تتّجه الأنظار اليوم نحو علم الشيخوخة وما يمكن أن يحققه من إنجازات في مواجهة علامات التقدم بالسن، لا على مستوى المظهر الخارجي فحسب، إنما أيضاً على الصعيد الصحي. وتبدو كل الدراسات والأبحاث التي تجرى في هذا المجال واعدة، ومن المتوقع أن يتحقق الكثير من التقدّم في الفترة المقبلة. وهذا ما تم التركيز عليه في “القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025” في الرياض، التي أقامتها مؤسسة هيفولوشن الخيرية، التي تعنى بإطالة العمر الصحيّ بعد تقديم المنح والاستثمارات لتحفيز الابتكار والأبحاث المستقلة. في هذا الإطار، أشار المدير التنفيذي للعلوم في المؤسسة الدكتور خلدون الرميح إلى أهمية دور نمط الحياة في إطالة العمر الصحي، مشيراً إلى إمكان التركيز عليه أيضاً لتحسين جودة الحياة.
في السنوات الأخيرة، أثبتت الدراسات أن نمط الحياة يلعب دوراً أساسياً في تأخير علامات الشيخوخة وإطالة العمر الصحي. فما النصائح الذهبية التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق ذلك؟
لا شك في أن تحسين نمط الحياة يلعب دوراً في إطالة العمر الصحي، لكن الأهم هو فهم كيف ولماذا تؤثر هذه العوامل على الشيخوخة من منظور علمي. نحن بحاجة إلى البحث العميق في الآليات البيولوجية التي تجعل التغذية، التمارين، النوم، وإدارة التوتر عوامل فعالة في تحسين الصحة.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن الاعتماد على نمط الحياة فقط، بل يجب تطوير علاجات طبية متخصصة تستهدف الحالات المختلفة بطرق علمية مدروسة. لذلك تلتزم هيفولوشن دعم الأبحاث التي تجمع ما بين الوقاية من خلال نمط الحياة والتدخّلات العلاجية الفعّالة، بهدف تقديم حلول متكاملة لإطالة العمر الصحي، كما أننا نُحفّز هذا المجال من خلال توفير شراكات استراتيجية، ومنح دراسية، وتمويلات بحثية، واستثمارات لدعم الابتكار وتسريع وصول العلاجات الفعّالة إلى الجميع. أما المجالات الأساسية التي تركّز عليها فهي:
– زيادة عدد العلاجات الآمنة والفعّالة التي تصل إلى الأسواق.
– تطوير علاجات مخصّصة تستهدف الحالات المرضية المرتبطة بالعمر بناءً على أحدث الأبحاث العلمية.
– توفير التمويل والدعم اللازمين للعلماء والشركات الناشئة لدفع عجلة الابتكار في هذا المجال.
قلائل يميزون ما بين العمر الزمني والعمر البيولوجي. ما الذي يميّز بينهما؟
الفرق بين العمر الزمني (السنوات التي نعيشها) والعمر البيولوجي (الحالة الفعلية لأجسامنا على المستوى الخلويّ) هو عنصر أساسي في أبحاث العمر الصحي، إذ يتأثر العمر البيولوجي بعوامل مثل نمط الحياة، والتغذية، والبيئة المحيطة، ممّا يعني أن شخصين بالعمر الزمني نفسه قد يختلفان تماماً من حيث الصحة والعافية. وتشير الإحصاءات إلى أنه بين عامي 2000 و2019، زاد متوسط العمر المتوقع لمن هم فوق الـ 60 عاماً بمقدار 2.3 سنة، في حين أن متوسط العمر الصحيّ تقلّص بمقدار 6 أشهر. الشيخوخة هي عامل الخطر الأول للعديد من الأمراض المزمنة مثل الألزهايمر، وأمراض القلب، والسكري. في هيفولوشن، نركّز على دعم الأبحاث لفهم العلامات الحيوية للشيخوخة وتطوير حلول فعالة لتحسين العمر البيولوجي للأفراد.
تسلّط القمة العالمية لإطالة العمر الصحي الضوء على علاجات خاصة بإطالة العمر، وما الذي يمكن أن تنقلوه عنها؟ وكيف يمكن للإنسان أن يعتمد بالفعل على علاجات تساهم في إطالة عمره؟
القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025 كانت منصة رائدة، جمعت أبرز الخبراء والباحثين ورواد الأعمال في مجال الشيخوخة الصحية تحت شعار “تشكيل مستقبل الصحة”. ركزت القمة على تمكين الأبحاث، تحفيز الابتكار، وتعزيز التعاون الدولي بهدف إحداث تأثير ملموس في مجال إطالة العمر الصحي.
من بين أهم محاور القمة هذا العام:
– التقدم في فهم بيولوجيا الشيخوخة: استعراض أحدث الأبحاث حول الأسباب الجذرية للشيخوخة وتأثيرها على الصحة.
– التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي: مناقشة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية تسريع تطوير العلاجات المبتكرة.
– التدخلات العلاجية الواعدة: تسليط الضوء على الأدوية والعلاجات الجديدة المدعومة بأدلة علمية لتعزيز الصحة مع التقدّم بالعمر.
– الاستثمار في علم الشيخوخة: تعزيز الشراكات بين العلماء والمستثمرين لتحفيز تطوير الحلول العلاجية.
– رؤية المملكة ودورها الريادي: التأكيد على التزام السعودية بقيادة الجهود العالمية في هذا المجال، من خلال هيفولوشن التي أصبحت الممول الخيريّ الأكبر عالمياً في أبحاث العمر الصحي.
هل البدائل الطبيعية يمكن أن تلعب دوراً أساسياً في إطالة عمر الإنسان أم أن العلم لا يقر أهميتها؟
هناك اهتمام علمي متزايد بالمركّبات الطبيعية وتأثيرها المحتمل على العمر الصحي، ولكن يجب التأكد من فعاليتها عبر الأبحاث العلمية قبل الاعتماد عليها. في هيفولوشن، نحن ندعم دراسة العلاجات الطبيعية، ولكننا نضع الأولوية للتدخلات المثبتة علمياً، لضمان فعاليتها وأمانها قبل الترويج لها.
بعض المعمرين لا يتبعون نمط حياة صحياً، فكيف يفسر العلم ذلك؟
يُعرف ذلك، بحسب الرميح، بـ “مفارقة المعمرين”، بحيث نجد أن بعض الأفراد يعيشون لفترات طويلة رغم اتباعهم عادات غير صحية. تشير الأبحاث إلى أن العوامل الوراثية تلعب دوراً رئيسياً في طول العمر، ولكنها ليست العامل الوحيد. في الواقع، معظم الأفراد لا يمكنهم الاعتماد فقط على الجينات لإطالة أعمارهم، بل يجب التركيز على تبني أسلوب حياة صحي.