إجماع وحيد بين الأمريكيين… سياسيونا طاعنون في السن!

1

طارق العليان

رئيس الولايات المتحدة عمره 79 عاماً ورئيس النواب 82 عاماً وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ 71 عاماً. ومتوسط أعمار أعضاء مجلس الشيوخ منذ بداية 2021، هو 64.3 عاماً، وهم الأكبر في التاريخ الأمريكي.

“رغم أن الشعب الأمريكي لا يتفق في كثير من الآراء، لكنه يجمع على أن سياسيينا ببساطة طاعنون في السن”، حسب تحليل كريس سيليزا في شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية.

 حد أقصى لعُمر المسؤولين
أظهر استطلاع جديد للآراء لشبكة “سي بي إس”  الأمريكية أن نحو 3 من 4 أمريكيين، 73% يعتقدون أنه يجب وضع حد أقصى لعُمر المسؤولين المُنتخبين.

ووجد الاستطلاع أن 7 من بين كل 10 ديموقراطيين، 71% يتفقون مع هذا الرأي، وثلاثة أرباع الجمهوريين والمُستقلين. ودعم هذه الفكرة مُتسق بشكلٍ ملحوظ بين الفئات العُمرية المختلفة.

والمثير للاهتمام أن أصغر مجموعة عمرية في الاستطلاع، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، هم أقل فئة تؤيد فرض حدود قصوى على العُمر 68%، في حين أن ثلاثة أرباع جميع الشرائح العمرية الأخرى تؤيد تلك الحدود.

ما السن التي ييجب معها التنحي عن المناصب الرسمية؟ كانت الإجابة الأكثر شيوعاً بين الخيارات التي أتاحها استطلاع الآراء 70 عاماً، إذ أجاب بذلك 4 من بين كل 10، في مقابل 1 من كل 4، 426% أجاب 60 عاماً، و 18%،  80 عاماً.

وهذا ليس نقاشاً حالِماً بعيد المنال بالطبع، في رأي التحليل، فالرئيس بايدن عمره 79 عاماً، وسيبلغ 82 عاماً بعد انتخابات 2024. وهو بالفعل أكبر رئيس مُنتخب لدورة أولى.

وأدى ذلك إلى شكوك، خاصة من أعضاء حزبه أنفسهم، في ضرورة  سعيه لفترة رئاسية ثانية.

قال تيم ريان، عضو مجلس الشيوخ الديموقراطي المُرشح عن ولاية أوهايو عندما سُئل إذا كان بايدن سيترشح مجدداً للرئاسة: “حدسي يُنبئني بأننا بحاجة إلى قيادة جديدة في شتى المناصب، سواء في الحزب الديموقراطي أو الجمهوري. أعتقد أن الوقت حان لنقلة جيلية”.

ترشح بايدن لفترة ثانية
وأظهر عدد كبير من استطلاعات الرأي صيف هذا العام أن ولايات عديدة أثارت شكوكاً في ترشُّح بايدن لفترة ثانية، إذ استشهد بعض المشاركين في الاستطلاعات بعُمره.

وقالت جين ديفيس من ولاية أيوا 87 عاماً، لصحيفة “دي موين ريجستر” الصباحية في يوليو (تموز) تعليقاً على بايدن: “الرئاسة شاقة للغاية جسدياً على أي إنسان. لعله سليماً ذهنياً. أما من الناحية الجسدية، فلا أعتقد أنه قادر على المضي قدماً”.

وقالت نيكول فرير ابنة ولاية ميتشغان، 38 عاماً، لصحيفة “نيويورك تايمز” في يوليو (توز) الماضي: “سأعلن رأيي صراحةً، أريد مسؤولين أصغر سناً. مللت كل هؤلاء المسننين الذين يديرون البلد. لا أريد شخصاً بينه وبين القبر خطوة”.

وكما جاء في صحيفة “نيويورك تايمز” في خبر منفصل “يبدو السيد بايدن أكبر عُمراً مما كان عليه منذ بضع سنوات، وهذه إشكالية سياسية لا سبيل لحلِّها بالحيل التقليدية للبيت الأبيض مثل تغيير الموظفين أو خطط الاتصالات الجديدة. فمستوى طاقته، رغم أنه مبهر لشخص في عُمره، لم يَعُد كما كان، وهناك بعض المساعدين الذين يرعونه سراً. وكثيراً ما نراه يمشي مُتثاقلاً، ويخشى مساعدوه أن يتعثر في سلك. وهو يتلعثم إذ يتحدث في الفعاليات العامة، ويحبس مساعدوه أنفاسهم على أمل أن ينهي خطابه دون زلة”.

وسعى الرئيس السابق دونالد ترامب إلى أن يجعل عُمر بايدن وقوته الذهنية مشكلة في حملته في 2020، واستمر في مسعاه هذا منذ أن خسر السباق الرئاسي.

فقال قبل أول مناظرة بينهما في 2020: “هذا الرجل ليس واعياً بما حوله. إنه لا يعرف أين هو بحق السماء. ولا يدري حتى أنه حي”.

جدير بالملاحظة أن ترامب ليس يافعاً هو الآخر، 76 عاماً، ولكنه يستعد للترشح مجدداً.

ورد بايدن بقوة على هذه المزاعم إذ قال في أغسطس (آب) 2020: “راقبني يا سيدي الرئيس، راقبني. وانظر إلينا. انظر إلينا. راقب أقوالنا وأفعالنا وما نسيطر عليه، وما نعرفه، وراقب لياقتنا البدنية. بربك!”

وبعد اعتلال بايدن، قال طبيبه إن الرئيس “لا يزال مؤهلاً لأداء واجبه، وجميع مسؤولياته دون أي إعفاءات أو تنازلات”.

وحتى دون المستوى الرئاسي، سُلَطت الأضواء على مسألة العُمر خلال الأشهر الأخيرة. ففي ربيع العام الماضي، نشرت صحيفة “سان فرانسيسكو كرونيكل” تقريرا مُطولاً عن التدهور العقلي المزعوم لعضو مجلس الشيوخ الديموقراطية ديان فاينستاين، 89 عاماً. وجاء في التقرير “صرحَ 4 من أعضاء مجلس الشيوخ، بينهم 3 ديموقراطيين، و3 موظفين سابقين عينتهم فاينستاين… لصحيفة كرونِكل أن ذاكرتها في المقابلات الشخصية الأخيرة  تداعت بسرعة. وقالوا إن من الواضح أنها لم تعد تستطيع أداء واجبات وظيفتها دون أن يقوم كثير من موظفيها بالقسم الأكبر من العمل الضروري لتمثيل سكان كاليفورنيا البالغ عددهم 40 مليون نسمة”.

إن إشكالية العُمر، على المستوى الرئاسي أو مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، شائكة. ولكن، لا أحد يقهر الزمن، والجميع يعلم أنه سيحين الدور في مرحلة ما وسيتعين عليهم التنحي عن مناصبهم.

وفي الوقت عينه، يقول التحليل، ضاقَ الجمهور ذرعاً بكل هؤلاء الساسة الطاعنين في السن، وصار متأهباً للتغيير.

التعليقات معطلة.