تعد برامج الرعاية الاجتماعية في دولة الكويت من أبرز ملامح السياسة التنموية والاجتماعية التي تنتهجها الدولة منذ الاستقلال، والتي تستمد مشروعيتها من الدستور الكويتي في المادة 8 التي تنص على «أن تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين» والمادة ١١ «الدولة تلتزم تقديم المعونة للمواطنين الذين يواجهون ظروفًا مثل الشيخوخة، والمرض، والعجز عن العمل. كما تتعهد الدولة بتقديم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية لضمان حياة كريمة للمواطنين في هذه الحالات». والتي تكفل الدولة للمواطن وتوفير مقومات العيش الكريم له، وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة التي تمر بها المنطقة ازدادت أهمية هذه البرامج باعتبارها أداة فاعلة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الاستقرار الداخلي، إلى جانب كونها وسيلة لحماية الفئات الأكثر ضعفًا وتحفيز الطاقات المجتمعية نحو الإنتاج والمشاركة، ومع دخول الكويت في مرحلة جديدة من الرؤية الوطنية 2035 وتطبيق القوانين بفاعلية، فإن تعزيز مثل هذه البرامج وتوسيعها بات ضرورة استراتيجية بعيداً عن أنها مجرد خيار أو رفاهية اجتماعية.
اتسمت الرعاية الاجتماعية في الكويت بالاتساع، حيث تشمل مجالات متنوعة مثل دعم الأسر وتقديم قرض ومنح المقبلين على الزواج، وعلاوة الأبناء الاجتماعية ورعاية كبار السن وذوي الإعاقة، ومساعدات خدمات الإسكان، ودعم الباحثين والعاطلين عن العمل، بالإضافة إلى تقديم خدمات مجانية ورعايات صحية حكومية ومنح تعليمية مدفوعة بمرتبات لابنائنا الطالبات والطلبة داخل وخارج الكويت، ومن أبرز الأمثلة على ذلك البعثات الداخلية والخارجية لأقوى الجامعات العالمية المعتمدة، والبرامج التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى الدور التكميلي الذي تقوم به جمعيات النفع العام والهيئات الأهلية، وقد ساهمت هذه البرامج في تخفيف التفاوت الاقتصادي داخل المجتمع الكويتي، ووفرت شبكة أمان اجتماعي حقيقية للفئات الضعيفة، ما ساعد في تقليل معدلات الفقر والبطالة، والحفاظ على تماسك النسيج المجتمعي في أوقات يمر العالم بتقشف اقتصادي، لا سيما خلال الازمات والضغوط الاقتصادية.
لا تقف فوائد برامج الرعاية الاجتماعية عند حدود الأثر المباشر على الأفراد، بل تمتد لتشمل أثرًا اقتصاديًا وتنمويًا واسع النطاق. فمن خلال تقديم الدعم المناسب، يستطيع المواطن غير القادر أن يعيد الانخراط في دورة الاقتصاد، إضافة إلى ذلك فإن الرعاية الاجتماعية تسهم في تمكين المرأة ورفع مشاركتها في سوق العمل، وهو هدف تنموي أساسي تسعى إليه الدولة ضمن خططها المستقبلية.
هناك آليات تطوير مستوى المعيشة في الكويت من خلال تبني مجموعة من المشاريع التنموية والاستراتيجية التي تستهدف رفع جودة الحياة وتعزيز الرفاهية الاجتماعية، وهي تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، ما يتيح تمويل برامج تنموية مستدامة تشمل التعليم، الصحة، والإسكان، كما تعمل الدولة على تحسين كفاءتها من خلال تدريب الأطباء بمراكز ومستشفيات طبية عريقة أو فتح مراكز أكثر لتعليم مجالات الطب الحديثة التخصصية للكفاءات من الجيل القادم، بما يضمن للمواطنين فرصًا متساوية للنمو والنجاح.
كذلك تُعد تمكين المرأة والشباب من أبرز الأدوات الحديثة في رفع مستوى المعيشة، من خلال دعم مشاركتهم في سوق العمل، وتشجيعهم على الابتكار وريادة الأعمال، فإن الاستقرار السياسي والاجتماعي والتشريعي في الكويت يشكّل بيئة داعمة لتطبيق هذه الآليات بفعالية، ويؤكد أن تحسين المعيشة هو مشروع وطني مستمر يعكس التزام الدولة تجاه مواطنيها ورسم سياسات ومستقبل اقتصادي اجتماعي تعليمي حديث يواكب الحداثة بالعالم المتقدم.
ودمتم سالمين،،،