أوراق الخريف وبيروت … قصة قصيرة

1

 
1
قرأ عن الخريف فهمس الحرف له وقال انه بعيد فأمامك ألف ربيع يليه أول خريف مرت الايام غادرت الابعاد هاجرت القصائد لا مشكلة له مع الصيف والشتاء فالشمس ترافقه في بركة الماء والفودكا تجعله يسترد بعض النسيان اما الربيع فهو صديق فوضى يومياته كل الفصول انيقة كلها مزينة بالحرير…
يبقى الخريف هامشا على صفحات الغياب
 
2
كل الاشياء التي تقبع في قاع اليسار رمت اوراقها الثبوتية
الا هو لم يرمي ورقة فمن يعشق بيروت في الخريف سيبقى محافظا على هويته فكل اوراقه مليئة بالشعر كل حرف فيها لبيروت كل صرخة هي بيروت كل نزوة خريفية كل قبلة خريفية كل قصيدة خريفية ..
اولها بيروت اخرها بيروت
 
3
في اوائل الخريف وقبل ان يلتقي بـ ( بيروت ) كان جالسا على سفح البحر سيجارة تحترق ببطء زجاجة نبيذ أحمر تنتظر ان يسكب ما تبقى من قطرات العنب المتخمر في كأس مزخرف في جيبه عملات ورقية امبريالية تكفي لشراء الف سيجارة والف زجاجة نبيذ أحمر ومعها النادلة الشقراء التي توصل له ما يطلبه لكنه لم يشتريها بل اعطاها ثمن ما اكل وشرب كانت تحضر الباقي له في كل مرة طلب منها ان تحتفظ به لم تفهم ما يقصد ولما يفعل ذلك كانت صاحبة ابتسامة نقية تكشف جزءا جديدا عن جسدها قال لها قبل ان يغادر سفح المدى الأزرق لا تبيعي جسدك اعملي ناضلي كافحي اكسبي المال بعفة وطهر ونزاهة وضعت يدها على صدرها وحجبت اخر اجزائها فهمت اهتزت شفتاها عيناها فضحت ما يحدث داخل يسارها قال لها لا شرف لهذه المحاولة لا قيمة لهذه الاوراق الامبريالية امام المبادىء ان فعلت انا وفعلت انت …
فلا عاش جسدك ولا عاشت رجولتي ولتحيا الامبريالية
 
4
في الخريف كان اللقاء فيه تناقشا تجادلا افرغا ما في جعبتهما عن الحرب الاهلية اللبنانية وضع مائة كتاب عن لبنان على طاولة الحوار وهي وضعت ما تتذكره عن الحرب على زبد المنازل المتهدمة وملح الأحياء النائمة سيجارة تليها اخرى مزحة تليها اخرى عنوان يليه اخر مشهد يليه اخر عشاء يليه عشاء رقصة تليها رقصة احببها بجنون عشقها بوحشية فعل معها ما لم يفعله مع النادلة الشقراء مرة مرتين ثلاث مرات توقف عن العد في اخر ليلة قضياها معا العشق يتخطى الارقام فالفرق كبير بينهما النادلة كانت كادحة لا عاشقة اما الاخرى فكانت عاشقة لا كادحة تملك ضعف ما يملكه لشراء الف سيجارة والف زجاجة نبيذ أحمر ومعها ( جنتل مان ) بعضلات مفتولة وصدر عريض يستطيع ان يعصره بقبضة يده وبالاخرى يضعه في قعر زجاجة نبيذ أحمر ويطفىء سيجارته فيها ويرميها في البحر لكنها اختارت هذا المتشرد الضائع الحالم التائه اللامنتمي وفضلته على الجنتل مان فالهوى كيمياء الروح احيانا الف نظرة تولد ميتة واحيانا نظرة واحدة تولد خالدة حدث كل هذا في الخريف وحين رحلت كتبت على أوراقه وتركت صورها الحارة ميداليتها الباريسية عملة نقدية عليها رسمة لحمرة شفتيها وقارورة من عطرها ورسالة سطورها الاولى بالعربية والاخرى بالفرنسية انتهى ذاك الخريف في الخريف الاخر اتفقا ان يلتقيا والتقيا فعلا ما فعلاه في الخريف الماضي الثورية جمعتهما الحرية الهمتهما انتهت ايام الخريف الجديد وبما ان العشق يتخطى الارقام اتفقا ان يلتقيا هنا هناك على رصيف مرفأ في باحة مطار السكايب الفايبر الواتساب على حساب فيس بوك خريفي لا اصدقاء فيه ولا منشورات سوى رسائل وصور وفوضى يوميات في خانة الماسنجر …
لا شيء اشهى من سرية العشق في الخريف
 
 
ايفان علي عثمان
شاعر وكاتب

التعليقات معطلة.