حين يفقد النهار اجنحته يصير الليل نسرا يطارد نوارس السلام.
في عالم مشحون بظواهر الظلم التي تمزق كبد العاقل كما يتمزق قلب المؤمن من دلالات الفسوق والتفريط في المقدسات على مذابح الشهوات، يستهلك الضمير ويصبح العرى الفكري والأخلاقي سمة العصر بامتياز.
تحول العالم إلى لعبة كونية خطيرة تحكمها القوانين السائلة ونهايات اللايقين. بيع الضمير العالمي في العلن، وحين سرق رغيف الجوع اجمع الساسة على استباحة طينه واجزموا بمصيره إلى سجون العذاب. وهم يسرقون حتى حبة الشعير من تنور الحياة… لم تبق على ابوابهم سوى رفات احلام خاوية يرتقها الاطفال من صناديق القمامة…. تركنا التاريخ يكتب قصة الحاضر، وما زلنا نعصر بسن قلمه في صميم العقل حتى فاضت الكلمة. بقي المعنى هائما يردد اخبار مدننا المستباحة، لانتهاء سيرك المحاصصة وكراسي المتفرجين.
وها هي الارض تفرش عنائها على منصة الزمن تتقصى خطى الضمائر، وتحمل الإنسان فينا أمانة. فارضنا لم تعد صلبة كما كانت. تشابه البقر علينا. وعلى حبل غسيل الأحلام تنشر عقولنا المبتلة بالاوهام.
فحين رمى القدر حرف الكاف إلى الكون، استيقظ النون من ضلع الارض وكان طينا بهيئة انسان، يسرج الشمس وجود، ويغادر الارض على صهوة الامل، يحمل افراحا لا تعد وقليل منها أن تحقق يفرش العالم وردا وقيا ويصبح رغم انف الظلم حيا….. لننير شموع الحرية والعدل والسلام في ضمير الإنسانية المتعب… من الممكن ان نراجع سنين التيه المرعبة، وننسى أثرنا المعكوس تحت الوصاية قرون عديدة.