“أوبك بلس” هل تعيد للنفط قوته السياسية؟

1

 
 
طارق أشقر
 
“أوبك بلس” اسم حركي تداوله بعض محللي أسواق النفط إبان انعقاد اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط – أوبيك – نهاية الاسبوع الماضي بالعاصمة النمساوية فينا، مشيرين به إلى وقوف روسيا الدولة النفطية من خارج المنظمة إلى جانب الأوبيك متحالفة معها، مما أسهم في الوصول إلى اتفاق الأوبيك والدول غير الأعضاء فيها إلى اتفاق تخفيض الإنتاج الذي انعكس في الحال على ارتفاع سعر البرميل بمعدل ارتضاه الشارع في الدول المنتجة، خصوصا وانه كان مترقبا لنتائج ذلك الاجتماع بحذر وخوف شديدين.
جاءت مبادرة “أوبك بلس” التي لعبت الرياض وموسكو دورا رياديا في الوصول إليها لتسجل إضافة نوعية لمكانة أوبيك التي كادت أن تتصدع وتتراجع بسبب ما كانت تواجهه من تضارب في المصالح بين أعضائها في ظل حالة من تقاطعات العديد من العوامل الجيوسياسية، فضلا عن ما يكون يسود الجو العام لأسواق النفط من بروز ضغوط مستهلكي النفط ومطالباتهم المعلنة بضرورة زيادة الانتاج لينعكس على سعر البرميل انخفاضا.
وفيما كانت واشنطن الحليف الأساسي لغالبية كبريات الدول النفطية الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط تتزعم تيار المطالبين بزيادة الانتاج من أجل تخفيض الأسعار، الا ان موقف “أوبيك بلس” من مطالب الدول المستهلكة، والوصول بالنتيجة الى اتفاق على تخفيض حجم الانتاج، أوحى إلى الكثير من المراقبين بفكرة التشبث بأمل أن يعيد موقف “اوبيك بلس” الى النفط قوته السياسية التي عاش أوجها في حقبة السبعينات حينما كان سلاح النفط اقرب في قوته إلى الأسلحة النارية التي كانت تتحكم في ميزان القوى بالعالم خصوصا في مناطق الصراعات التي كان الصراع العربي الاسرائيلي ابرزها في ذلك الوقت.
وبالعودة للوراء قليلا في التاريخ السياسي لسلعة النفط التي تحولت إلى سلاح في وقت من الأوقات نجد ان قرار “اوابك” بزيادة حرف الألف وهي الدول – العربية – المصدرة للنفط ضمن منظمة الدول المصدرة “الأوبك ” – بدون ألف، بإعلان حظر نفطي على الدول الغربية في اكتوبر 1973 لإجبارها على الضغط على اسرائيل لكي تنسحب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، كان له الدور الحقيقي في اكساب سلعة النفط قوته السياسية والعسكرية في ذلك الوقت، وذلك رغم افتراض الكثير من المحللين بان ذلك القرار شكل الانطلاقة الحقيقية لمحاولات الهيمنة الغربية سياسيا على جغرافية انتاج النفط وجعلها المنطقة الاستراتيجية الأكثر أهمية في الخريطة السياسية العالمية.
وعليه وبهذا القرار الأحدث في اجتماع فينا الأخير وبروز ما سماه الاعلاميون بـ “أوبك بلس” اي تحالف روسيا مع الرياض ودول أوبك الأخرى، وظهور نتيجة مغايرة لما كان يتوقعه المحللون من خلافات كبرى كانت قد تؤدي إلى تفكك الأوبك وبالتالي حدوث المزيد من تراجع الأسعار في ظل موجة كبرى من ضغوط المستهلكين وبزعامة واشنطن التي اشعل رئيسها تويتر مؤكدا على “حتمية” زيادة الانتاج لتنخفض الأسعار، تكون أوبك بلس بانتصارها لمصالحها الاقتصادية الأقوى قد نفت صحة مفهوم “الحتمية” التي تبنتها واشنطن مؤخراً، فضلا عن انها أي “أوبك بلس” قد بعثت الأمل مرة أخرى في ان يظل النفط سلاح مزدوج القوة اقتصادية وسياسية معا لتحافظ تلك القوة في النهاية على مصالح الشعوب واستقرار اوضاعها الاقتصادية.

التعليقات معطلة.