أربعة أمور يجب مراعاتها في الإنتخابات التركية

1

سونر چاغاپتاي

في يوم الأحد 24 حزيران/يونيو، سيتوجه الأتراك إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بصوتين، أحدهما للرئاسة والآخر للبرلمان. وتشير استطلاعات الرأي إلى وجود تنافس محتدم في هذه الانتخابات التي تعتبر تاريخية لكل من تركيا ورئيسها، رجب طيب أردوغان.

في نيسان/أبريل 2017، فاز أردوغان – بفارق ضئيل بلغت نسبته 2 في المائة – في الاستفتاء الذي كان هدفه تعديل دستور تركيا. وقد سمح ذلك التعديل بالتحول إلى نظام رئاسة تنفيذية، خلال تولي أردوغان رئاسة السلطة. وفي الإنتخابات المبكرة التي دعا إليها في 24 حزيران/يونيو، يأمل أردوغان في الفوز وتولي الصلاحيات المنصوص عليها في ذلك الاستفتاء.

وإذا فاز أردوغان بالإنتخابات، فلن يكون رئيس «حزب العدالة والتنمية» الحاكم ورئيس الدولة فحسب، بل رئيس الحكومة أيضاً (وهو المنصب الذي يشغله حالياً اسمياً رئيس الوزراء بن علي يلدرم). كما ستمنحه الرئاسة التنفيذية السلطة على الجيش، والشرطة التي هي قوة وطنية في تركيا. ويُعيّن أردوغان بالفعل أغلبية القضاة في المحاكم العليا، وإذا حقق فوزاً مزدوجاً في عمليتي التصويت يوم الأحد، فسيصبح كل من البرلمان والسلطة التنفيذية تحت إمرته. بعبارة أخرى، إذا فاز في الإنتخابات يوم الأحد، سيصبح أردوغان أقوى زعيم تركي منذ أن أسس مصطفى كمال أتاتورك البلاد في عام 1923.

وهناك أربع نقاط يجب تذكرها قبل تصويت يوم الأحد:

المنافسة ستكون غير عادلة
ستكون هذه أول حملة إنتخابية غير عادلة حقاً تشهدها تركيا منذ أن أصبحت البلاد ديمقراطية متعددة الأحزاب في عام 1950. وسيتم التصويت في ظل حالة الطوارئ، التي أُعلنت في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016. ومنذ ذلك الحين مدّدت حكومة أردوغان حالة الطوارئ سبع مرات.

وتقوم الحكومة أيضاً بمراقبة المحتوى على الإنترنت، حيث تسيطر الشركات المؤيدة لأردوغان على حوالي 90 في المائة من جميع وسائل الإعلام في البلاد. لذا تدعم التغطية الإعلامية أردوغان بصورة إنفرادية. فعلى سبيل المثال، منحت شبكة “TRT”، الممولة من الحكومة التركية، أردوغان 31 ساعة و25 دقيقة من البث بين الأول من أيار/مايو و25 أيار/مايو. بينما حصل مرشح «حزب الشعب الجمهوري» المعارض محرّم إينجه على 3 ساعات و38 دقيقة فقط، وحصلت رئيسة حزب “الخير” (“الجيد”) ميرال أكسنر على 9 دقائق، ولم يحصل مرشح «حزب الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد صلاح الدين دميرتاس على أي دقيقة.

تركيا ستبقى مستقطبة بشدة
خلال فترة توليه منصب رئيس وزراء تركيا من 2003 إلى 2014، وتوليه منصب الرئيس منذ ذلك الحين، أصبح أردوغان محافظاً وشعبياً على نحو متزايد. فقد قام بالتشهير بمختلف الأطياف والأقليات وقمعها، بدءاً من الوطنيين الأكراد والديمقراطيين الاجتماعيين وصولاً إلى اليساريين والليبراليين، الذين من غير المرجح أن يصوتوا له. وقد ساعد هذا الأمر أردوغان على تعزيز قاعدته اليمينية والإسلامية والقومية.

وإلى جانب النمو الاقتصادي القوي، تمكنت الاستراتيجية الإنتخابية لأردوغان من ترسيخ الاستقطاب بشدة في تركيا. وقام أنصاره المحافظون، الذين يشكلون نحو نصف [سكان] البلاد، بالاحتشاد حوله بحماسة للدفاع عنه. أمّا النصف الآخر، الذي عانى الأمرّين من أردوغان، فيستاء منه بشدة.

وفي منافسة غير عادلة، قد يفوز أردوغان بالفعل في الإنتخابات الرئاسية يوم الأحد، أو في الجولة الثانية المقرّر إجراؤها في 8 تمّوز/يوليو بين المرشحَين المتفوقَين، إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المائة من الأصوات يوم الأحد. وسيصبح أردوغان أكثر استبدادية في أعقاب الإنتخابات، علماً بأنّ العديد من مواطنيه لم يعد يدعمه. وستستمرّ سياسته الشعبية في تقسيم تركيا.

أردوغان سيواجه معارضة متحدة (تقريباً)
حقق أردوغان 12 نصراً إنتخابياً على الصعيد الوطني، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه كان يواجه معارضة منقسمة. وكان المعسكر المناهض لأردوغان مؤلفاً من مجموعات مختلفة، من بينها الأتراك والأكراد القوميين، والعلمانيين، وحتى بعض الإسلاميين. ولحسن حظ أردوغان، غالباً ما كانت الفجوة بين فصائل المعارضة أوسع من الفجوة التي تفصلها عن أردوغان. بيد، كان ذلك على هذا النحو حتى الآن.

وقد تغيّر [هذا الفارق] بسبب خطأ إنتخابي نادر ارتكبه أردوغان. فتركيا تتمتع بعتبة إنتخابية مرتفعة تبلغ نسبتها 10 في المائة، مما يعني أن الأحزاب التي لا تحصل على أكثر من 10 في المائة من الأصوات الوطنية لا يمكنها الفوز بمقاعد في البرلمان. وفي الفترة التي سبقت إنتخابات 24 حزيران/يونيو، اختلق أردوغان فكرة “الميثاق الإنتخابي” لمساعدة حليفه «حزب العمل القومي» الناشئ، الذي يستطلع حالياً حوالي 5 في المائة، لعبور عتبة الـ 10 في المائة.

وهنا يدخل قانون التبعات غير المقصودة: فقد أدركت أحزاب المعارضة أن بإمكانها الاستفادة أيضاً من “الكتلة الإنتخابية” لتوحيد دعمها. وبالتالي، شكّلت كتلة مناهضة لأردوغان، تتألف من أربعة من المناصرين غير المحتملين، أي «حزب الشعب الجمهوري» العلماني اليساري، و«حزب الخير» القومي الوسطي، و«الحزب الديمقراطي» من يمين الوسط، و«حزب السعادة» الإسلامي. وبعد الإنتخابات، قد يحاول أردوغان تقسيم المعارضة كما فعل في الماضي. ومع ذلك، تشير طبيعة الائتلاف المعارض إلى أن خط الصدع في السياسة التركية لم يعد يمر عبر الانقسامات التقليدية، أي اليمين مقابل اليسار أو المحافظ مقابل العلماني، بل أصبح يتركز حول التأييد لأردوغان أو معارضته. وسيكون من الصعب على أردوغان التراجع عن أكبر خطأ إنتخابي له حتى الآن.

صوْت الوطنيين الأكراد سيكون صانع الملوك
استبعدتْ كتلة المعارضة «حزب الشعوب الديمقراطي» الكردي القومي من أجل تفادي تنفير ناخبي كل من «حزب الشعب الجمهوري» القومي التركي و«حزب الخير». ونتيجة لذلك، ترشّح «حزب الشعوب الديمقراطي» بشكل إنفرادي. وحالياً، يبلغ دعم «حزب الشعوب الديمقراطي» ما يقارب مستوى العتبة في تركيا البالغ 10 في المائة. وإذا كان لدى «حزب الشعوب الديمقراطي» الدعم الكافي لعبور العتبة، فإن أحزاب المعارضة ستحرم «حزب العدالة والتنمية» من الأغلبية التشريعية، وستجبر أردوغان على إجراء جولة ثانية ضمن السباق الرئاسي. وفي كلتا الحالتين، سيكون أردوغان قد فقد رهجته.

التعليقات معطلة.