طه لمخير
كاتب مغربي
الملك سلمان ونجله محمد
اعتاد العرب أن يتعرفوا على حكامهم عن طريق الصدفة المحضة، ويتلقوا نبأ تتويجهم تلقي المفاجآت الصادمة، تمامًا كالأظرفة الملغومة التي لا تعرف ما بداخلها، أو الرزايا العظام التي تأتي على حين غرة.
فأنت لا تختارهم بل ينزلون عليك بالباراشوت الوراثي أو الانقلابي نزول الغزاة الفاتحين، ولا تعرف شيئًا من سيرتهم أو دراستهم أو حتى مسقط رؤوسهم، ومع ذلك فرض عليك أن تكون من المعجبين والطائعين، ثم أنت وحظك بعد ذلك مع من سيحكمك لعشرين أو خمسين أو ثمانين عامًا، فقد يكون طاغية مثقفًا وديكتاتورًا بليغًا، فيُهوّن عليك مصيبتك فيه بسعة علمه واتساع مداركه، وقد يصدعك القدر بعارورة مشؤوم، أو حذاء أحمق، أو ذبابة زرقاء مسمومة، وبين ليلة وضحاها يصبح سموّ العارورة وفخامة الحذاء وسعادة الذبابة، رئيسًا للجمهورية أو ملكًا للبلاد .
مملكة في مهب الريح
ماذا يحدث هذه الأيام في بلاد الحرمين التي شهدت ميلاد إحدى أكبر الديانات وأكثرها انتشارًا في العالم، أهي لعنة قطر حلت بالدولة التي أسسها ابن سعود سنة 1932 وجعلتها تعيش في الفترة الأخيرة على إيقاع من التوترات والأزمات المتتالية، أم أن هناك أسباب ذاتية وموضوعية تتعلق بطبيعة التطورات المعلنة وغير المعلنة التي يشهدها الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في السعودية، والتحديات التي تواجهها الأسرة الحاكمة في ظل الصراع المحتدم على السلطة من جهة، وشارع محتقن فاض به الكيل وجرفه السيل من جهة أخرى، مما ينذر باضطرابات خطيرة قد تقوض أركان الحكم في مملكة آل سعود؟
تشهد البلاد موجة صامتة من الاعتقالات غير المسبوقة طالت أمراء من الأسرة الحاكمة وشخصيات عامة وعسكرية
هي مملكة شاخت وانكمشت في عالم يتمدد، واغتالها الجمود في زمن لا يفتأ يتحرك ويتبدل، وانطوت من نفسها على أسباب زوالها، تُصرّفُها عائلة كانت مغمورة بالنسبة إلى أعرق العائلات النجدية والحجازية، وعلى رأسهم الأشراف الذين حكموا جزءًا كبيرًا من شبه الجزيرة العربية في أوائل القرن الماضي، قبل أن يستولى آل سعود بقوة السيف على الحكم في هذه البلاد المعدودة من بين أشد البلدان قبلية وتعصبًا إلى بطونها وأفخاذها المتوزعة على أربع مناطق أساسية: الحجاز ونجد وعسير والأحساء .
اعتقالات بالجملة وأحكام قاسية تطال المغردين خارج السرب
في هذه الأيام تشهد البلاد موجة صامتة من الاعتقالات غير المسبوقة طالت أمراء من الأسرة الحاكمة وشخصيات عامة وعسكرية ورجال دين وناشطين سياسيين وباحثين وأدباء معروفين، فالأمير محمد بن نايف الذي كان وليًا للعهد ومرشحًا قويًا لحكم هذه المملكة، وضع تحت الإقامة الجبرية، واعتقل الأمير عبد العزيز بن فهد، والدعاة سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري، كذلك الحال بالنسبة لشاعر المليون زياد بن نحيت وغيرهم، فاقوا العشرين معتقلاً في مدة قياسية والأعداد مرشحة للزيادة.
اعتقل بعضهم بسبب معارضته لتعيين الأمير الشاب محمد بن سلمان وليًا للعهد بعد الإطاحة بمحمد بن نايف، وبعضهم الآخر بسبب موقفه المعارض لعزل قطر، والمعطيات تشير إلى أن الأسباب متشابكة وبعضها يتصل ببعض، فالذين يعارضون عزل قطر لهم أيضًا تحفظ على تولية ابن سلمان الذي يوشك أن يتنازل له والده على العرش، باعتباره فتى غريرًا ضيق الأفق، أقرب إلى شخصية الطفل المتهور المدلل منه إلى الزعيم الفذ الذي يمتلك مقومات حكم بلد بحجم وأهمية المملكة.
وحسب تقارير منظمات حقوقية من بينها منظمة “هيومن رايتس ووتش” فإن حقوق الإنسان في السعودية في عهد الملك سلمان وولي عهده الذي يمسك بتلابيب وزارة الداخلية، تشهد انتهاكات صارخة وقمعًا صارمًا لحرية التعبير.
الأمير محمد بن سلمان رغم أنه يعد ملكًا مع وقف التنفيذ، فإن كثيرًا من المراقبين يشككون في إمكانياته التي تبدو متواضعة وثقافته التي توحي بالمحدودية
فقد اعتقلت السلطات العشرات من النشطاء والمعارضين السياسيين لمجرد إبداء رأي مخالف أو تغريدة تنتقد سياسات المملكة في الداخل أو الخارج، وأصدر القضاء في حقهم أحكامًا طويلة تصل في حالة المدون رائف بدوي إلى عشر سنوات، وحكم على الناشط وليد أبو الخير بخمسة عشر عامًا، في حين عاقبت السلطات الصحفي علاء برينجي بخمس سنوات سجنًا لمجرد تغريدة أيد فيها حق المرأة في قيادة السيارة، وأدان فيها سجن النشطاء والحقوقيين بتهم واهية، وتم سجن أعضاء جمعية الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية “حمس”، وآخرهم عبد العزيز الشبلي الذي أدين بثماني سنوات العام الماضي، مما اعتبرته “منظمة العفو الدولية” محاولة لدق آخر مسمار في نعش هذه الجمعية الحقوقية، وحملة تطهير تشن ضد منظمات غير حكومية لحقوق الإنسان.
أمراء وأميرات.. أسياد في أرض العبيد
في مقابل هذا التشدد مع النشطاء والمنظمات المناهضة للتعذيب والفساد السياسي والاستبداد، تتعامل الدولة السعودية بكثير من الصفح والتغاضي والأريحية مع فساد الأمراء والأميرات الذي عّم العالم بأسره.
وكانت الصحف والمجلات الغربية تتناول بين الفينة والأخرى جرائم وفضائح أمراء وأميرات آل سعود في الخارج، آخرها قضية الأمير ماجد ابن الملك الراحل عبد الله الذي اعتقلته السلطات الأمريكية واتهم أمام القضاء الأمريكي حسب ما نشرته عام 2015 صحيفة “ديلي ميل” البريطانية حينها بتعاطي الكوكايين وممارسة الجنس مع أحد ندمائه والتحرش الجنسي بعدد من الخادمات ومحاولة التبول عليهن وهو في حالة متقدمة من السكر والعربدة في قصره الفخم بمنطقة “بيفيرلي هيلز” الشهيرة بولاية كاليفورنيا، كما شملت شهادة على تصرفات “قذرة وغير أخلاقية وغير مقبولة اجتماعياً فعلها الأمير مع بعض ندمائه”.
كما أننا لا نشك في أن الأمير سعود بن عبد العزيز الذي قتل خادمه السوداني في أحد فنادق لندن المصنفة عام 2009 لدوافع جنسية وملابسات شبيهة بقضية الأمير ماجد، وأدانه القضاء البريطاني ثم سلم إلى السعودية لاستكمال عقوبته الحبيسة في إطار عملية تبادل السجناء، أنه لا يقضي عقوبته في السجن ولكن في قصر من قصوره في الرياض.
فالدولة لم تدن قط أحد أمراء آل سعود في أي قضية حتى وإن بلغت القتل العمد، ما عدا ما تعلق بالنزاعات التي تكون بين أفراد الأسرة الحاكمة نفسها، باستثناء الأمير تركي بن سعود الكبير الذي أعدم العام الماضي بأمر من سلمان بعد اعترافه بقتل المواطن عادل المحيميد سنة 2012، لكنه يبقى أميرًا من الدرجة الثانية لا ينتمي إلى الفرع الأصلي لشجرة آل سعود، وحسب موقع “دايلي بيست”** فإن الأمر لا يخلو من متاجرة بدم الأمير لتحسين صورة النظام في المجتمع، وتعزيز شعبية الملك سلمان على أساس أنه يقيم العدالة على جميع المواطنين دون تمييز بينهم.
الاعتراضات اليوم تغلغلت إلى مراكز نافذة في المملكة وظهرت أحلاف قوية بين أمراء وشيوخ داخل الأسرة السعودية
فهم داخل البلاد معدودون من الجبابرة الجلادين، وقوة من قوى الطبيعة التي لا تقهر ولا تحاسب، وسلطة الأمير فيها تصل حد استعباد المواطنين وإذلالهم بشتى الوسائل المهينة والمعاملات الوحشية، وكلمته لها من القوة والسلطة ما للأحكام القضائية والقوانين الملزمة حتى وإن كان مراهقًا ما ذهب ولا جاء.
أمير فوق صفيح ساخن
الأمير محمد بن سلمان رغم أنه يعد ملكًا مع وقف التنفيذ، فإن كثيرًا من المراقبين يشككون في إمكانياته التي تبدو متواضعة وثقافته التي توحي بالمحدودية، وقدرته على الخروج بالبلاد من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها والتي أدت إلى ارتفاع أعداد البطالة وتفشي الفقر بين الطبقة الوسطى وتغول العمالة الأجنبية، كما أن تدني أسعار النفط إلى ما دون الخمسين دولارًا، وعدم امتلاك الدولة النفطية لأي رؤية استراتيجية (حقيقية) لتقليل اعتمادها الشبه كلي على مداخيل النفط وتنويع مصادر الإنتاج، ينذر بمستقبل ضبابي يتضاعف فيه عجز الميزانية وتلجأ الدولة إلى مزيد من الاستدانة الخارجية، وتتسع الهوة بين الفقراء والأغنياء، وتفرض مزيدًا من السياسات التقشفية،خاصة أن العالم يتجه نحو تقليل اعتماده على المحروقات والاستثمار في مجال الطاقات البديلة.
تَتّبِع الدولة التي تمارس على رعاياها حكمًا شموليًا سياسة الحديد والنار وعدم التسامح المطلق مع الذين تسول لهم أنفسهم أن يعارضوا سياساتها الإقليمية، أو الاعتراض على اختيار “أهل الحل والعقد” لمن يخلف سلمان على العرش، لكن على خلاف الماضي فإن الاعتراضات اليوم قد تغلغلت إلى مراكز نافذة في المملكة وظهرت أحلاف قوية بين أمراء وشيوخ داخل الأسرة السعودية.
فالأسرة الفاحشة الثراء التي يقدر عدد أمرائها بما يربو على خمسة عشر ألف أمير، وتقدر مجموع ثروتها بقرابة تريليون ونصف التريليون دولار، بدأ يظهر على سطحها وهي تجدد جلدها مما يمكن تسميته بصراع الأجيال الجديدة في الأسرة، فبعد انقراض كثير من أبناء عبد العزيز وهم الجيل المؤسس، ونجاحهم طيلة الثمانين عامًا من احتواء الأزمات الداخلية رغم ما شابها من أحداث، فإن الجيل الجديد يبدو أشد شراسة وأكثر إصرارًا في التنافس على العرش.
صراع الهوية وصراع الأجيال
من الواضح أن حكم هذه البلاد الغنية بالنفط يسيل له لعاب المتنافسين على مناصب الريادة والسيادة فيها، ويجعل السباق محمومًا وأحيانًا دمويًا، فكل شيء معد هنا ليكون طوع يد من يحكم المملكة، وتغري طبيعة الحكم المطلق كل من له شهوة في التسلط والاستبداد، في دولة لم تلغ نظام الرّق والعبودية إلا سنة 1962 في عهد الملك فيصل.
الشريك الديني الذي يتقاسم السلطة والنفوذ مع آل سعود تاريخيًا هم أسرة آل الشيخ ويجمعهم معًا رباط مقدس قوامه المصالح المشتركة
وقد علمنا التاريخ أن نواة الحكم في الممالك إذا بدأت بالتفكك وتسرب الخلاف إلى أعضائها دب إليها الوهن، وجرّأ عليها الأغيار، فهذه البلاد لمركزها الديني وامتلائها بالنفط، يتصارع على حكمها أفراد ضمن النواة الحرجة في الأسرة الحاكمة، لكن أيضًا هناك القبائل الأخرى كتميم وقحطان وحرب والعتيبة والدواسر وشمر، وغيرها من القبائل التي وإن أرخى الزمن ستارًا كثيفًا على أطماعها وحروبها القديمة مع آل السعود وتطلعاتها إلى الزعامة وإبائها التبعية، وتم شراء ذمم شيوخها وساداتها بالقصور والسيارات الفخمة والمناصب، فإنهم لن يتوانوا لوهلة عن الوثب إلى الحكم إذا ما رأوْا الفرصة مواتية، في مجتمع لا زالت مراجعه الفكرية ومنابعه النفسية وتصوراته القيمية الحقيقية، تعود إلى زمن ما قبل ظهور الإسلام، ورغم كل مظاهر التدين السطحي فإن العصبيات والقبائلية أساس الانتماء القومي لدى مكونات هذا المجتمع المحافظ.
فهم وإن كانوا يسمون سعوديين فهم في واقع الأمر ليسوا كذلك على الإطلاق، لأن الاسم في حد ذاته اسم لعائلة أو قبيلة، ولا يمكن لقبائل تعتز بأيامها وتاريخها أن تتسمى باسم قبيلة أخرى وتذوب فيها،خصوصًا في بيئة تسودها الحساسيات العصبية وثقافة الفخر بالأنساب والحماسة إلى الانتماءات القبلية، ولذلك فالمجتمع السعودي يعاني من أزمة هوياتية، ويضعف فيه الشعور الوطني والانتماء إلى وطن ذي هوية قومية بالمعنى الحديث للوطن، وهو معرض أكثر من غيره للانقسام والتلاشي.
أما الشريك الديني الذي يتقاسم السلطة والنفوذ مع آل سعود تاريخيًا هم أسرة آل الشيخ ويجمعهم معًا رباط مقدس قوامه المصالح المشتركة، فآل الشيخ الذين ينتسبون إلى نسل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، قوم اتخذوا من الدين مطية للاسترزاق، وفرضوا المذهب الوهابي الذي يضمن لهم الرياسة واحتكار الشؤون الدينية والروحية للمواطنين على حساب مذاهب أخرى أقدم وأعرق من مذهب ابن عبد الوهاب. وهم مع ذلك لا يتمتعون بشعبية كبيرة في المجتمع السعودي، والكثير يعلم تواطأهم مع النظام ومتاجرتهم الصارخة بالدِّين واستعمالهم قوة الفتوى لتمرير القرارات السياسية والاجتماعية التي تمليها الدولة.
المجتمع السعودي مجتمع محافظ عمومًا، لكنه أيضًا مجتمع دخلته الحداثة دون استئذان، وتأثرت فيه فئة الشباب خصوصًا بالأحداث الإقليمية وأبرزها ما عرف بالربيع العربي، وهناك تجاذبات قوية بين الأجيال الصاعدة والشيوخ في نظرتهم لطبيعة الحكم والحريات والمواطنة وحقوق الإنسان والمرأة والانتخابات وعموم المنظومة الديمقراطية التي يرى فيها الشيوخ كفرًا وشيطنة اجتماعية، ويرى فيها الشباب منهجًا قويمًا عصريًا للحكم وتوزيع عادل للثروة وتحقيق حياة كريمة، وهي أقرب إلى مبادئ الإسلام من مفهوم “ولاة الأمور” و”السياسة الشرعية” التي تؤسس لفكرة تأليه الحاكم وطاعته طاعة مطلقة، “لسنا عبيدًا وموالي عند آلِ سعود”، يقول أحد المغردين السعوديين على تويتر.
اللعب على الحبلين
يحاول النظام السعودي اللعب على هذه الأوتار لضرب هذه التيارات بعضها ببعض، وتحريك الحساسيات الدينية لتخويف الأطراف بأن كل طرف منهم مصالحه مهددة بالفريق الآخر، ليبرز النظام كالضمانة الأساسية لوحدة واستقرار البلاد، والضامن لسلامة المعتقد وحماية الشريعة وأصول الثقافة الوهابية، كما يريد أن يظهر في ذات الوقت بأنه النظام الحداثي المنفتح على العصر ومعطياته.
هذا الحراك يعد تحولاً قويًا في البنية الفكرية للمجتمع السعودي الذي يعتبر عادة مطيعًا وخاملاً سياسيًا وبرهانًا على أن الشعب حي يجدد ذاته ويسلخ عنها الركون والخنوع الذي مكن للاستبداد في البلاد
وقد نشرت الصحف أخبارًا عن اعتزام ولي العهد بإنشاء محميات وشواطئ تسمح بـ”البيكيني” على سواحل البحر الأحمر، وإشارات إلى رغبة الدولة في الحد من سلطة هيئة الأمر بالعروف والنهي عن المنكر المعروفة بتشددها وتضييقها على الحريات.
وفِي الوقت نفسه، يلعب ابن سلمان على الشكل والمظهر الذي يقدمه للمجتمع كرجل محافظ ملتزم إلى أبعد الحدود بالتعاليم الدينية وبمحددات الشكل واللباس باعتباره الجوهر في المذهب الوهابي، فهو الوحيد منذ زمن عبد العزيز مؤسس الدولة الذي يطلق لحيته بشكل كامل دون التصرف فيها، وهذا له مدلول خاص لدى شيوخ السلفية والفئات المتدينة في المجتمع.
حراك بين الكثبان
لا ندري كيف ستتعامل السعودية مع حراك الخامس عشر من سبتمبر الذي يقول عنه الداعون إليه إنه حراك سلمي له مطالب اجتماعية، ولا ندري الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الحكومة السعودية بحق النشطاء، خاصة أن حق التظاهر والاحتجاج يعتبر من السبع الموبقات في عقيدة النظام الشمولي، ولعل بوادرها تتجلى في موجة الاعتقالات الجارية هذه الأيام على قدم وساق في أوساط المثقفين والكتاب والحقوقيين كخطوة استباقية لتحجيم الحراك وتجفيف منابعه.
لكن الذي لا شك فيه أن هذا الحراك يعد تحولاً قويًا في البنية الفكرية للمجتمع السعودي الذي يعتبر عادة مطيعًا وخاملاً سياسيًا وبرهانًا على أن الشعب حي يجدد ذاته ويسلخ عنها الركون والخنوع الذي مكن للاستبداد في البلاد، وهو اليوم قد شرع تدريجيًا في هدم حواجز الخوف وسدود الرهبة، وأقبل على كسر أصنام المحرمات وقيود التحكم والاستعباد في مملكة الجمر والسيف.
والتاريخ لا بد أن يقول كلمته الفاصلة إن عاجلاً أو آجلاً، فهل يعتبر آل سعود بما يجري حولهم، ويسارعون إلى الإصلاح وكسر شوكة الفساد والتجبر قبل فوات الآوان؟ فالسعيد من اعتبر بغيره .