ألزهايمر ارتبط قديما بالعجزة وأصبح اليوم يصيب الأطفال

2

مرض ألزهايمر بدأ يزحف بخطى غير مؤكدة علمياً إلى عالم الطفولة (pixabay)

لم تعد المفاجآت كثيرة اليوم في عالم الأمراض، فلكل تفصيل وعارض بات هناك اسم وتشخيص مع كثير من الشكوك وقليل من وصفات العلاج غير المؤكدة في كثير من الحالات.

كما أن تداخل الأمراض بين المراحل العمرية أصبح ملموساً على أرض الواقع، فما كان يصيب الأهل سابقاً أصبح يصيب الشباب في الأمس والأطفال اليوم، ومنها مرض ألزهايمر childhood Alzheimer، الذي بدأ يزحف بخطى غير مؤكدة علمياً إلى عالم الطفولة، مع كثير من الشكوك التي قد تسبب تشخيصاً خاطئاً في مرحلة البحث عن سبب ما يحدث مع بعض الأطفال.

فهل حقاً يصاب الأطفال بألزهايمر؟ وما الدليل على ذلك؟

صعوبة التشخيص

إن تشخيص إحدى الحالات الطبية المرتبطة بمصطلح مرض ألزهايمر لدى الأطفال قد يستغرق سنوات طويلة، فهذه الأمراض نادرة جداً، وعليه فإن الطفل يشخص بحالات أخرى أكثر شيوعاً أولاً، ونظراً لأن الأعراض المبكرة غالباً ما تؤثر على التعلم والمهارات الحركية. سيشخص الأطفال أحياناً بشكل خاطئ على أنهم يعانون من صعوبات في التعلم أو التوحد أو اضطرابات النمو الأخرى، ولكن في مرحلة معينة ستظهر عليهم أعراض لا يمكن تفسيرها من خلال التشخيص السابق، وهذا غالباً ما يدفع الآباء إلى البحث عن تشخيص جديد ودقيق، كما فعل والِدا فيونا.

فقد ولدت فيونا همفري كأي طفل طبيعي، لكن في ما بعد اكتشف والداها أنها تعاني من مشكلات في النمو ورجح الأطباء أنها تعاني من مرض التوحد في السابعة من عمرها، ومنذ ذلك الحين تتدهور حالتها، إلى أن وصل شك الأهل أن ابنتهم تعاني شيئاً يشبه التوحد في شكله العام، ولكنه أكثر خطورة وسوءاً، وبعد رحلة طويلة من التحاليل والفحوص، شخصت بإصابتها بمتلازمة “سانفيليبو”.

مصطلح لمرضين

لا يُعدّ مرض ألزهايمر لدى الأطفال تشخيصاً سريرياً، بل هو اسم يستخدمه بعض الأشخاص للإشارة إلى حالات مختلفة تؤثر على ذاكرة الطفل وقدرته على التواصل، إذ إن أعراض هذه الأمراض يمكن أن تشبه إلى حد كبير مرض ألزهايمر، ولكن السبب مختلف تماماً، فكلتا الحالتين نادرتان ووراثيتان، ومرض ألزهايمر عند الأطفال هو مصطلح يستخدم للإشارة إلى مرضين مختلفين يتسببان في إصابة الأطفال بفقدان الذاكرة وأعراض أخرى مرتبطة عادة بمرض ألزهايمر.

ويشير مرض ألزهايمر في مرحلة الطفولة إلى مرض نيمان بيك من النوع  C (NPC)، وهو مجموعة من الاضطرابات الأيضية الحادة الموروثة التي تسمح بنوع معين من الدهون بالتراكم في الخلايا.

وتعرف متلازمة “سانفيليبو” وداء عديد السكاريد من النوع الثالث (MPS III)، وهو مرض وراثي ناتج من عيب في التمثيل الغذائي، باضطرابات تخزين الليزوزيمية.

وعندما يصاب الطفل بأحد هذه الأمراض الوراثية، تكون الجسيمات في خلاياه لا تعمل بشكل صحيح. فالليزوزيمات الموجودة في الخلايا يتمحور دورها على معالجة السكر والكوليسترول حتى يتمكن الجسم من استخدامها، وعندما لا تعمل الليزوزيمات بشكل صحيح، تتراكم الدهون أو الكوليسترول أو السكريات في خلايا الطفل المصاب، ما يؤدي إلى انخفاض في وظائف المخ والأعضاء.

الليزوزيم

كان يظن في ما مضى أن الليزوزيم أو جسيمات الحالة بمنزلة سلة مهملات الخلية أو وجهة لطريق مسدود حيث يجري إرسال البقايا الخلوية للتخلص منها، ولكن توضح مجموعة متزايدة من البحوث أن هذه الحويصلة المليئة بالأنزيمات أكثر نشاطاً مما كانت تبدو عليه في البداية، وبعض العلماء يطلقون عليها الآن مركز التحكم في الأيض الخلوي، وهو مجموعة التفاعلات الكيماوية داخل الخلية التي تبقيها على قيد الحياة وبصحة جيدة.

ويرى روبرتو زونكو، العالم المختص في بيولوجيا الخلية في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، أن الاكتشافات خلال العقد الماضي ارتقت بالليزوزيم إلى مكانة مركز لصنع القرار، له دور في التحكم في نمو الخلايا وبقائها على قيد الحياة.

ويتولى الليزوزيم عملية التخلص من النفايات وإعادة تدويرها، عبر عملية تسمى “الالتهام الذاتي”، فإنه يأخذ المكونات الخلوية القديمة والجزئيات كبيرة الحجم التي لا تحتاج إليها الخلية، مثل البروتينات والأحماض النووية والسكريات، ويهضمها بمساعدة الأنزيمات والأحماض، ويمكن عندئذ للخلية استخدام هذه القطع المتحللة كوقود أو كوحدات بناء لجزيئات جديدة.

إن الصورة السائدة لليزوزيم تتغير بعيداً من عملية الأيض، إذ يبدو أن له دوراً في تحديد العمر المتوقع ومدى الحياة أيضاً. فقد أظهرت الدراسات أنه عندما لا تعمل الليزوزيمات بشكل صحيح لا يعيش الكائن الحي طويلاً، ربما بسبب تراكم البقايا الخلوية وغيرها من النفايات. ويعتقد بعض العلماء أنها وراء الإصابة بالأمراض التنكسية العصبية، وذلك إثر دراسات أجراها باحثون في جامعة نيويورك أوضحوا فيها أن وجود خلل في جين مرتبط بالليزوزيم يسرع الإصابة بمرض ألزهايمر، لذلك ينظر إليها على أنها سبيل لإنتاج جيل جديد من الأدوية التي تساعد على إنقاذ الحياة.

الأعراض ومدة الحياة

إن الأعراض الأولى لمرض ألزهايمر في مرحلة الطفولة مرتبطة بالدماغ، إذ سيواجه الأطفال مشكلة في الذاكرة والتواصل، وقد يواجهون صعوبة في تعلم معلومات جديدة أو يفقدون المهارات الحركية وغيرها من المهارات التي اكتسبوها بالفعل.

فالأعراض تعتمد على الطفل وعلى ما إذا كان مصاباً بـمتلازمة “سانفيليبو” أو مرض “نيمان”، وقد تشمل أعراض مرض ألزهايمر الشائعة في مرحلة الطفولة، كلاماً غير واضح وفقدان القدرة على الكلام نهائياً، إضافة إلى ضيق في التنفس وتورم في المعدة، كما قد يتحول الجلد إلى أصفر اللون يسمى اليرقان، وصعوبة في التواصل البصري وفي متابعة الأضواء، كما سيعاني صعوبة في البلع وفقدان قوة العضلات والسيطرة عليها، مترافق مع فقدان التوازن وفقدان المهارات الحركية والنوبات.

وتبدأ الأعراض بالظهور عندما يتراوح عمر الطفل بين أربع و10 سنوات، وتزداد سوءاً مع مرور الوقت، إذ إن مرض ألزهايمر في مرحلة الطفولة قاتل دائماً، معظم الأطفال الذين يعانون من أي من النوعين قد يخسرون حياتهم قبل أن يبلغوا 20 سنة، على رغم أنه في بعض الحالات النادرة، يعيش الأطفال حتى الـ30 من عمرهم.

ولكن بشكل عام، يعيش الأطفال المصابون بمتلازمة “سانفيليبو” لفترة أطول قليلاً، بمتوسط عمر يتراوح بين 15 و20 سنة، وغالباً ما يموت الأطفال المصابون بمرض “نيمان” قبل العاشرة من عمرهم.

ويحتاج الأطفال المشتبه في إصابتهم بـ NPC أو MPS III إلى إجراء خزعات لتأكيد الحالة، وقد سمحت التطورات الأخيرة بالتشخيص من خلال اختبار الدم القياسي.

التعليقات معطلة.