أوروبا خارج المعادلة: واشنطن وموسكو ترسمان مستقبل أوكرانيا

26

 

مع تسارع الأحداث الجيوسياسية، تجد أوروبا نفسها مُستبعدة من مباحثات حاسمة تهدف إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. فقد أعلنت الولايات المتحدة وروسيا عن قمة مرتقبة بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في السعودية، دون دعوة أو استشارة الدول الأوروبية، مما أثار قلقًا عميقًا بشأن تهميش القارة في قضايا الأمن الدولي.
مباحثات السلام: غياب أوروبي ملحوظ
في خطوة مفاجئة، قررت واشنطن وموسكو عقد مفاوضات مباشرة في الرياض لبحث سبل إنهاء الصراع في أوكرانيا. يترأس الوفد الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو، بينما يقود الجانب الروسي وزير الخارجية سيرجي لافروف. اللافت أن هذه المباحثات تجري دون مشاركة أوكرانيا أو الدول الأوروبية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الأمن الأوروبي ودور القارة في صياغة السياسات العالمية.
أزمة الرؤية والاستراتيجية
كانت أوروبا شريكاً رئيسياً في صياغة النظام العالمي، سواء عبر نفوذها الاقتصادي أو من خلال تحالفاتها العسكرية والدبلوماسية. إلا أن السنوات الأخيرة كشفت عن أزمة حقيقية في الرؤية والاستراتيجية لدى دول الاتحاد الأوروبي، حيث بدت منقسمة حول قضايا كبرى مثل العلاقة مع الولايات المتحدة، وطبيعة التعامل مع روسيا والصين، فضلاً عن موقفها المتردد من الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا.
قلق أوروبي من التهميش
أعربت القيادات الأوروبية عن استيائها من استبعادها من هذه المفاوضات المصيرية. فقد دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى قمة طارئة في باريس لبحث تداعيات هذه الخطوة، مؤكدًا على ضرورة أن يكون لأوروبا صوت في أي تسوية تتعلق بأمنها ومصالحها. من جانبه، شدد رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، على أهمية التعاون الوثيق بين أوروبا والولايات المتحدة، محذرًا من تداعيات تهميش القارة في مثل هذه القضايا الحساسة.
مخاوف من صفقات على حساب أوكرانيا
تتزايد المخاوف من إمكانية توصل واشنطن وموسكو إلى اتفاقيات قد تكون على حساب السيادة الأوكرانية. فقد أشارت تقارير إلى أن الرئيس ترامب قد يطالب بحقوق في الموارد الطبيعية الأوكرانية، مثل المعادن النادرة، كتعويض عن الدعم العسكري الأمريكي لكييف. هذا التوجه يثير قلق الأوكرانيين والأوروبيين على حد سواء، حيث يخشى من أن تتحول أوكرانيا إلى ورقة مساومة في لعبة المصالح الدولية.
أوروبا أمام مفترق طرق
في ظل هذه التطورات، تجد أوروبا نفسها أمام تحدٍ حقيقي: إما أن تعزز من وحدتها وتبني استراتيجية مستقلة تضمن لها دورًا فاعلًا في الساحة الدولية، أو تستمر في موقف المتفرج، مما قد يؤدي إلى تراجع نفوذها وتأثيرها في القضايا العالمية. المرحلة المقبلة تتطلب من القادة الأوروبيين اتخاذ قرارات جريئة تعيد للقارة مكانتها ودورها المحوري في صياغة مستقبل النظام الدولي .

التعليقات معطلة.