أولا إسرائيل ثم بلجيكا… هل سيتفشى العنف في أوروبا؟

1

تزداد المخاوف من أن تجتاح القارة العجوز موجة من الإرهاب المؤيد لـ”حماس”

مارك ألموند 

قتل مواطنان سويديان بالرصاص في بروكسل في 16 أكتوبر (رويترز)

فيما الأنظار كلها متجهة صوب معاناة أهالي غزة وحزن إسرائيل على ضحاياها، قتل مسلح رجلين سويديين وأصاب ثالثاً في وسط العاصمة البلجيكية بروكسل. وعلى رغم فراره لبضع ساعات فقط، تمكن المشتبه فيه التونسي من إثارة القلق حتى خارج بلجيكا.

اتضح أن بيان مطلق النار على الإنترنت في بروكسل ادعى أنه كان في حالة غضب للانتقام من جريمة قتل معادية للإسلام جرى تغطيتها على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن تعرضت أم وابنها البالغ من العمر ست سنوات للطعن من قبل مالك المنزل الذي هتف بمشاعر معادية للعرب في ما بدا أنه رد فعل على المجزرة التي ارتكبتها “حماس”.

قد يخشى الناس من موجة من الإرهاب المؤيد لـ”حماس” والمستوحى من الإسلامويين التي ربما تجتاح المدن الأوروبية الكبيرة، كما حدث في فرنسا وبلجيكا قبل ثماني سنوات، ولكن هل سنواجه عدوى العنف – أم أننا ربما نطلق على هذا الهجوم تسمية الحادثة الفردية؟

سبق وأحدث الإرهابيون المنفردون الفوضى، حتى من دون تنظيمهم من قبل مركز إرهابي خفي. يعلم التواصل في العالم الحديث الأشخاص الضعفاء كيفية تكرار أعمال التطرف.

وفاة الصبي الفلسطيني الأميركي وديع الفيومي، الذي طعن 26 مرة في منزله قرب شيكاغو -ووالدته البالغة من العمر 32 سنة أكثر من 12 مرة- هي، بحسب ما نعرفه حتى الآن، حادثة مأسوية.

إن التحول المفاجئ إلى العنف المفرط هو ما يصعب التنبؤ بهذه الجرائم الفظيعة. مراراً وتكراراً، يقول الأصدقاء والجيران إن الجاني بدا شخصاً عادياً، هادئاً بعض الشيء، وعاش بمفرده لكن لم تظهر عليه أي علامة على التطرف أو العدوان.

عند تتبع الأنشطة عبر الإنترنت لقاتل مفاجئ، غالباً ما يتضح أنه كان يعيش في عالم إلكتروني عنيف. في بعض الأحيان لاحظت الشرطة تورطهم السري مع عدد قليل من المتطرفين المنعزلين.

بعد الهجوم، يسأل الناس: لماذا لم تحبطه الشرطة؟

تكمن المشكلة الكبرى في تحديد الأشخاص الذين من المحتمل أن يتخطوا الحدود من أولئك الذين يبحثون فقط عن “المحتوى الإرهابي العنيف” على الويب، أو الذين يعبرون بصوت عال عن المشاعر العدوانية ضد الانحطاط الغربي أو التعاطف مع إسرائيل. يتطلب الأمر ستة أو ثمانية عملاء لمراقبة شخص واحد.

في بلد كبير، قد يكون هناك المئات من المشتبه فيهم المحتملين، لكن العشرات منهم فقط هم الذين سيقتلون حقاً إذا استطاعوا ذلك. ليس بالأمر السهل اكتشاف الإرهابي المحتمل – ولا يوجد علم أو ذكاء اصطناعي للتنبؤ بشكل لا يشوبه خطأ بمن سيتحول إلى قاتل.

حتى عندما يدعي المهاجم الانتماء إلى “داعش”، بعيداً من كونه بالضرورة أداة لشبكة شريرة نسجها العقل المدبر الإرهابي العالمي، فإن الشبكة العالمية هي التي يمكن أن تحفز وتبرر هذه الهجمات والحوادث الفردية. يقلدون الفظائع التي تحظى بتغطية شاملة في معظم الحالات، بدلاً من التآمر من بعض أوكار “داعش” الآمنة.

يعيش هؤلاء المهاجمون داخل عالم الإنترنت المكتظ بالأبطال (الأشرار بالنسبة إلى معظمنا) لتقليدهم واستهداف الضحايا.

مثل الإرهابي السيئ السمعة تيد كازينسكي المعروف باسم إيكو-أونابومبر، لم يكن القاتل المتسلسل النرويجي المعادي للإسلام أندرس بريفيك إرهابياً محتملاً. أمضى بريفيك وقتاً طويلاً في صياغة بيان من 1500 صفحة ربما كان يشير إلى أنه كان شخصاً منعزلاً وكلاسيكياً يعيش في خياله الأناني، حتى جاء الوقت وقتل 77 شخصاً. لقد ألهم هجومه العنيف مقلداً واحداً في الأقل وقاتلاً مشابهاً في كرايست شيرش البعيدة في نيوزيلندا للاستمرار بهذه الهجمات في المساجد المحلية.

من المغري أن نرى الرقابة كأداة لمنع أي إشارة إلى هذه النماذج الشريرة التي قد تؤدي إلى الحساسية النفسية. كان هذا رد رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، التي وعدت بعدم السماح بسماع اسم قاتل كرايست شيرش مرة أخرى. ومع ذلك، فإن الرقابة تتناسب مع عقلية المؤامرة، التي غالباً ما تدعم تبرير الإرهابيين العنف.

لدى الإرهابيين كثير من القواسم المشتركة على رغم خطابهم المتضارب. دوافعهم النفسية هي طريقة أفضل لتفسير سبب تبني قلة من الناس قضايا متطرفة وتصرف عدد أقل بناءً على انتمائهم لقضية ما. فهم يجدون مبرراً لإطلاق العنان لعدوانهم في مناصرة “الضحية”.

يتعاطف الفرد الوحيد المستاء ويتوحد مع مجموعات أخرى تمر بتجارب قاسية مماثلة. من مطلقي النار العشوائيين في المدارس الأميركية إلى المسلحين الإسلامويين في أوروبا، فإن سمات الشخصية لا تقل أهمية في تمييز القتلة المتسلسلين عن الأيديولوجية أو الدين.

يدخل عدد أكبر بكثير من الناس إلى مواقع نظرية المؤامرة أو يعبرون عن استيائهم من الغرب “الكافر” بدلاً من التحول إلى العنف أو حتى القيام بأي شيء يتجاوز النقر على صفحة ويب، تماماً كما أن الغالبية العظمى من طالبي اللجوء المرفوضين ليسوا إرهابيين متخفين. ومن غير المرجح أن ينفذ معظم الأشخاص الذين لديهم أفكار سيئة هذه الأفكار، لكن القليل منهم يفعل ذلك.

لا عزاء في أن تقع ضحية لعنفهم وأن يقال لك أن ما جرى معك حالة نادرة.

© The Independent

التعليقات معطلة.