أجدابيا الليبية غريقة النهر الصناعي… بنى تحتية متهالكة وسط صراع الحكومتين

1

جانب من "طوفان" أجدابيا.

فتح انفجار أنبوب مياه رئيسي يصل بين مدينتي أجدابيا وبنغازي (شرق ليبيا)، الباب واسعاً للحديث مجدداً عن الإهمال الذي تغرق فيه البلاد وتآكل البنى التحتية، فيما استنفرت السلطات الليبية لتطويق تبعات الحادث الذي تسبب بانقطاع المياه عن بلدات، وبخسائر فادحة في الممتلكات.  واستيقظ سكان جنوب أجدابيا، على أصوات هدير المياه التي فاضت جراء انفجار في صمامات أمان ما يُسمى بـ”خط 400″، لتغرق مئات الأفدنة من الأراضي الزراعية، وتكوّن ما يشبه البحيرات، عدا تسرب المياه إلى المنازل وغمر معظمها. وتداول ناشطون فيديوات لأراض زراعية ومنازل أغرقتها المياه ولفرق إنقاذ.  

 وقال سكان محليون لـ”النهار العربي” إن قوة دفع المياه كانت قوية جداً، حتى أنهم تحدثوا عن أنها تسببت بوفاة بعض الأشخاص الذين جرفتهم المياه، التي جرفت كذلك في طريقها سيارات مدنيين، ومعدات تُستخدم في الزراعة. وانتقد المتحدثون غياب المسؤولين المحليين عن المشهد، حتى أن معظم عمليات الإنقاذ تكفل بها السكان بأنفسهم.  أضرار جسيمة وتعاون للإنقاذوأعلنت فرق الهلال الأحمر في أجدابيا استجابتها للعائلات العالقة في المنازل والمزارع جراء انفجار صمام خطوط المياه، مشيرة إلى أن الخسائر المادية طالت الأغنام والمواشي والحيوانات الموجودة في المزارع التي غمرتها المياه. وأشارت إلى أن الأمور باتت تحت السيطرة، وتم إنقاذ العالقين بعدما شارك الغطاسون في المدينة وفرق الضفادع البشرية في عمليات الإنقاذ. وأعلنت الشركة العامة للمياه والصرف الصحي نزوح أهالي حي “17 فبراير” في أجدابيا من بيوتهم بسبب غرق المنطقة. وأكدت الشركة توفير مضخات وسيارات الشفط في المدينة، لشفط المياه والحد من معاناة المواطنين. 

 وعزا الناطق باسم جهاز النهر الصناعي صلاح الساعدي الحادث إلى “تركيب المواطنين وصلات غير شرعية وتخصيصها للزراعة وري المحاصيل”، مشيراً إلى أن “سرقة الكوابل النحاسية الخاصة بنظام الحماية، وعدم وجود صمامات الهواء تسببا في الضغط على الأنابيب الواقعة في المسار وانهيارها”. وقال إن الحادث تسبب في إهدار كميات كبيرة من المياه تقدر بـ500 ألف متر مكعب، وانقطاعها عن المنطقة، وأن فترة الصيانة غير محددة حتى معاينة الضرر والكشف عن الأنبوب المتضرر. لكنه أضاف أن انفجار الأنبوب “سيؤدي إلى انقطاع المياه عن المنطقة نحو أسبوع وسيشمل نحو مليون ونصف مليون شخص على الأقل

 ويمثل النهر الصناعي المصدر الوحيد للمياه في ليبيا، لكنه بات يواجه تحديات عدة بسبب التعديات لتتراجع نسبة ما يضخه من المياه إلى 60 في المئة، وفقاً لمسؤولين ليبيين. ويأتي ذلك، في وقت استنفرت الحكومتان المتنازعتان في شرق ليبيا وغربها طاقتيهما، لتطويق تبعات الحادث، لكن تبادل الاتهامات ظل حاضراً، ما يعكس الأزمة التي تعانيها البلاد. 

 فرئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب أسامة حماد، ذهب برفقة وزير الموارد المائية محمد دومة، الخميس، لتفقد أوضاع السكان المتضررين في المنطقة الممتدة بين أجدابيا والزويتينة. ووفقاً لبيان رسمي، أطْلع مهندسو جهاز النهر الصناعي رئيس الوزراء ووزير الموارد المائية على أسباب الانفجار، الذي أكدوا أنه نتج من الوصلات غير الشرعية وسرقة صمامات الهواء، التي تعد أعمالاً مجرّمة، مؤكدين أن فرق الصيانة في الجهاز تمكنت من السيطرة على التسرب. وعقب جولته، أعلن حماد تشكيل لجنة أزمة في بلدية أجدابيا لتأمين سرعة الانتهاء من ترميم خط المياه المعطوب. وفي الجهة الأخرى، أصدر رئيس حكومة “الوحدة الوطنية” عبد الحميد الدبيبة تعليمات إلى وزارة الحكم المحلي وجهاز النهر الصناعي بصيانة التسرب في أجدابيا، كما إلى عميد بلدية أجدابيا بتشكيل لجنة لحصر الأضرار الناتجة من التسرب. وأمام هذا المشهد، سارع عدد من الدول، وفي مقدمتها بريطانيا عبر سفارتها في ليبيا، إلى إعلان استعدادها لتقديم المساعدات المادية واللوجستية لتطويق الحادث، لكن حماد غرد عبر حسابه على “تويتر” قائلاً: “تابعت ما صدر عن بعض الدول الصديقة وبعض المنظمات الدولية بإعلان استعدادها للمساهمة في إصلاح انفجار خط المياه”. وأضاف: “في الوقت الذي نشكر فيه كل من أبدى استعداده للدعم والمساعدة، نذكر الجميع بأن الدولة الليبية، ممثلة بالحكومة الليبية، قادرة على مواجهة الظروف الطارئة، وإمكاناتها المادية كدولة نفطية، لا تستدعي تقبل التبرعات من أي أحد”.

التعليقات معطلة.