مقالات

آفاق قمة اسطنبول القادمة بين روسيا.. تركيا وإيران “قمة علاقات عامة.. واعادة تفاهمات الحد الادنى”

عمر الردّاد

من المقرر أن تنعقد في اسطنبول  قمة ثلاثية (لم يحدد موعدها)  بين رؤساء: روسيا وإيران وتركيا،لمناقشة تطورات الملف السوري ،وخاصة العملية التركية المدعومة من فصائل في الجيش السوري الحر”غصن الزيتون” في منطقة عفرين،ضد القوات الكردية المدعومة من قبل أمريكا، وعمليات الجيش السوري وحلفائه في محافظة ادلب ،والقصف الروسي المتواصل على الغوطة.

من الواضح أن رغبة الأطراف الثلاثة في عقد لقاء قمة استوجبته تعقيدات المشهد في سوريا ، بين الحلفاء الثلاثة ، وما أظهرته التطورات في الملف السوري من تعقيدات على المسارين: السياسي(سوتشي وجنيف واستانا) والعسكري ، وخاصة عملية “غصن الزيتون” التركية من تناقضات في أجندات الحلفاء الثلاثة ،منذ انعقاد مؤتمر سوتشي،حيث تتداعى مناطق خفض التوتر التي تم الاتفاق على انجازها في مؤتمرات استانا ، حيث أصبح تصاعد واستمرار الحرب عنوانا لمرحلة جديدة في سوريا ،تشير إلى أن الحل في سوريا ما زال بعيد المنال ،بحكم تناقضات اللاعبين الدوليين والإقليميين، وتعدد ولاءات الفاعلين المحليين في سوريا، من نظام ومعارضة.

مؤكد أن القمة المزمع عقدها في اسطنبول ، ستناقش الخلافات في إطار تصاعد الشكوك بين التحالف الروسي الإيراني التركي،بغية إعادة القواسم المشتركة بين أطراف هذا الحلف،في ظل معطيات تضمنتها الرسائل الأمريكية الجديدة في سوريا، والتي تؤكد على مواجهة مخططات هذا الحلف ، وفيما يلي الأوراق التي يمكن أن يطرحها كل طرف:

أولا :تركيا: يشكل الحيلولة دون إقامة كيان كردي جوهر الإستراتيجية التركية ، ومن هنا جاءت عملية “غصن الزيتون”التي أظهرت ارتباكا تركيا ،انعكس في ردود الفعل الأمريكية والروسية والإيرانية عليها،فيما أصبح يوصف بتفهم روسي لمتطلبات الأمن القومي التركي ،وغياب هذا التفهم من قبل أمريكا،واحتجاج إيراني لتغييبها عن المشهد وعدم تنسيق تركيا معها ، رغم أن تركيا لا تلتقي مع إيران عمليا ،الا في استهداف الأكراد،فيما أظهرت عفرين تناغما بين الحكومة السورية وأكراد سوريا ،خاصة وإنهم يعلنون انهم مع حكم ذاتي وفدرالية سورية ،ولا يتطلعون للاستقلال والانفصال. ويبدو أن الانجازات التركية على جبهة عفرين، ما زالت محدودة جدا ، وأسهمت في توسيع الفجوة بين تركيا وأمريكا ومع حلفائها ،وأصبحت خطط تركيا بالتمدد شرقا وصولا الى “منبج” موضع شكوك ، في ظل الردود الأمريكية على التحذيرات التركية ، واستبعاد احتمالات تجرؤ تركيا على ضرب القوات الأمريكية في سوريا.ومع حلفائها أظهرت عملية عفرين حجم التناقض التركي في علاقاتها مع الجيش الحر وهيئة تحرير الشام من جهة ، وتفاهماتها مع روسيا وإيران ،خاصة وان”غصن الزيتون” تزامنت مع انتصارات الجيش السوري وحلفائه في محافظة ادلب، وهو ما عزز اتهامات  بسيناريو صفقة عنوانها: عفرين مقابل ادلب.

ثانيا: روسيا:جاءت معطيات التطورات السياسية والعسكرية في الملف السوري ،لترسل رسالة واضحة وهي أن أمريكا من يقرر الحل في سوريا وليس روسيا لوحدها ، وان أقصى ما يمكن أن تحققه روسيا تفاهمات مع أمريكا على أهدافها في سوريا ، وليس العكس ، ففي المسار السياسي ، رغم الجهود الروسية الحثيثة لانجاز تسوية للملف السوري في مساري استانا وسوتشي، بما يجعل جنيف مؤتمرا برتوكوليا ،يبني على الانجاز الروسي، الا أن الجهود الأمريكية ومعها حلفاؤها الأوروبيون افشلوا الخطط الروسية ، هذا الفشل عبر عنه امتناع الرئيس بوتين عن حضور مؤتمر سوتشي. وفي المسار العسكري تعرضت روسيا لضربات عسكرية متتالية ،بدأت بالهجوم المتكرر على قاعدة حميميم “المحصنة”، وربما لن تتوقف عند إسقاط طائرة روسية في معارك ادلب، وجهت اتهامات  لفصائل(إرهابية) موالية لتركيا بتنفيذها، بصواريخ أمريكية.

ثالثا:إيران: يشارك الرئيس روحاني في القمة على وقع تفجر أزمة داخلية تمثلت بالانتفاضة الإيرانية وتداعياتها،التي انعكست بقرارات إيرانية، تؤكد مواصلة نهجها بدعم اذرعها ،خاصة بعد الزيادة المهولة في مخصصات الحرس الثوري في موازنة 2018،وشكوك حول مواقف تركيا من عملية عفرين ، وتناقض علاقاتها بين فتح خطوط اتصال مع أمريكا ، ومع الفصائل” الإرهابية” في سوريا، بالتزامن مع تحالف مع إيران وروسيا،وفي الوقت نفسه تخشى إيران من تفاهمات روسيا مع أمريكا على حساب مخططاتها في سوريا ، بما في ذلك استحواذ روسيا على الحصة الأكبر في مشاريع إعادة الأعمار.

القمة الثلاثية المقررعقدها في اسطنبول، لن تتعدى اللقاء البروتوكولي وحملات العلاقات العامة، لإرسال رسالة لأمريكا باستمرار التحالف الثلاثي،فيما لن تبدد الشكوك بين الإطراف الثلاثة (روسيا ، تركيا وإيران)، هذا التحالف الذي أبلغت أمريكا قيادته (روسيا) عن الضربة التي وجهتها قبل يومين إلى مليشيات إيرانية في دير الزور، في رسالة شديدة اللهجة إلى إيران وتركيا، مفادها إعادة إنتاج سوريا بمواصلة دعم الأكراد وحمايتهم وتمكينهم ،وإفشال المخطط الإيراني بتامين طريق طهران ،بغداد ثم دمشق ومنها الى بيروت.