مقالات

أصداف : الاقتصاد العالمي الجديد

 
 
وليد الزبيدي
 
بدعوة كريمة من الأخ الدكتور مثنى حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، ألقيت محاضرة في مجلس الخميس الثقافي، الذي يحضره ويشارك فيه نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن المعرفي والثقافي والعلمي، وبما أن عنوان المحاضرة تكون من اختيار الباحث، فقد ارتأيت الحديث عن موضوع يحتل الصدارة في الاهتمامات الإقليمية والدولية، لكن ثمة قلة وندرة في البحث فيه والحديث عنه رغم أهميته، لهذ جاء عنوان المحاضرة بعنوان (الاقتصاد العالمي الجديد .. الآفاق المنظورة)، وهنا لا أريد إعادة ما جاء في تلك المحاضرة التي بثتها مرات عدة قناة الرافدين الفضائية، لكن ما يهمني في الأساس، الحديث عن الجوانب غير المنظورة في هذا الموضوع، أو لنقل ما نحتاج إليه في البحث فيه والحديث عنه.
لقد أثار الموضوع والحديث عن اقتصاد المعرفة أو ما يطلق عليه أحيانا باقتصاد الإنترنت واقتصاد العولمة، بالإضافة إلى تسميات عديدة أخرى نقاشات وحماس من غالبية الحضور، الذين يتوزعون بين المثقف والمهتم والخبير الاقتصادي، فكانت المداخلات التي تطرقت إلى قضايا اقتصادية متنوعة والتساؤلات التي أثارها الموضوع لدى العديد من الحاضرين، تؤشر بعض الملاحظات، وهو أمر متوقع عند الحديث في هذا الحيز الواسع والعميق والمتشعب، الذي ينتشر بسرعة وتزداد قوته باطراد، ويفرض هيمنة غير مسبوقة في الأسواق التجارية والاقتصادية في مختلف دول العالم.
من أهم النقاط التي يمكن للباحث استنتاجها أنه ورغم أهمية وخطورة التداعيات الواسعة التي يتركها هذا الاقتصاد في حياتنا اليومية، والدور المؤثر والفعال في السياسة الإقليمية والدولية، إلا أن الباحث يدرك حجم المعرفة المطلوبة من قبل الجميع، ويكتشف بسهولة، أن ثمة نقصا في المعلومات والتصورات التي تفضي إلى رؤى وقناعات يتم في ضوئها تحديد المسارات الحالية والمستقبلية في مختلف مناحي الحياة، وهذا أمر طبيعي في اقتصاد يسير بسرعة فائقة جدا أو يمكن القول إن التسارع الكبير في الخطى التي يقطعها الاقتصاد العالمي الجديد والتي لم يشهد أي اقتصاد آخر في الماضي مثل هذا التسارع في انتقالاته، تقتضي سرعة مماثلة في فهم هذا الاقتصاد ومدى تأثير ذلك على السياسات الدولية والإقليمية والداخلية، إذ تبقى أهم أعمدة الحياة الاجتماعية مرتبطة بالاقتصاد الذي يمكن أن يرتقي بالمجتمعات والدول إلى محطات متقدمة ويمنح الجميع أفضل الفرص للبناء والتنمية، أو يثقل المجتمعات بالتخلف والفقر والأمراض، وبدون شك أن الفرق شاسع جدا بين الدول والمجتمعات التي تستطيع خوض تجارب البناء في ضوء عوامل القوة التي تساعدها في ذلك وعوامل الضعف والوهن التي تنخر في البنية المجتمعية بسبب سوء وقصور في فهم المعطيات المنظورة والمحتملة.
بدون شك أن الحاجة كبيرة لسدّ فجوات عديدة في قوة تقود العالم وتؤثر فيه بقوة وشراسة غير مسبوقة.