مقالات

{أسباب عدم إعلان إسرائيل تبنيها لعملية تفجير البيجر وعدم اتهام حزب الله لها}

حسن فليح /محلل سياسي

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، تأتي عملية تفجير البيجر كحادثة بارزة قد تثير الكثير من التساؤلات حول من يقف خلفها والأسباب وراء عدم إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن العملية أو اتهام حزب الله لها بشكل مباشر. تحيط هذه المسألة بسياق سياسي وعسكري معقد يستدعي تحليلًا دقيقًا لفهم أسباب هذا الصمت والقرارات المتخذة.

  1. تجنب التصعيد المباشر:

أحد الأسباب الرئيسية لعدم إعلان إسرائيل مسؤوليتها هو الرغبة في تجنب تصعيد عسكري مباشر. قد تدرك إسرائيل أن إعلان مسؤوليتها عن العملية قد يؤدي إلى رد فعل عسكري واسع النطاق من حزب الله، مما قد يفضي إلى تصعيد غير مرغوب فيه. الحفاظ على مستوى منخفض من التصعيد يتيح لإسرائيل تجنب الحرب الشاملة، والتي قد تكون مكلفة سياسيًا وعسكريًا.

  1. الحفاظ على الغموض الاستراتيجي:

إسرائيل تعتمد بشكل كبير على عنصر المفاجأة والغموض في استراتيجيتها العسكرية. من خلال عدم إعلان المسؤولية، تستطيع إسرائيل الحفاظ على درجة من الغموض حول قدرتها العملياتية وأساليبها. هذا الغموض يمكن أن يُستخدم كأداة ردع ضد حزب الله ويمنع الحزب من تقدير كامل لقدرات إسرائيل الحقيقية.

  1. الاستفادة من الأثر النفسي:

عدم تبني العملية يتيح لإسرائيل الاستفادة من الأثر النفسي المترتب على العملية دون تحمل المسؤولية المباشرة. التفجيرات التي تُنسب إلى جهات غير معروفة أو يُفترض أنها غير إسرائيلية يمكن أن تزرع القلق والضغط النفسي على حزب الله دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة. هذا قد يكون استراتيجية لتقليل الحافز لدى حزب الله للرد.

  1. عدم تقديم ذريعة لحزب الله:

إذا تبنت إسرائيل العملية، فقد توفر لحزب الله ذريعة لتكثيف ردوده ضد إسرائيل. الحزب قد يستفيد من هذا كتبرير لزيادة نشاطه العسكري أو الهجمات المضادة. من خلال عدم تبني العملية، تقلل إسرائيل من فرص حصول حزب الله على مبرر للردود العنيفة .

السؤال المطروح
عملية تفجير البيجر: هل خرقت قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله؟
في سياق الصراع الطويل والمستمر بين إسرائيل وحزب الله، يمثل حادث “عملية تفجير البيجر” تحولاً ملحوظًا في قواعد الاشتباك المعهودة بين الطرفين. يُعرف النزاع بين إسرائيل وحزب الله بتعقيده وتوازنه، حيث تجنب الطرفان التصعيد المباشر للحفاظ على نوع من الاستقرار النسبي في المنطقة، ولكن عملية تفجير البيجر تثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحادثة قد خرقت تلك القواعد المستقرة.
عبر السنوات، تطورت قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله بشكل غير رسمي، لكنها أصبحت أشبه باتفاق ضمني يحكم سلوك الطرفين في جنوب لبنان ومحيطه. هذه القواعد تستند إلى تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة، وتتمثل في تبادل محدود للضربات وردود الفعل المحسوبة. هذه الديناميكية ساهمت في الحد من نشوب صراع مفتوح، إلا أن عملية تفجير البيجر قد تكون خرقًا لهذه التوازنات والقواعد .

قد يكون التفجير محاولة لتعزيز الردع المتبادل، خاصة إذا شعر حزب الله بأن إسرائيل قد تخلت عن احترام بعض الجوانب المهمة فيما يخص قواعد الاشتباك .

ان عملية تفجير البيجر، بغض النظر عن المسؤول عنها، قد تشير إلى مرحلة جديدة من الصراع بين إسرائيل وحزب الله. إذا كان التفجير يُمثل خرقًا لقواعد الاشتباك، فقد يعني ذلك أن الطرفين يتجهان نحو إعادة صياغة هذه القواعد، مما يفتح الباب أمام احتمالات تصعيد غير مسبوقة. هذا التحول يحمل في طياته مخاطر كبيرة، ليس فقط على المستوى المحلي في لبنان وإسرائيل، بل على المستوى الإقليمي بأسره .
عدم إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن عملية تفجير البيجر وعدم اتهام حزب الله لها يعكس استراتيجية معقدة تهدف إلى تجنب التصعيد، والحفاظ على الغموض الاستراتيجي، وتقليل المخاطر المرتبطة بتقديم مبررات لحزب الله . هذه الخطوات تشير إلى رغبة إسرائيل في إدارة الصراع بحذر، مما يعكس إدراكًا دقيقًا لتداعيات أي تصعيد عسكري على الأوضاع الإقليمية والدولية.