أنقرة تتحدى دمشق في عفرين … ماذا عن الحياد الروسي !؟

1

 
هشام الهبيشان
تزامناً مع الاندفاعة السورية السريعة وبعد تفاهمات ” مرحلية ” مع الأكراد ،وتحريك قوات شعبية سورية للدفاع عن بلدة عفرين في ظل الغزو التركي للبلدة السورية ،تحركت من جديد ما تسمى بقوات عملية غصن الزيتون المدعومة بقوات تركية من الجانب التركي باتجاه التعمق بالسيطرة على بعض البلدات والقرى والتلال بمحيط بلدة عفرين .
التحرك السوري السريع والدفع بقوات شعبية ” رمزية ” إلى عفرين ..كان بالفعل اختبار سوري سريع لنوايا الأتراك وهدفهم من عملية غصن الزيتون ، وكشف حقيقة أن الاتراك الذي كانوا يرحبون إعلامياً بوجود مؤسسات الدولة السورية العسكرية والسيادية في عفرين قبل وبعد انطلاق عمليتهم العسكرية بعفرين ،وعند دخول اول قافلة للقوات الشعبية السورية المدعومة من دمشق قامت القوات التركية بضرب هذه القافلة ، مايدل على أن الأتراك هدفهم عملياً هو السيطرة واقتطاع جزء من الارض السورية بهدف المناورة بها لتكون ورقة قوة بيد الأتراك على طاولة الحل النهائي السوري ، ومن هنا نستطيع أن نقرأ بوضوح وخصوصاً بعد انطلاق معركة عفرين فعلياً أن تركيا، قد عادت من جديد لتمارس دورها في اعادة صياغة ورسم ملامح جديده لأهدافها واستراتيجياتها المستقبلية بهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية بكل اركانها، وما هذا التطور الجاري في عفرين إلا جزء من فصول سابقة، عملت عليها الاستخبارات التركية منذ سنوات عدة، فهي عملت على أنشاء وتغذية وتنظيم صفوف المجاميع المسلحة المعارضة للدولة السورية وخصوصاً بشمال وشمال غربي وشمال شرقي سورية، وقد كانت الحدود التركية المحاذية للحدود السورية شمالاً، هي المنفذ الوحيد لمقاتلي هذه المجاميع، فهذه الحدود المحاذية للحدود السورية كانت وما زالت المنفذ الأكبر لتجميع وتنظيم صفوف هذه المجاميع المسلحة على اختلاف مسمياتها في سورية، وكل ذلك كان يتم بدعم استخباراتي ولوجستي أميركي – تركي.
ما وراء الكواليس لما يجري في أنقرة يظهر ان هناك مشروعاً تركياً قد أقر،يستهدف الاستمرار بعمليات غزو عفرين السورية ، والدليل على ذلك هو الدفع بالمزيد من القوات الخاصة التركية إلى عفرين ،وهذا يدلل على أن تركيا ورغم خسائرها في عفرين لم تسلم للأن بعقم الحرب على عفرين ، فهي تبدو مصرة على اكمال عملية غزوها لعفرين مهما كان ثمنها.
بالـ محصلة هنا يمكن القول أن أي تقدم للمجاميع المسلحة وللقوات التركية في عفرين ، يعطي فرصة ثمينة لأنقرة لإعادة احياء دورها ومشروعها بالشمال السوري، ومن هنا نقرأ بوضوح مدى ارتباط هذه المجاميع المسلحة مع الجانب التركي الذي أصبح ممراً ومقراً لهذه المجاميع، وهذا ما يظهر في شكل واضح أرتباط الأجندات التركية بالمنطقة مع أجندات هذه المنظمات المسلحة المدعومة هي الأخرى من دول وكيانات ومنظمات هدفها الأول والأخير هو تفتيت وتجزئة المجزأ بالوطن العربي خدمة للمشروع المستقبلي الصهيو- اميركي بالمنطقة، وهو ما يظهر حقيقة التفاهم المشترك لكل هذه المنظمات وبين هذه الدول والكيانات لرؤية كل طرف منها للواقع المستقبلي للمنطقة العربية، وخصوصاً للحالة السورية والعراقية، وبالأخص للحرب «الغامضة» التي تدعي أميركا وبعض حلفائها بالمنطقة أنهم يقومون بها لضرب تنظيم “داعش”.
هنا وبشق أخر يبدو واضحاً ان الاعلان الأخير والسريع من الجانب التركي بخصوص الدفع بالمزيد من القوات الخاصة التركية إلى عفرين ، يبدو كرد واضح على الاندفاعة السورية إلى عفرين ، وهذا الاعلان يحمل مجموعة رسائل تصاغ بصيغة التحدي للدولة السورية بشكل خاص وللإيرانيين إلى حد ما ،وعلى ما يبدو إن مرسلي هذه الرسائل ينتظرون وبترقب شديد ردة فعل الطرف الاخر على هذه الرسائل .
ختاماً، نقرأ أن أنقرة بعثت بكل رسائلها ومن خلال تصعيد معركتها في عفرين ، التي تتحدى من خلالها الدولة السورية ، وهذا ما قد يحتم على الدولة السورية وبدعم من حلفائها ((” وخصوصاً الروس الذين مازالوا للآن محافظين على موقف الحياد بخصوص معركة عفرين ” بعد فشل مجموعة مبادرات قدموها لأنقرة ودمشق للوصول لتفاهمات مشتركة توقف مسار معركة الأتراك بعفرين “)) ، بالقادم من الأيام للرد المباشر على الجانب التركي فهو كما يبدو واضحاً قد خرق كل الخطوط الحمر بالشمال السوري ، ومن هنا فإن المرحلة المقبلة تحمل العديد من التكهنات والتساؤلات حول تطور الاحداث على الجبهة الشمالية السورية، التي أصبحت ساحة مفتوحة لكل الاحتمالات، والأيام القليلة المقبلة على الارجح سوف تحمل المزيد من الاحداث المتوقعة وغير المتوقعة سياسياً وعسكرياً على هذه الجبهة تحديداً.

التعليقات معطلة.