تسببت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول تأثير دواء التايلينول (الباراسيتامول) على المراة الحامل بهواجس كثيرة، سواء لدى الأطباء أم لدى الأمهات اللواتي لهن أطفال مصابون بالتوحد. فقد اعتاد الأطباء وصف التايلينول للحوامل لدى تعرضهن لارتفاع في الحرارة باعتباره مخفض الحرارة الأكثر أماناً خلال الحمل. وأثارت هذه التصريحات مخاوف وإحساساً بالذنب لدى كثيرات بعد الربط بين الإصابة بالتوحد وتناول التايلينول خلال الحمل. وتوضيحاً لكل ما قيل بهذا الشأن، صححت الطبيبة المتخصصة في علم الجينات والأمراض العصبية لدى الأطفال في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت البروفسورة روز-ماري البستاني
في حديث إلى “النهار”، المفاهيم الخاطئة التي تم تداولها بهذا الشأن، تحديداً في موضوع التوحد.

ليس صحيحاً طبعاً أن تناول التايلينول خلال الحمل يمكن أن يؤثر أو يساهم في إصابة طفل بالتوحد، بحسب الدكتورة البستاني، وذلك لأسباب عديدة:
-تم تشخيص أول حالة توحد عام 1747، وتم تشخيص حالة ثانية بعد سنوات منها، فيما اكتشف دواء التايلينول في خمسينات القرن الماضي. وبالتالي لا يمكن أن يكون التايلينول سبباً وراء الإصابة بالتوحد.
-يعتبر التايلينول أكثر الأدوية المخفضة للحرارة أماناً ولا ينصح الأطباء الحامل بتناوله الّا في حال ارتفاع الحرارة.
-ينتج التوحد مما يمكن اعتباره أخطاء معينة في الجينات، وهو يرتبط بأكثر من 150جينة.
وتشدد البستاني على ما لهذه التصريحات التي ربطت بين الإصابة بالتوحد وتناول التايلينول خلال الحمل من خطورة وتداعيات، خصوصاً على أمهات لأطفال مصابين بالتوحد سيطر عليهن الشعور بالذنب لتناولهن الدواء خلال الحمل واعتقادهن أنه كان السبب في إصابة أطفالهن بالتوحد فيما، لا يعتبر ذلك صحيحاً إطلاقاً ولا علاقة للدواء بالإصابة بالتوحد علمياً.
هل ترتبط الإصابة بالتوحد بعوامل لها علاقة بالمحيط ونمط العيش؟
أظهرت الدراسات أن ثمة تأثيراً للمحيط على الإصابة بالتوحد. وهناك عوامل عدة ترتبط بنمط الحياة تشير إليها البستاني، وتزيد احتمال الإصابة، خصوصاً في حال وجود استعداد جيني نتيجة الخلل على مستوى الجينات ومنها:
-الولادة المبكرة: تبين أن الولادة المبكرة للطفل تزيد احتمال الإصابة بالتوحد، خصوصاً في حال وجود استعداد جيني.
-الالتهابات خلال الحمل: يزيد تعرض الأم للالتهابات والأمراض المعدية خلال الحمل من احتمال إصابة الطفل بالتوحد، وفق ما أثبتته الدراسات.
-اشتراكات تعثر عند الولادة لدى الأم والجنين.
-وجود حالات توحد أو اضطرابات نفسية معينة ضمن العائلة مثل الانفصام في الشخصية والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية، إذ يمكن أن يكون لذلك أثر على الإصابة بالتوحد في حال وجود حالات في العائلة. بالتالي ثمة علاقة بين الإصابة بهذه الاضطرابات وإصابة الطفل بالتوحد.
أما في ما يتعلق بالحديث عن وجود علاقة بين تناول لقاحات معينة والإصابة بالتوحد فلا أساس لها من الصحة، بحسب البستاني بالاستناد إلى دراسة شملت 35 ألف طفل. وتعتبر الخطورة الناتجة من عدم تلقي اللقاحات والأمراض التي يمكن أن تنتج من ذلك أهم بكثير، لما لذلك من نتائج على صحة الأطفال وحياتهم،ويجب عدم التهاون في هذا المجال.