“أرضية متوترة” تزلزل براميل نفط كوردستان وبغداد الخاسر الأكبر

2

يواصل إقليم كوردستان العراق، لعب دور مهم في خريطة الطاقة العراقية، حيث يُنتج ما بين 400 إلى 450 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، وتُشرف وزارة الموارد الطبيعية في حكومة الإقليم على عمليات الإنتاج والتصدير، من خلال اتفاقات تقاسم إنتاج مع شركات دولية تمنحها حوافز كبيرة للاستثمار، بينما يُصدّر أغلب النفط المستخرج عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، في مسار تصديري مستقل عن الحكومة الاتحادية.

ويقدر مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاد، أن الخسائر التي لحقت بالعراق طوال العامين الماضين من إيقاف تصدير نفط الاقليم، تتجاوز 20 مليار دولار، وهي خسائر مبيعات كان ممكن تحقيقها من بيع 400 ألف برميل يومياً.

خلافات دستورية

لكن هذا الواقع النفطي يقف على “أرضية متوترة” من الخلافات العميقة بين أربيل وبغداد، إذ تتمحور أبرز الإشكالات حول تفسير المادة 112 من الدستور العراقي، الحكومة الاتحادية ترى أن إدارة النفط والغاز من صلاحيات المركز الحصرية، في حين تتمسك حكومة الإقليم بحقها الدستوري في إدارة الموارد الطبيعية ضمن حدودها.

أحد أبرز نقاط التصادم يكمن في العقود النفطية التي أبرمتها حكومة الإقليم مع شركات أجنبية دون الرجوع إلى بغداد، هذه العقود، التي تعُدّها الأخيرة غير قانونية، تشكل حجر عثرة أمام أي تسوية شاملة، إذ ترى بغداد أن أي اتفاق نفطي يجب أن يخضع لرقابة البرلمان وديوان الرقابة المالية، فضلًا عن إشراف شركة التسويق الوطنية “سومو”.

كما أدى تصدير النفط الكوردي بشكل منفرد إلى تركيا إلى توتر سياسي ودبلوماسي، خاصة بعد صدور حكم من غرفة التجارة الدولية في باريس في آذار/مارس 2023، اعتبر تصدير النفط دون موافقة بغداد انتهاكًا للاتفاقات الدولية، ما أدى إلى توقف الصادرات وتكبد الطرفين خسائر تقدّر بأكثر من 20 مليار دولار.

رابطة APIKUR

وفي خضم هذه الأزمة، برزت رابطة شركات النفط الدولية العاملة في كوردستان (أبيكور) كطرف فاعل يطالب بالاعتراف بعقودها وضمان حقوقها المالية، وتضم الرابطة شركات بارزة مثل (DNO وGenel Energy وGulf Keystone)، والتي أكدت أن استمرار الوضع الراهن دون اتفاق يعرض استثماراتها للخطر، خاصة في ظل غياب أفق قانوني واضح.

في المقابل، شددت وزارة النفط العراقية على موقفها الرافض لهذه العقود.

وقال مصدر رفيع في الوزارة، لوكالة شفق نيوز، إن “أزمة ملف النفط مع إقليم كوردستان لا تتعلق فقط بالجوانب المالية أو الفنية، بل هي قضية سيادة وإدارة مركزية للثروات الطبيعية وفقًا لما نص عليه الدستور”.

وأشار المصدر، إلى أن الوزارة “لا تمانع في التوصل إلى حلول مع حكومة الإقليم، لكن ضمن إطار قانوني ومؤسساتي واضح، وان إدارة الموارد النفطية، من قبل حكومة الإقليم، والتي تُربك السياسة النفطية العامة وتؤثر على التزامات العراق مع منظمة أوبك”.

وأكد المصدر أنه “رغم عقد سلسلة من الاجتماعات واللجان الفنية بين الطرفين، فإن الخلافات ما تزال مستمرة، ما يضع مستقبل الاستثمار في قطاع الطاقة في كوردستان أمام تحديات حقيقية”.

وبينما تطالب بغداد بإعادة هيكلة العقود بما يتوافق مع القوانين الاتحادية، تصر أربيل والشركات الأجنبية على احترام الصيغ التعاقدية الحالية، وسط دعوات لوضع إطار قانوني دائم يضمن عدالة توزيع الموارد بين جميع محافظات العراق، وفقاً للمصدر.

عقود كوردستان

من جانبها، أكدت حكومة إقليم كوردستان أن سياستها النفطية تستند إلى أحكام الدستور، وأنها لم تخرق القانون في تعاقداتها مع الشركات الدولية.

وقال مصدر في وزارة الموارد الطبيعية في الإقليم، للوكالة، إن “الإقليم تصرّف ضمن صلاحياته الدستورية، وإن المادة 112 من الدستور لا تمنح الحكومة الاتحادية حق التفرد بإدارة الثروات، بل تنص على الشراكة والتعاون في إدارة النفط المستخرج من الحقول الحالية”.

وأضاف المصدر، أن “حكومة الإقليم عملت على ضمان بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة لشركات الطاقة العالمية، ونجحت في تطوير البنية التحتية وتوسيع الطاقة الإنتاجية في ظل غياب الدعم من بغداد”، مشيرًا إلى أن “إيقاف تصدير النفط عبر تركيا تسبب بخسائر جسيمة للإقليم ولعموم الاقتصاد العراقي، وهو ما يستدعي العودة إلى طاولة الحوار بحسن نية، بعيداً عن الخطابات السياسية”.

وتتهم أربيل بغداد بالتراجع عن الاتفاقات السابقة، بما فيها اتفاق قانون الموازنة، الذي ينص على تسليم كميات محددة من النفط مقابل تغطية نفقات الإقليم.

كما ترى حكومة الإقليم أن رفض الحكومة الاتحادية دفع مستحقات الشركات العاملة في كوردستان، يعرض الوضع الاقتصادي الداخلي للخطر، ويُفقد العراق ثقة المستثمرين الأجانب في قطاع الطاقة.

موقف “نفط الشمال” 

وفي سياق متصل، أكد مصدر في شركة نفط الشمال في تصريح لوكالة شفق نيوز أن الشركة مستعدة بشكل كامل لبدء ضخ النفط من إقليم كوردستان عبر شبكة أنابيب الشركة، وأن الأنابيب جاهزة للتشغيل فور تلقي إشعار من وزارة النفط العراقية ببدء عملية التصدير.

وأضاف المصدر أن “الخطوط الرئيسية لخطوط الأنابيب في محطات الضخ جاهزة للعمل، والقرار النهائي يعود إلى وزارة النفط في حال اتخاذ قرار بعودة تصدير نفط الإقليم عبر شبكة أنابيب كركوك – ميناء جيهان التركي”.

وكان العراق يصدر نحو 400 ألف إلى 500 ألف برميل يومياً من حقول الشمال بما في ذلك إقليم كوردستان، عبر خط الأنابيب المتوقف الآن، وقال وزير النفط حيان عبد الغني في شباط/فبراير الماضي، إن العراق يخطط لنقل ما لا يقل عن 300 ألف برميل يومياً من النفط الخام بمجرد استئناف العمليات، وأضاف أن الإدارة العراقية بدأت أيضاً عملية رسمية لإقناع حكومة الإقليم بنقل النفط إلى شركة تسويق النفط الاتحادية (سومو).

وأدى إغلاق خط الأنابيب إلى توقف صادرات النفط العراقي بنحو 500 ألف برميل يومياً، وقد يخفف استئناف تدفقات النفط من كوردستان بعض التأثير على الأسواق بسبب خفض الشحنات من العراق، المصدر الرئيسي للخام.

وكان العراق يصدر نحو 400 ألف إلى 500 ألف برميل يومياً من حقول الشمال بما في ذلك إقليم كوردستان، عبر خط الأنابيب المتوقف الآن، وقال وزير النفط حيان عبد الغني في وقت سابق من هذا الشهر إن العراق يخطط لنقل ما لا يقل عن 300 ألف برميل يومياً من النفط الخام بمجرد استئناف العمليات، وأضاف أن الإدارة العراقية بدأت أيضاً عملية رسمية لإقناع حكومة الإقليم بنقل النفط إلى شركة تسويق النفط الاتحادية (سومو).

وقالت تركيا مراراً وتكراراً إن خط الأنابيب جاهز للعمل وإن الأمر متروك للعراق لاستئناف التدفقات، كما أعربت الولايات المتحدة عن رغبة قوية في رؤية النفط يتدفق عبر خط الأنابيب العراقي التركي.

وقد يشكل استئناف الشحنات عبر خط الأنابيب معضلة لبغداد، التي تلتزم بخفض إنتاج الخام كجزء من اتفاق أوبك+، لكنها تكافح للالتزام بالتخفيضات الموعودة.

ويخضع إنتاج وصادرات منظمة البلدان المصدرة للبترول لتدقيق متزايد بعد أن دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المجموعة الشهر الماضي إلى “خفض سعر النفط”.

التعليقات معطلة.