناراً الى 1700 دينار للدولار الواحد في تشرين الاول/ اكتوبر 2022، نقل عن صرافين قولهم ان هذه التقلبات “مرعبة”، موضحين أن هناك منافسة كبيرة على الدولار مع استعداد المضاربين لدفع “أي ثمن”.

وتابع التقرير أنه في الوقت نفسه، فإن أسعار السلع الاستهلاكية استمرت في الارتفاع.

تخفيض سعر الدولار

ولفت التقرير إلى ان الحكومة العراقية اتخذت مجموعة من الإجراءات من أجل السيطرة على سعر الصرف، بما في ذلك خفض السعر الرسمي الى 1300 دينار، وانه برغم انخفاض السعر في السوق السوداء الى حوالي 1500 دينار، الا انه ما يزال يتقلب بحدة.

واعتبر التقرير ان تأثيرات تسليم إيران مبالغ كبيرة من الدنانير بينما هي -اي طهران- ليست قادرة على المتاجرة بالدولار، ما تزال محسوسة بتأثيراتها.

ونقل التقرير عن مسؤول عراقي كبير قوله إن “سداد الدين العراقي لإيران بالدينار العراقي، لم يكن خطوة محسوبة. الازمة المالية التي نعاني منها في الوقت الحالي، سببها هذه الخطوة الغبية”.

وتساءل المسؤول العراقي مستغربا “ماذا اعتقد أصحاب القرار بما ستفعله إيران بهذه الكميات الضخمة من العملة العراقية وهي بحاجة ماسة الى الدولار الامريكي؟ هل كانت ستوزعها كهدايا للعراقيين ام انها ستقوم باستثمارها في السوق العراقي؟”.

واضاف ان “تفكيرهم اقتصر على تحقيق نجاحات خيالية سريعة ليبرهنوا أنهم الأكثر قدرة على التعامل مع المشكلات المستعصية للعراق، ولهذا، أخرجونا من البئر ورمونا في البحر”.

المال مقابل الغذاء والدواء

الى ذلك، اشار التقرير الى ان العراق ينفق، بشكل رسمي، حوالي 900 مليون دولار شهريا على استيراد البضائع الايرانية، وفقا لمسؤولين إيرانيين، وان 50% من ذلك هو مقابل واردات متعلقة بالكهرباء والغاز من إيران.

وتابع ان واشنطن كانت تدرك للوضع غير المستقر في العراق، ولهذا فانها اعفت العراق من عقوباتها على ايران، الا انه منذ اليوم الاول، ظهرت مشاكل تتعلق بكيفية دفع ثمن المشتريات.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة وافقت على التنازل عن العقوبات فقط في حال قام العراق بإيداع الأموال في مصرف التجارة العراقي على اساس ان ايران ستستخدمها لاحقا لدفع ثمن الغذاء والدواء.

وبحسب مسؤول عراقي، فإن “هذا لم يكن كافيا بالنسبة لإيران، حيث ان حركة الحساب خاضعة للسيطرة الأمريكية”.

وتابع التقرير انه بدلا من ذلك فإن ايران طالبت بطريقة اخرى لتلقي أموالها، واستخدمت التهديدات لإمدادات الطاقة كوسيلة للضغط على بغداد من اجل ان تنال ما تريد.

وبعد الاشارة الى تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر  2019، وكيف ان نقص الطاقة تحول الى أزمة وجودية للسلطات العراقية، ثم مجيء مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة، قال التقرير ان الكاظمي سعى من اجل ايجاد حلول سريعة للمشاكل المستعصية التي يعاني منها العراق، بما في ذلك قضية الديون الايرانية.

واضاف التقرير انه في نيسان/ أبريل 2022، عندما عم الفراغ السياسي بعد الانتخابات تشرين الاول، اقترح الصدريون قانون الطوارئ ليكون بمثابة ميزانية مصغرة، مشيرا إلى ان الديون المستحقة لإيران والتي تراكمت منذ العام 2019، كانت واحدة من أكثر القضايا إلحاحا بالنسبة لحكومة الكاظمي في ذلك الوقت.

ونقل التقرير عن أحد مستشاري الكاظمي السابقين قوله إنه “كان على الصدر إيجاد مخرج لحليفه الكاظمي”.

وتابع قائلا إنه في الوقت نفسه، كان الصدر يريد ان يقدم “بادرة حسن نية للإيرانيين ليبرهن أن مشروعه لا يستهدفهم ولا يهدد مصالحهم”، مشيرا إلى أن قانون الطوارئ خصص 4 تريليونات دينار عراقي (حوالي 3 مليارات دولار) من أجل سداد الدين الخارجي لوزارة الكهرباء وديون شراء الغاز والطاقة.

وتابع التقرير أن البرلمان وافق في حزيران/ يونيو على القانون وبدأت الحكومة في دفع ما تدين به مباشرة للإيرانيين بالدينار، وأن الدفعة الاخيرة كانت في تشرين الاول/ اكتوبر بحسب ما قاله مسؤولون. إلا أنه لم يتم الكشف عن المبالغ الدقيقة التي دفعتها حكومة الكاظمي لإيران بالدينار، لكنها لم تكن المرة الاولى التي يحدث فيها ذلك.

اليورو بدلاً من الدولار

واوضح التقرير انه في شباط/ فبراير العام 2019 ، توصل البنك المركزي العراقي الى اتفاقية مع البنك المركزي الإيراني، تتيح لزبائن المصرفين، فتح حسابات في البلدين وإجراء معاملاتهم المصرفية بالدينار واليورو، حيث ذكر البنك المركزي العراقي في ذلك الوقت أن ذلك جرى من اجل “ازالة العقبات امام سداد ديون العراق المتعلقة بصادرات الغاز والكهرباء”.

ونقل التقرير عن سياسي عراقي مقرب من طهران قوله إن واشنطن كانت تتوقع حدوث ضغوط على العملة العراقية عندما سمحت لبغداد بدفع الدينار لإيران.

وتابع قائلا ان “الايرانيين أذكياء للغاية ويستثمرون في كل التفاصيل التي تخدم أهدافهم. كانوا واضحين منذ البداية، وقالوا إذا لم تتمكن من الدفع بالدولار، ادفع بالدينار”.

واضاف “ليست مشكلتهم اذا كان خصمهم الامريكي متعجرفا ويعامل الاخرين على انهم عاجزون، وسيتبعون طرقهم الخاصة”.

التعليقات معطلة.