أميركا تُخمد نيران الحروب… أو تُذكيها؟

1

قد تكون صورة ‏شخصين‏

المصدر: النهار العربي أسعد عبود تقول السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن تركيز واشنطن خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في الأسبوع المقبل سينصبّ على إنهاء الحروب، وإعادة تنشيط نظام المساعدات، وإنشاء نظام المساعدات، وإنشاء نظام عالمي أكثر شمولاً. ما لم تشر إليه غرينفيلد هو الفشل الذريع للدبلوماسية الأميركية في منع بعض هذه الحروب من الاندلاع، وفي تعثّر مساعيها التي بذلتها للحلّ كما هو حاصل بالنسبة إلى الحرب الإسرائيلية على غزة، في حين أنها سلكت نهجاً تصعيدياً غذّى تصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتزمت دبلوماسية غير فعّالة لوقف الحرب السودانية، ولم تحرك ساكناً في ما يتعلق بالعنف في هايتي والكونغو الديموقراطية. وتستمر الاحتكاكات بين الصين والفيليبين في بحر الصين الجنوبي، والتوترات حول جزيرة تايوان. وإذا كان نشوب مواجهة أميركية – صينية في المحيطين الهادئ والهندي لا يبدو وارداً الآن، فإنه لا يمكن نفي هذا الاحتمال بالمطلق. تتحدث إحصاءات مراكز البحوث المختصة عن 56 حرباً ونزاعاً مسلحاً في العالم، أي أعلى نسبة منذ الحرب العالمية الثانية. ونسبة التوترات العالمية هي الأخطر منذ أزمة الصواريخ الكوبية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في عام 1962. التحذيرات المتبادلة بين روسيا والغرب اليوم، في ما يتعلق بمسألة السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية من طراز “أتاكامز” وبريطانية من طراز “ستورم شادو” ضدّ أهداف في العمق الروسي من عدمه، والتهديد الروسي بالردّ على أي قرار من هذا النوع، واعتبار أن حلف شمال الأطلسي في حالة حرب مع روسيا، تؤشر إلى مشهد مستعاد من حقبة الحرب الباردة. لا ينفصل هذا المشهد المتأزّم عن اتهام الغرب لإيران بتزويد روسيا بصواريخ باليستية من طراز “فتح-360″، وفرض المزيد من العقوبات الأميركية والأوروبية عليها. ويتوسع التوتر أكثر مع الاتهامات الغربية أيضاً لكوريا الشمالية بتزويد موسكو بالصواريخ وقذائف المدفعية، والصين بتزويدها بتكنولوجيا المسيّرات ومساعدتها في الالتفاف على العقوبات الغربية. ويبدو أن صراعات العالم تزداد تشابكاً وترابطاً، ما يجعل العالم كله يقبع على فوهة بركان. يدفع كل ذلك إلى تحولات مزلزلة في غير مكان، وإلى احتمال توسع النزاعات لتشمل مناطق جديدة. هذا عدا الكوارث الطبيعية التي تتزايد على وقع إخفاق العالم في لجم التغيّر البيئي، والتزام التوصيات التي تحدّدها المؤتمرات التي تنعقد لهذه الغاية. من الزلزال إلى الفيضانات إلى التصحر إلى تكاثر الأوبئة وغياب التعاون الدولي لمواجهتها، كل ذلك يزيد من التهديدات التي تواجهها البشرية. وحتى في العالم الاقتصادي، تزداد النزعة الحمائية مع ارتفاع التعرِفات الجمركية. وإذا عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن العالم سيشهد قفزة كبيرة في التعرِفات، وسيكون على موعد مع جولات جديدة من الحروب التجارية، التي بدت في يوم من الأيام أنها في طريقها إلى الزوال أمام الاقتصاد المعولم. وبعدما كانت الاعتبارات الاقتصادية هي التي تحدّد السياسات، تجري الآن عملية عكسية تحدّد فيها السياسة كيف سيتّجه الاقتصاد. أين تقف أميركا التي لا تزال القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في العالم؟ هل لا تزال تمسك بالزمام؟ وهل هي قادرة على وقف الحروب والنزاعات والتصدّي للتحدّيات البيئية؟ أم أن العالم يشهد مرحلة من التعددية القطبية، ما يفسّر الفوضى الحالية؟ من يقرأ تصريحات غرينفيلد يعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على إدارة شؤون العالم، وأنها معنية فعلاً بالسعي إلى وقف الحروب وتهدئة التوترات. بيد أن نظرة واقعية لمجريات الأحداث، توحي بالعكس وتقود إلى الاستنتاج بأن أميركا التي كان يفترض فيها أن تضطلع بدور الإطفائي، قامت بإذكاء النيران.

التعليقات معطلة.