آمال فريد.. تاريخ فني قصير بلا ضجيج

6

“إنها مهذبة لدرجة أنها يمكن أن تطرق باب دُرج المكتب قبل أن تفتحه”. هكذا وصف الفنان كمال الشناوي، زميلته الفنانة آمال فريد التي غيبها الموت إثر أزمة صحية عن عمر يناهز 80 عاماً.

ولعل ما ذكره الشناوي عنها يتطابق مع صورتها في عقول جماهير السينما، فهي الفنانة الرقيقة ذات الملامح الهادئة واللافتة في آن واحد. لم تعرف الصخب يوماً، ولم تسقط أسيرة الشهرة والأضواء، بل إنها في ذروة النجاح والانطلاق اتخذت القرار الصعب بترك العمل الفني في نهاية ستينات القرن الماضي، بعد زواجها من مهندس مصري مقيم في روسيا. وعلى رغم أن رحلتها الفنية قصيرة جداً (لم تتجاوز 15 سنة)، إلا أن احترامها نفسها منعها من السقوط في فخ الابتذال، وهذا ما جعلها تسكن في الذاكرة.

وتُعد آمال فريد واحدة من المحظوظات، فمنذ ظهورها الأول، خطفت الأضواء، لتولد نجمة، ولما لا والجمهور عرفها عن طريق العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ في فيلم “ليالي الحب” في العام 1955، حيث لعبت أمامه دور البطولة، وجسدت شخصية الفتاة الأرستقراطية التي لا تعترف بالفوارق الطبقية، فوقعت في حب الموظف الفقير الذي لعب دوره حليم.

ولم يتخل عنها الحظ، إذ وقفت مجدداً أمام العندليب في فيلم “بنات اليوم”، ولها غنى العندليب الأسمر “أهواك” ضمن أحداث الفيلم، وكانت مغامرة منها قبول هذا الدور، حيث جسدت شخصية فتاة يقع في حبها عبدالحليم، ويخطبها، لكنها لم تكن تبادله الحب نفسه، ولا تكترث بمشاعره، وهو ما كاد أن يتسبب في كراهية الجمهور لها نظراً لشعبية العندليب الهائلة.

كانت آمال فريد بجمالها وموهبتها وحضورها وهدوئها، عنصر جذب، فوقفت أمام جانات السينما المصرية. ظهرت فلاحة بسيطة يحبها رشدي أباظة في فيلم “امرأة على الطريق”، وكذلك ظهرت بنت بلد يقع في غرامها عمر الشريف في فيلم “بداية ونهاية”. هكذا توالت أدوارها وأعمالها حتى تم اختيار ثلاثة أفلام شاركت في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهي “امرأة على الطريق” و”إحنا التلامذة” و”بداية ونهاية”.

تحول اسم آاَمال فريد إلى تريند عبر مواقع التواصل الاجتماعي طوال الفترة الماضية، تعاطفاً مع حالتها وما آلت إليه ظروفها في الفترة الأخيرة، بعدما ظهرت وهي تجلس وحيدة في أحد الأماكن، حتى أن وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية غادة والي أعلنت عبر الصفحة الرسمية للوزارة على “فايسبوك”، توفير أعلى مستويات الرعاية الصحية لها، حيث كانت تقيم في إحدى دور المسنين، ثم تدهورت حالتها الصحية خلال الفترة الأخيرة، وتواصلت وزيرة التضامن مع الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية بشأن الترتيبات اللازمة والتواصل مع أسرتها، وكذلك التنسيق مع وزارة الصحة لترتيب نقل الفنانة المعتزلة إلى مستشفى شبرا العام وعلاجها على نفقة الدولة، لكن لم يمض أكثر من 24 ساعة على ذلك حتى فارقت الحياة.

وغرد سامي على “تويتر”: “آمال فريد فنانة جميلة ورائعة، وصورتها محفورة في وجداننا، ياريت نحترم خصوصيتها بعدم نشر صورها في أيام مرضها، ربنا يرحمها”. وكتبت داليا “يمكن لو فنانة غير آمال فريد مكنتش فكرت تعتزل وهي في عز نجاحها، لكنها اختارت واحترمت قرارها، عاشت في هدوء ورحلت في هدوء”. ودونت مديحة عبر “فايسبوك”: “جمال آمال فريد ورقتها ملوش وصف، عملت دويتو هايل ميتنسيش مع عبد الحليم حافظ، وكل أدوارها محترمة وبلا إسفاف”.

التعليقات معطلة.