الرئيس التركي يطالب البرلمان بتمديد الوجود العسكري في كل من سوريا والعراق، في خطوة تشير إلى أنه لا يعتزم مغادرة ساحتي دولتي الجوار على نقيض ما أظهره من رغبة في تسوية الخلافات العالقة.مطالبة أردوغان البرلمان بتمديد الوجود العسكري في سوريا والعراق ينسف جهود المصالحة مع دمشق ويفاقم الخلاف مع العراق
أنقرة – قدمت الرئاسة التركية مذكرة إلى البرلمان، تطلب فيها تمديد عمل وبقاء الجيش التركي في كل من سوريا والعراق لمدة عامين إضافيين، بالتوازي مع حملة عسكرية تركية شمال سوريا، في تطور يجهض مفاوضات المصالحة بين دمشق وأنقرة التي تتراوح بين جذب وشد منذ أشهر.
وسيناقش البرلمان التركي المذكرة ويتم التصويت عليها خلال الأيام القادمة، لكن النتيجة مرجحة بالموافقة.
وصرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرارا أنه منفتح على عقد لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يشترط انسحاب القوات التركية من شمال سوريا لإجراء أي حديث وتطبيع العلاقات، لكن طلب التمديد الذي قدمته الرئاسة التركية إلى البرلمان الخميس، يؤكد عزم أردوغان البقاء في سوريا وإرسال مزيد من الجنود إلى المنطقة، ناسفا بذلك كل الأحاديث السابقة عن المصالحة بين البلدين.
ويتواجد الجيش التركي في سوريا والعراق بحجة محاربته عناصر حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، فيما ترفض الحكومة السورية التواجد التركي على أراضيها وتقول أنه احتلال، حيث تدعم تركيا الفصائل المسلحة التي تشكل “الجيش الوطني السوري”.
ومن جانبه يرفض العراق التواجد التركي على أراضيه وطلب رسميا أكثر من مرة خروج جميع القوات التركية من أراضيه.
ويتزامن التحرك الرئاسي مع هجمات تركية ضد أهداف كردية في سوريا والعراق، وقد أسقطت ثمانية قتلى في تصعيد ناجم عن هجوم بقنبلة في أنقرة أعلن مسلحون أكراد مسؤوليتهم عنه.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر أمني محلي إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أسقط طائرة تركية مسيرة قرب قاعدة في شمال شرق سوريا.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن الطائرة المسيرة التي أسقطها التحالف لا تخص القوات المسلحة التركية، دون أن يذكر الجهة التي تنتمي إليها. ولم يرد التحالف بعد على طلب للتعليق.
وأثار الدعم الأميركي للقوات الكردية في شمال سوريا منذ فترة طويلة توترا في العلاقات مع تركيا، شريكتها في حلف شمال الأطلسي. وتعتبر أنقرة هذه القوات جناحا لحزب العمال الكردستاني المحظور، الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم الأحد الماضي في أنقرة بالقرب من مقار حكومية.
وقالت تركيا الأربعاء إن المهاجمين قدما من سوريا. وأودى التفجير بحياة المهاجمَين وأصاب اثنين من أفراد الشرطة.
ونفت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وهي قوة يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، أن يكون المفجران مرا عبر الأراضي التي تسيطر عليها.
وكان مسؤول بوزارة الدفاع التركية قال في وقت سابق الخميس إن شن عملية برية في سوريا من بين الخيارات التي قد تبحثها أنقرة. وأضاف “هدفنا الوحيد هو القضاء على المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدا لتركيا. وشن عملية برية من بين الخيارات للقضاء على هذا التهديد لكنها ليست الخيار الوحيد بالنسبة لنا”.
وسبق أن توغلت تركيا عدة مرات في شمال سوريا لاستهداف وحدات حماية الشعب الكردية السورية.
وقالت قوات الأمن في شمال شرق سوريا إن تركيا شنت سلسلة من الهجمات الخميس مع دخول أكثر من 15 طائرة مسيرة المجال الجوي للمنطقة وقصفها أهدافا تشمل البنية التحتية ومحطات الغاز والنفط. وتابعت في بيان إن الهجمات التركية أودت بحياة ستة من عناصر قوى الأمن الداخلي في شمال شرق سوريا ومدنيين اثنين في غارتين منفصلتين.
وكثفت تركيا عملياتها ضد حزب العمال الكردستاني المحظور بعد إعلانه المسؤولية عن هجوم أنقرة وشنت ضربات جوية على شمال العراق.
وأفاد مسؤولون أتراك إن أي بنية تحتية ومنشآت طاقة في العراق وسوريا يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني، وكذلك وحدات حماية الشعب الكردية السورية، هي أهداف عسكرية مشروعة.
وتابع المسؤول بوزارة الدفاع “حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب هما نفس المنظمة الإرهابية، إنهما هدفنا المشروع في كل مكان. تركيا نفذت عمليات كلما وحيثما كان ذلك ضروريا في الماضي، وستستمر هذه العمليات مرة أخرى إذا لزم الأمر”.
وأضاف أن “هذه العمليات تجري في إطار حقوق الدفاع عن النفس التي يكفلها القانون الدولي للقضاء على الهجمات الإرهابية على الأراضي التركية ولضمان أمن الحدود”.
ووحدات حماية الشعب هي أيضا الفصيل الرئيسي في قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الحليف الأبرز للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وأدى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وحلفاء آخرون بما في ذلك فرنسا، لوحدات حماية الشعب إلى توتر العلاقات مع أنقرة.
وطالبت تركيا قوات أي دولة أخرى بالابتعاد عن المنشآت التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب.
وقال المسؤول “ندعو جميع الأطراف، الدول الصديقة والحليفة على وجه الخصوص، إلى الابتعاد عن هؤلاء الإرهابيين. هذا مجرد إخطار والأمر متروك لهم لاتخاذ الاحتياطات اللازمة”، دون أن يذكر أي دولة بالاسم.
وذكرت وزارة الدفاع التركية إن وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره العراقي ثابت العباسي بحثا خلال محادثات جرت الخميس الخطوات المشتركة المحتملة بشأن مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.
ويزور العباسي أنقرة بعد أن نفذت تركيا ضربات جوية في شمال العراق على أهداف تابعة لحزب العمال الكردستاني المحظور بعد أن قالت إنه دبر أول هجوم بقنبلة في العاصمة التركية منذ سنوات.
وندد العراق بالضربات الجوية التركية وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق مع أنقرة لحل هذه المشكلة.