أسعار الكهرباء في إيران تقفز خمسة أضعاف خلال 10 سنوات

2

ارتفاع التعرفة وحذف الدعم على نطاق واسع وضعا شريحة كبيرة من السكان أمام تكاليف تفوق قدرتهم الاقتصادية
أمير حسين مير إسماعيلي صحافي في اندبندنت فارسية
أصبح الجزء الأكبر من العبء المالي الناتج من اختلالات قطاع الطاقة وتدهور البنية التحتية على عاتق الناس (رويترز)
ملخص
وعد الماء والكهرباء المجانيين للإيرانيين كان من أبرز شعارات الخميني عند عودته للبلاد في شتاء عام 1979، إلا أنه بعد أكثر من 46 عاماً، لم يتحقق هذا الوعد، بل تواجه إيران اليوم أزمة شح مياه واسعة النطاق، فيما تواصل أسعار الكهرباء ارتفاعها على رغم الانقطاعات المتكررة التي تمتد لنحو نصف عام.
تزامناً مع إعلان حذف مليون و428 ألف شخص آخر من قائمة مستفيدي الدعم الحكومي التي تسمى بـ”يارانه”، أعلن مدير إدارة الطاقة وتخطيط شؤون المشتركين في شركة إدارة إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في إيران (توانير)، زيادة لا تقل عن 35 في المئة في تعرفة الكهرباء وفواتيرها ابتداء من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
ويأتي ذلك في وقت تسبب فيه تكرار انقطاع التيار الكهربائي خلال فصلي الربيع والصيف الماضيين في معاناة واسعة للمواطنين الإيرانيين، إذ أدت حالات الانقطاع والتذبذب في التيار إلى تلف الأجهزة الكهربائية المنزلية، واضطر عدد من الأسر إلى تحمل تكاليف باهظة للإصلاح أو الاستبدال. كما أعلنت قطاعات صناعية صغيرة ومتوسطة تراجع الإنتاج، وتكبد خسائر مالية نتيجة توقف خطوط الإنتاج موقتاً.
ومع الزيادة الكبيرة في التعرفة وحذف أعداد واسعة من الدعم الحكومي، تفاقم الضغط الاقتصادي على الشرائح المتوسطة والفقيرة، مما أدى إلى تصاعد الاستياء الشعبي من السياسات الاقتصادية لحكومة الرئيس مسعود بزشكيان.
وفي هذا الخصوص، قال عبدالأمير ياقوتي، أحد كبار مسؤولي شركة إدارة إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في إيران (توانير)، إن الزيادة الأدنى في تعرفة الكهرباء بلغت نحو 35 في المئة، موضحاً أنه على سبيل المثال، كان المشترك الذي يستهلك 200 كيلوواط في الساعة يدفع سابقاً نحو 20 ألف تومان (0.30 دولار)، أما الآن، وفي المستوى نفسه من الاستهلاك، فيدفع نحو 30 ألف تومان (0.41 دولار).
وفي شرحه لتعديل سعر الأساس لتوليد الكهرباء وارتفاع الكلفة التصاعدية للطاقة، أضاف ياقوتي قائلاً “ارتفع سعر تأمين الكهرباء من 752 توماناً إلى 952 توماناً، وهو المعدل الذي يبنى عليه احتساب التعرفات الجديدة، لذلك فإن أية زيادة طفيفة في الاستهلاك قد تؤدي إلى ارتفاع ملاحظ في قيمة الفاتورة النهائية عند تجاوز الشرائح المحددة”.
قبض_برق_حداقل_۳۵_درصد_گران_تر_شد؛_۵۰۰_درصد_افزایش_در_یک_دهه_برخلاف_وعده_برق_مجانی_خمینی.jpg
زيادة لا تقل عن 35 في المئة في تعرفة الكهرباء وفواتيرها ابتداء من شهر أكتوبر 2025 (اندبندنت فارسية)
يذكر أن وعد الماء والكهرباء المجانيين للإيرانيين كان من أبرز شعارات الخميني عند عودته للبلاد في شتاء عام 1979، إلا أنه بعد أكثر من 46 عاماً، لم يتحقق هذا الوعد، بل تواجه إيران اليوم أزمة شح مياه واسعة النطاق، فيما تواصل أسعار الكهرباء ارتفاعها على رغم الانقطاعات المتكررة التي تمتد لنحو نصف عام.
وفي وقت تواصل فيه الحكومات المتعاقبة في إيران الترويج لما تسميه “دعم الطاقة” (يارانه انرژی)، تكشف الوقائع عن أن الارتفاع التصاعدي في تعرفة الكهرباء، وحذف ملايين الأشخاص من قوائم مستحقي الدعم، وتدهور البنية التحتية للمياه والكهرباء، قد أدت جميعها إلى أزمات حقيقية تمس الحياة اليومية لملايين الإيرانيين.
اقرأ المزيد
عقوبات الأمم المتحدة تزيد من أخطار الركود وتجدد الاحتجاجات في إيران
ارتفاع أسعار المواد الغذائية في إيران 30 ضعفا والمطاعم تغلق تباعا
فيديو زفاف ابنة شمخاني يثير زوبعة سياسية في إيران
وتشير مراجعة أجرتها صحيفة “اندبندنت فارسية” إلى أنه خلال السنوات الـ10 الماضية، أي بين شهر أكتوبر من عام 2015 وشهر أكتوبر من عام 2025، ارتفعت فواتير الكهرباء في إيران بنسبة لا تقل عن 500 في المئة، أي بمعدل زيادة سنوية يقارب 50 في المئة. هذا المعدل من تضخم أسعار الكهرباء تجاوز معدلات التضخم الرسمية، وكان أكثر من ضعفي نمو أجور العمال والموظفين خلال الفترة ذاتها، مما يعني تراجعاً مستمراً في القوة الشرائية للأسر وتصاعد الضغوط المعيشية على الطبقات الوسطى والفقيرة.
كما أعلن مسؤولو وزارة الطاقة في حكومة بزشكيان أن فواتير الكهرباء للمشتركين، الذين تصنفهم الوزارة على أنهم “ذوو الاستهلاك العالي للكهرباء”، قد ترتفع حتى خمسة أضعاف ابتداء من شهر أكتوبر الجاري.
هذا، ونشر موقع “تجارت ‌نیوز” في إيران، أمس الخميس الـ23 من أكتوبر الجاري، تقريراً أكد فيه أن فواتير الكهرباء لعدد من المشتركين شهدت ارتفاعاً ملاحظاً، إذ وصل عدد من الفواتير التي كانت سابقاً بين 30 و50 و60 ألف تومان (نحو 0.82 دولار) إلى ما بين 70 و180 ألف تومان (نحو 2.5 دولار).
وأوضح التقرير أنه منذ الـ22 من مايو (أيار) الماضي، ارتفع سعر تأمين الكهرباء وتغيرت معامل الشرائح المختلفة، مما يعني أن أي مشترك يتجاوز حد الاستهلاك المحدد يتعرض لزيادة حادة في قيمة فاتورته.
وبمعنى آخر، إذا تجاوز مشترك استهلاكه خمسة كيلوواط فقط فوق الحد الشهري المحدد بـ200 كيلوواط في أشهر السنة غير الحارة، فإن هذه الكمية الزائدة تحسب بسعر الشريحة الأعلى، الذي يعادل 1.5 ضعف سعر تأمين الكهرباء. وبهذا، بينما تحسب استهلاكات تصل إلى 200 كيلوواط بمعامل 0.5، فإن خمسة كيلوواط إضافية فقط قد تؤدي إلى زيادة كبيرة في قيمة الفاتورة.
أدى هذا التغيير في هيكلة الحساب إلى ارتفاع مفاجئ في فواتير الكهرباء، بحيث حتى المشتركين الذين لم يتغير استهلاكهم مقارنة بالعام الماضي وبقوا ضمن الحد المحدد، شهدوا زيادة لا تقل عن 35 في المئة بقيمة فواتيرهم. وإذا تجاوز الاستهلاك الحد قليلاً، ترتفع التعرفة بصورة تصاعدية حادة، مما يؤدي إلى زيادة غير متناسبة في الكلفة المدفوعة.
وفي ظل تراجع القوة الشرائية لجزء كبير من الأسر الإيرانية بسبب التضخم الحاد والبطالة، فإن سياسات حكومة إيران في قطاع الطاقة لم تسهم في تخفيف الأزمة المعيشية وزادتها تفاقماً. فارتفاع التعرفة بصورة كبيرة، وحذف الدعم على نطاق واسع، وإعادة هيكلة حساب الفواتير، وضعت شريحة كبيرة من السكان أمام تكاليف تفوق قدرتهم الاقتصادية.
وفي هذا السياق، وعلى عكس وعود الحكومة الأولية بدعم الشرائح الضعيفة، أصبح الجزء الأكبر من العبء المالي الناتج من اختلالات قطاع الطاقة وتدهور البنية التحتية على عاتق الناس، مما قد يؤدي إلى زيادة الاستياء الاجتماعي وتصاعد عدم الثقة العامة في السياسات الاقتصادية لحكومة بزشكيان.
نقلاً عن “اندبندنت فارسية”

التعليقات معطلة.