نجح العلماء بتطوير جهاز جديد غير جراحيّ لتحفيز الدماغ بهدف تعطيل الإشارات المسبّبة للألم المزمن في الجسم. نعرف تماماً أن الألم يعتبر نظام إنذار مهم للجسم، إلا أن بعض الحالات قد تؤدي إلى خلل في هذه الإشارات. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الإشارات الخاطئة الناشئة من أعماق الدماغ، عند مرضى الألم المزمن، إلى إطلاق إنذارات كاذبة حول إصابة تم شفاؤها بالفعل، أو طرف مبتور، أو حالات معقدة مشابهة. وبالرغم من أن الأدوية يمكن أن تساعد في علاج الألم، فإنها تتطلب تناولها بشكل متكرر، وغالبًا ما تصاحبها آثار جانبية خطيرة مثل الإدمان. لذلك يأمل الباحثون في أن يكون الجهاز الجديد المبتكر “Diadem”، الذي تمّ وصفه في مجلة Pain، حلاً عمليًّا غير جراحيّ للمرضى الذين يعانون من حالات تغيّر حياتهم ويبحثون عن علاجات جديدة، وفق ما نشر موقع The Independent. وفي التفاصيل، ينتج هذا الجهاز موجات صوتيّة منخفضة الشدّة لتحفيز مناطق عميقة في الدماغ، ممّا يعطّل الإشارات الخاطئة المسبّبة للألم المزمن في الجسم. وقد أظهرت تجربة سريرية حديثة، شملت 20 مشاركًا يعانون من الألم المزمن، أن الأشخاص الذين استخدموا الجهاز شعروا بدرجة أقلّ من الألم. خضع كلّ مشارك لجلستَي علاجٍ، مدّة كلّ واحدة منهما 4 دقائق، باستخدام جهاز Diadem، وتلقّوا تحفيزاً بالموجات ما فوق الصوتية، ليبلغوا في ما بعد عن مستوى ألم بعد يوم وأسبوع من خضوعهم للجلسة. وقال نحو 60 في المئة من المرضى الذين تلقوا العلاج الحقيقي إنهم لاحظوا انخفاضًا ذا دلالة إكلينيكية في الأعراض عند كلا الوقتين. ويقول توماس ريس، أحد مؤلفي الدراسة: “لم نكن نتوقع مثل هذه التأثيرات القويّة والفوريّة من علاج واحد فقط”.
وأضاف ريس: “إن التحسّن السريع في أعراض الألم، فضلاً عن طبيعته المستدامة، أمر مثير للاهتمام، ويفتح الأبواب لتطبيق هذه العلاجات غير الجراحية على العديد من المرضى الذين لا تنجح معهم العلاجات الحالية “.
في مقلب آخر، يعمل الجهاز عن طريق تنظيم دوائر دماغية معيّنة بشكل مباشر. وفي الوقت الذي توجد فيه طرق لتغيير الدوائر الدماغيّة، يرى العلماء أنها لا تستطيع الوصول بشكل انتقائي إلى بنية القشرة الأمامية الحزامية، وهي البنية الدماغية المرتبطة بإدراك الألم.
في الدراسة الحالية، قام العلماء أيضًا بتعديل محولات الموجات ما فوق الصوتية في الجهاز لضبط الطريقة التي تنعكس بها الموجات الصوتية عن الجمجمة.
وكتب العلماء: “في المتوسط، قلّل التحفيز الفعّال الألم بنسبة 60 في المئة مباشرة بعد التدخل”، مضيفين أن الموجات الصوتية كانت مقبولة بشكل جيد، من دون الكشف عن أيّ أحداث سلبيّة لدى المرضى.
يؤدي التحفيز بالموجات ما فوق الصوتية المباشر للقشرة الأمامية الحزامية إلى تحسينات سريعة وذات دلالة إكلينيكية ومستدامة في شدة الألم.
وبما أن الدراسة الحالية شملت عدداً محدوداً من المشاركين، فقد دعا العلماء إلى إجراء تجربة واسعة النطاق لتحديد فاعلية الجهاز وسلامته على المدى الطويل.
بمجرد التحقق من صحته، يرى العلماء أن الجهاز قد يساهم في الجهود المبذولة لتقليل استخدام الأدوية الأفيونيّة أو الأدوية التي تحمل آثارًا جانبية.