د.علي شمخي
تركت السياسات الاقتصادية والمالية التي اعقبت سنوات التغيير في العراق مشكلات كبيرة تمثلت بالاعتماد الكلي على واردات النفط واهمال القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية الاخرى وشهد العراق خلال العشرين سنة الماضية عزوفا واسعا من الفلاحين في ممارسة الزراعة وهجرة كبيرة من الريف الى المدينة واجتمعت مجموعة من الاسباب التي ادت الى تدهور القطاع الزراعي في العراق في مقدمتها تقاعس الحكومة العراقية وعدم التفاتها الى الاهمية القصوى لهذا القطاع والاكتفاء بتقديم دعم بسيط للفلاح العراقي لم يمكنه من الاستمرار في توسيع انتاجه الزراعي وفي المقابل شهدت المصانع العراقية بشقيها الحكومي والاهلي تراجعا كبيرا وتوقفت العشرات من هذه المصانع عن العمل وبرزت مشكلات التمويل وغياب الدعم الحكومي لهذه المصانع فيما عانت مصانع القطاع المختلط هي ايضا من فوضى القرارات وغياب التخطيط وتراجع الانتاج فيها هي كذلك ..ويمكن القول ان انشغال الدولة العراقية بالحرب على الارهاب وفقدان التركيز على هذين القطاعين الحيوين تسبب في هدر الطاقات العراقية الكبيرة التي كانت تشغل حيزا لاباس به في تمويل الدخل القومي للعراق وفي الوقت نفسه تسبب اغلاق المصانع والمعامل وتدهور الانتاج الزراعي والهجرة من الريف الى المدينة تسبب ذلك في بروز ظاهرة البطالة بمظاهرها الاوسع وتزاحمت على مؤسسات القطاع الحكومي الاف الطلبات من اجل البحث عن فرص التوظيف وبموازاة ذلك اسهمت السياسات الفاشلة للوزارات والمؤسسات المعنية بالتخطيط والصناعة والزراعة والتجارة والعمل واتباع مبدأ المحاصصة في تولي المسؤوليات وفي منح الوظائف في تعميق التراجع الكبيرللاقتصاد العراقي كل ذلك حول العراق من دولة تنتج حاجاتها الاساسية الى دولة ريعية تعيش على ماتبيعه من النفط وتستهلك ماتستورده من غذاء وسلع من الدول الاخرى وتفاقمت في السنوات الاخيرة ظاهرة بطالة الخريجين وغير الخريجين وشكلت تحديا خطيرا للحكومات المتعاقبة وللخطط والسياسات الاقتصادية المقترحة وامام تراجع اسعار النفط وتذبذبها وغياب الفرص الانتاجية الاخرى التي يمكن لها ان تستقطب وتستوعب العاطلين عن العمل يتحتم على الحكومة العراقية العودة الى الارض لاحياء الزراعة في هذا البلد والعودة الى المصانع والمعامل لاعادة تدوير المكائن وتوفير فرص عمل جديدة لملايين العراقيين الذين فضل كثير منهم الهجرة خارج العراق بحثا عن حياة كريمة وسيكون من اولويات هذا التوجه الاسراع في مراجعة القوانين التي تتعلق بالتوظيف وتعديلها بما يسمح للقطاع الخاص بالحصول على مكتسبات تمكن العاملين فيه الاطمئنان على مستقبلهم المعيشي وتوسيع قاعدة الاستثمار واشراك الخريجين في مشاريع الاعمار والاستثمار والزام الشركات بتعيين هؤلاء وغيرها من الافكار والمقترحات وبخلاف ذلك فان المشكلة الاقتصادية في العراق ستفاقم وتنتج مشكلات اجتماعية وامنية ومالية جديدة تزيد من اوضاع العراق سوءا وتهدد وحدته وامنه واستقراره .
إحياء العمل !
التعليقات معطلة.