شهد عام ٢٠١٧ العديد من الحوادث الطبية الحرجة والحالات المحيرة، ومنها حالة أوصلت الأطباء لخوض جدلٍ من نوع أخلاقي، مثل حالة المريض الذي وصل فاقداً للوعي إلى مستشفى بمدينة فلوريدا الأميركية.
كان المريض قد نقش وشماً لعبارة Do Not Resuscitate، وهو مصطلح طبي يعني عدم الإسعاف والسماح للمريض بالموت دون تدخل لإنقاذه.
وتعدَّدت الحالات الطبية المثيرة لتشمل امرأة تتعرق دماً، وتكوّن حصوة ذات حجم كبير جداً في مثانة رجل.
مثل هذه الحالات قد لا تتكرر، لكن دراستها ومحاولة فهمها يمكن أن تساعد الأطباء على الاقتراب لفهم أفضل للأمراض النادرة، أو الأعراض غير المعتادة التي تظهر مع الحالات الشائعة، وقد تكشف هذه الدراسات أيضاً عن الأعراض الجانبية المحتملة الناتجة عن العلاجات أو الإجراءات.
وهذه أغرب ١٠ تقارير طبية جمعتها Science Live في ٢٠١٧.
مضغ المعادن
عثر على أكثر من ١٠٠ قطعة معدنية في معدة رجل يبلغ من العمر ٥٢ عاماً في فرنسا، بما في ذلك أظافر، شِفرات سكاكين، مسامير وعملات معدنية.
ودخل الرجل غرفة الطوارئ على مدار خمس سنوات بأعراض مرضية متعددة، من بينها آلام المعدة، الغثيان وتقيؤ الدم.
وقد احتاج الأطباء للعمل على هذه الحوادث الأربع لإزالة كتل ضخمة من المواد غير القابلة للهضم.
وقد كانت المعادن في هذه الحالة معروفة باسم “البازهير”. بما في ذلك الحادثة التي وُجد فيها أكثر من ١٠٠ قطعة معدنية داخل معدته، وكانت تلك القطع ضخمة للدرجة التي تمنع المعدة من التفريغ.
وقد كان تشخيص الحالة هو الذهان، وهو ما يعني فقدان القدرة على إدراك الواقع.
تعافى الرجل من العمليات الجراحية، وأُحيل إلى أخصائيي الصحة النفسية والعقلية لمزيد من العلاج. ونَشرت هذه الحالة، في ٢٧ من سبتمبر/أيلول، صحيفة BMJ case reports.
التعرق الدموى
شُخصت حالة امرأة في الحادية والعشرين من العمر، في إيطاليا، بأعراض مُحيرة، تتسبب في جعلها تتعرق دماً، وتتعرض المرأة بشكل دورى للنزيف من وجهها وباطن يديها، دون وجود قطع أو جرح في الجلد.
حينما كانت المرأة في المستشفى، لاحظ الأطباء وجود حلقة في وجهها تنضح بدماء سائلة. وشُخصت حالتها على أنها حالة نادرة من “التعرق المدمي”، أُبلغ عنها ٤٢ مرة فقط منذ عام ١٨٨٠.
أما السبب في هذه الحالة فهو مجهول، لكن الباحثين قدموا فرضية مفادها أن زيادة الضغط في الأوعية الدموية تتسبب في تمرير الدم خارج الأوعية الدموية وفي قنوات الغدد الدرقية.
وتكهّن علماء آخرون بأن الحالة قد تكون ناتجة عن الاستجابة المعروفة بـ”Fight or Flight”، وهي استجابة تحدث في خلايا الدم عند التعرض لأحداث مُجهدة، وتتسبب في بعض الحالات النادرة في تمزق الأوعية الدموية الصغيرة.
نُشر تقرير الحالة في الثالث والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول في صحيفة “Canadian Medical Association”.
وشم خطير في مُقلة العين
تعرَّضت امرأة في الرابعة والعشرين من العمر، تمتهن عرض الأزياء إلى مضاعفات خطيرة، بعد أن خضعت باختيارها لوشم في مُقلة العين!
واختارت العارضة كات جالينجر وشما أرجوانياً من الحبر في الجزء الأبيض لنقشه في عينيها، وتُعرف هذا الممارسة باسم “الأوشام الصلبة”، لكنها تعرَّضت بعد ذلك إلى أعراض خطيرة، بما في ذلك الرؤية الضبابية، وألم في العين، والتورم، وتدفق سائل أرجواني “بلون الوشم” من عينيها.
وُضعت جالينجر تحت المتابعة العلاجية لمساعدتها في ألم عينيها بالمضادات الحيوية والمنشطات، وخضعت بعد ذلك لجراحة لإزالة زوائد الحبر من عينيها، وبحسب منشوراتها على الفيسبوك فإن عينيها بدأت في التحسن وصار الألم أقل مما كان.
وبحسب الأكاديمية الأميركية لطب العيون، تتضمن بعض مخاطر أوشام العين فقدان الرؤية أو العمى، العدوى من الحبر، حساسية العين للضوء، احتمالية فقدان مُقلة العين.
حصوة ضخمة في المثانة
الحصوة هي كتل معدنية تتشكل في المثانة، ويمكن أن يتراوح حجمها المجهرى ما بين بوصة أو أكثر.
إلا أن رجلاً في ولاية كاليفورنيا الأميركية حطَّم هذه المقاييس، إذ عثر الأطباء في مثانته على حجر كبير بشكل استثنائي، يقترب حجمه من حجم بيضة النعام. وكان قياسها (٤.٧ بوصة في ٣.٧ بوصة في ٣ بوصات)، أي ما يعادل ١٢ سم في ٩.٥ سم في ٧.٥ سم، وتزن حوالي ٧٧٠ غراماً (١.٧ باوند).
وكان الرجل قد خضع منذ عقدٍ مضى لجراحة لإزالة مثانته، كعلاج لسرطان المثانة، وأثناء الجراحة استخدم الأطباء أجزاءً من الأمعاء لعمل مثانة جديدة كبديل عن المُزالة، لكنها زادت من خطر الإصابة بالحصوات.
وأجرى الأطباء عملية جراحية لإزالة الحصوة، ولم يتعرّض المريض لمضاعفات بسبب الجراحة، وقد نُشرت الحالة في السادس من سبتمبر/أيلول، في صحيفة New England Journal of Medicine.
قطع مغناطيس في الأنف
حادثة غريبة تعرَّض لها طفل يبلغ الـ١١ من عمره من جزيرة قبرص، كان يلهو بلعبة تحتوي على عدة قطع مغناطيسية على شكل أزرار.
فدخلت قطعتان من المغناطيس المسطح الدائري إلى أنفه، وقد انجذبت كل قطعة منهما إلى الأخرى بقطعة في كل منخر، وقد تسبب ذلك في التواء الجدار بين المنخرين أو ما يُعرف بالجدار الأنفي.
وقد نُقل الصبي إلى غرفة الطوارئ بأعراض النزيف والألم الحاد في الأنف.
وتطلَّب الأمر عملية جراحية لإزالة المغناطيس ومعالجة الضرر الحادث بالأنف، وبعدما عاد الصبي إلى الفحص الطبي بعد ستة أشهر كان أنفه قد التأم تماماً.
نُشر تقرير الحالة، في ٢٥ أكتوبر/تشرين الأول، في صحيفة New England Journal of Medicine.
هجرة اللولب داخل المثانة
يُستخدم اللولب بطريقة آمنة وفعالة كوسيلة لمنع الحمل، لكن حدث في حالة نادرة، أنْ تحرك اللولب من رحم امرأة في الصين إلى المثانة.
حينما ذهبت المرأة التي تبلغ من العمر ٢٦ عاماً إلى المشفى بمشكلات في المثانة، أجرى الأطباء فحصاً بالأشعة السينية على الحوض، ورأوا أن اللولب قد تحرك إلى المثانة (وقد وضعت المرأة ذلك اللولب قبل الحادثة بست سنوات)، لكن على ما يبدو، فشل الجهاز وأصبحت المرأة حاملاً، وخلال عملية الولادة القيصرية لم يجد الأطباء أي إشارات لوجود اللولب في وقتها.
على ما يبدو فإن اللولب تحرك عبر جدار الرحم نحو تجويف الحوض، ثم انتقل نحو جدار المثانة.
وبحسب تقرير الحالة المنشور في الجريدة الطبية، في أكتوبر/تشرين الأول، فإن المرأة أجرت عملية إزالة للولب، ولم تعان من مضاعفات أخرى.
من النادر أن يحدث حمل أثناء استخدام اللولب، ويحدث الأمر بنسبة ١% من النساء اللاتي يستخدمن الجهاز كل عام، الأكثر ندرة من ذلك هو ثقب الرحم بواسطة اللولب، وهو ما يحدث بمعدل واحدة من بين كل ١٠٠٠ امرأة تستخدم الجهاز.
رصاصة تستقر في بؤبؤ العين
حينما تعرض رجل في الـ٤٥ من عمره للإصابة برصاصة من مسدس عيار ٠.٢٢، خرجت الرصاصة عبر الممر الخشبي لتستقر في بؤبؤ العين.
التقط الأطباء صورة مدهشة للرصاصة وهي مُستقرة في بؤبؤ العين، لكن الطلقة لم تحطم جمجمة الرجل. كان الرجل يُعاني من آلام شديدة حينما نُقل إلى غرفة الطوارئ، واستطاع الأطباء رؤية مدخل الجرح الذي أحدثته الرصاصة في ركن العين، وقد تعرضت الغدد الدمعية لضرر بالغ في جفن العين.
خضع الرجل لجراحة لإزالة الرصاصة وإصلاح الغدد الدمعية، وقد تقلّصت آلام الرجل سريعاً، ولم تتأثر قدرته على الرؤية بحسب تقرير الحالة المنشور في ٣٠ نوفمبر/تشرين الثاني، في صحيفة Jama لطب العيون.
تمزّق فروة الرأس لدى امرأة وإعادة وصلها
تعرضت امرأة لفصل فروة الرأس بأكملها عن رأسها في حادث شنيع، حيث اشتبكت فروة رأسها بآلة الغزل.
تمزقت فروة الرأس أثناء الحادث من فوق الأنف وحتى مؤخرة رأسها. وتأذت مقدمة الأذن أثناء التمزق أيضاً. تم إنقاذ فروة رأسها عن طريق وضعها في حقيبة بلاستيكية مع الثلج، وتمكن الأطباء من إعادة وصلها بالرأس، وقد تعافت المرأة ذات الـ٦٤ عاماً بشكل مُدهش بعد الجراحة، كما قال أطباؤها.
كان عام من الجراحة وقتاً كافياً لينمو الشعر في فروة رأسها، وكانت قادرة على فتح وإغلاق كلتا عينيها، وأخبرت أطباءها أنها لا تعاني من أي مشكلة ناتجة عن الحادث، تعيقها عن ممارسة أنشطتها اليومية.
نُشر تقرير الحالة، في ٢٤ من أكتوبر/تشرين الأول، في صحيفة BMJ case reports.
عين واحدة و٢٧ عدسة لاصقة
وُجدت ٢٧ عدسة لاصقة في عين امرأة تبلغ من العمر ٦٧ عاماً في إنكلترا، وذلك في عين واحدة.
خضعت المرأة لجراحة “إعتام العين” حينما وجد أطباؤها جسماً غريباً مائلاً للزرقة تحت الجفن العلوي، وقد تحول الجسم إلى ١٧ عدسة لاصقة، واكتشفت عشر عدسات أُخريات داخل نفس العين.
قالت المرأة لأطبائها إنها تشعر بعدم الارتياح في عينها، لكنهم اعتقدوا أن ذلك يرجع إلى الجفاف وتقدم السن، وقد أجّل الأطباء الجراحة خشية أن يتسبب الغشاء الجلدي للعدسات في تراكم البكتريا في عين المرأة.
نُشرت الدراسة في ٥ يوليو/تموز، في صحيفة BMJ case reports.
الوشم يثير نقاشاً أخلاقياً
أثار الوشم غير الاعتيادي الذي حصل عليه رجل من فلوريدا نقاشاً أخلاقياً بين أطبائه.
وكان الرجل الذي وصل إلى المشفى فاقداً للوعي، موشوماً بكلمة “لا إنعاش”.
مما وضع أطباءه في حيرة.. أيجب عليهم الامتثال لما هو منقوش في الوشم “لا إحياء” دون أي مسؤولية، أم يجب عليهم التخطيط لإنقاذه أياً كان الوضع، ذلك لأنهم لم يكونوا متيقنين من أن الوشم يعكس آماله وإرادته؟
ونصح خبير في أخلاقيات المهنة باحترام وشم المريض، فقد كان منطقيا جداً افتراض أن الوشم يعبر عن رغبة حقيقية.
وبالفعل بعد ذلك وجد المشفي أن الرجل قد وجّه أمراً إلى وزارة الصحة في فلوريدا، بعدم إنقاذ حياته (وثيقة عدم الإنعاش- DNR)، وسرعان ما تدهورت حالة المريض، وتوفي دون أن يخضع لعملية إنعاش قلبي رئوي، أو طرق دعم تنفسية، وفق ما تمنّى.
نُشر تقرير الحالة، في ٣٠ نوفمبر/تشرين الثاني، في صحيفة New England Journal of Medicine.