يعتبر احتواء العمليات الإرهابية من أكثر التحديات التي تؤرق الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب، على أن ذلك لا يشكل سوى الجزء البارز أو الظاهر من الأزمة الكارثية بشكل عام، فما يتبع العملية الإرهابية من نتائج وآثار جانبية يتبين بشكل أوضح بعد الانتهاء منها أو احتوائها المبدئي، أي احتواء العملية نفسها كفك الرهائن أو إبطال مفعول المتفجرات على سبيل المثال، على أن النتائج تكون أكثر كارثية في حال فشل الاحتواء ونتج عنه على سبيل المثال مقتل الرهائن أو حدوث الانفجار، وبالتالي توسع بيئة الأضرار والضحايا الأولية، يضاف إلى ذلك الامتدادات اللاحقة.
لذا تنقسم إدارة الأزمات الإرهابية من الناحية الزمنية (بعد وقوع العملية الإرهابية) إلى إدارة تبدأ مع علم الأجهزة الأمنية بوقوع العملية الإرهابية كوجود (رهائن أو قنبلة) وهي إدارة استجابة، وإدارة لاحقة تبدأ مع انتهاء العملية الإرهابية والسيطرة عليها بشكل تام وهي إدارة التعافي، والتحول إلى النتائج التي تقع في الفترة الزمنية التي تأتي بعد انتهاء المرحلة الأولى.
أما إدارة العمليات الإرهابية من الناحية المكانية، فتنقسم إلى مرحلة إدارة مسرح الجريمة أو إدارة (البيئة الصغيرة للعملية الإرهابية), ومرحلة ثانية تشمل البيئة المتضررة من العملية الإرهابية بشكل عام (البيئة الأكبر للعملية الإرهابية) وتشمل مختلف الأماكن والجوانب التي لحقتها الأضرار والنتائج بعد إعلان انتهاء العملية الإرهابية بشكل رسمي من قبل السلطات المعنية، ويطلق عليها إدارة العواقب وهي ذاتها إدارة التعافي، وفي العادة تكون هذه المرحلة هي المرحلة الأكثر تكلفة مادية وجهدا بشريا وشمولية المساحة الجغرافية، ويطلق عليها بإدارة التعافي أو إدارة العواقب.
ويقصد بإدارة التعافي أو العواقب في ما يتعلق بالعمليات الإرهابية الإجراءات والوسائل والسياسات والتوجهات الإدارية الحكومية التي يتم اتخاذها من قبل الجهات المعنية بعد انتهاء العملية الإرهابية( 2) أي الإعلان الرسمي عن انتهاء إجراءات مسرح الجريمة، وذلك بهدف إعادة الاستقرار والأمن والتوازن إلى المنظومة الأمنية والمجتمع بوجه عام، سواء كان ذلك الأمر متعلقا بالاستقرار الأمني أو الصحة العامة أو النظام العام، أو غيرها من الجوانب التي يجب إعادتها إلى ما كانت عليه قبل وقوع العملية الإرهابية.
ويعتبر هذا النوع من أشكال إدارة الأزمات والكوارث الإرهابية مهما للغاية على اعتبار أن الآثار التي تتركها العمليات الإرهابية على المنظومة الأمنية من جهة، خصوصا ما يطلق عليه بآثار إرهاب الصدمة، وكذلك على المجتمع من جهة أخرى، سواء كان ذلك من الناحية النفسية(3) أو الاجتماعية أو الاقتصادية, تعتبر بحد ذاتها من المكاسب الاستراتيجية التي تسعى لتحقيقها تلك التنظيمات، وبالتالي في الجانب الآخر، أقصد المنظومة الأمنية، يجب أن تقلص بقدر المستطاع ذلك الهدف الذي تسعى لتحقيقه التنظيمات الإرهابية من وراء تنفيذها للعمليات الإرهابية.
وهذا الشق من ادارة الازمة الإرهابية يؤكد المهنية والاحتراف في التعامل مع العمليات الإرهابية، يضاف إلى ذلك قدرة الأجهزة الأمنية على تجريد العملية الإرهابية من أهدافها طويلة الأمد وآثارها المتعددة على نحو خاص، يضاف إلى ذلك اعتبار هذا النوع من الإدارة جزءا لا يتجزأ من عملية التدريب على التخفيف من عنصر الخوف على وجه الخصوصأ وتطبيقا عمليا لإدارة أزمات أخرى نوعية في سياق العمليات الإرهابية.• بتصرف من كتاب غير منشور لي تحت عنوان مكافحة الإرهاب الدفاعية (نحو إدارة استباقية للأزمات والمخاطر الإرهابية الموجهة لتدمير البنية الحساسة للدول).
إدارة الأزمات والكوارث الإرهابية (إدارة التعافي)
التعليقات معطلة.