إستثمار الكهرباء .. عبارة حق يراد بها باطل – فاتن السامرائي م̷ـــِْن سامراء

1

(يومية طالعيلنة بسالفة شكل، ومشروع شكل، وبالأخير منحصل شي).

هذا ما ينادي به آلاف المتظاهرين في العراق، عند كل مرة تخرج بها حكومتنا بمشروع جديد، تقول أنه لصالح الشعب، واليوم لدينا مشروع الكهرباء الجديد، والذي حمل بدوره عدة عناوين، منها: “خصخصة الكهرباء، عقود الخدمة والجباية، عقود الشراكة مع القطاع الخاص، وعقود استثمار الكهرباء” مهما كانت التسمية فالفكرة أصبحت واضحة للعوام، بينما اختلفت الأراء منهم من يرى أنها افضل من البقاء تحت رحمة “أصحاب المولدات”، ومنهم من يعتبر هذا المشروع إجحافاً في حقهم بسبب أجور الجباية، فخرجوا مطالبين بإلغائه.

مشروع جباية

تعالت الحملات المعترضة على مشروع جباية الكهرباء، منها حملة “لن ندفع” في الكوت والناصرية، كما طالب مئات المتظاهرين بطرد المستثمر في محافظة ذي قار.

في مقالي هذا، لن أتحيز لفئة دون أخرى، فلست أقول أن هذا المشروع هو سرقة، كما أنني لست أقول أن المواطنين مخطئين تماماً بإعتراضهم، بل إن هدفي هو عرض ما استطعت أن أجمعه من إيجابيات أو سلبيات وأطرحها هنا بتفصيل مبسط، فكلنا اليوم بحاجة لفهم ما يدور بمطلق الحيادية.

بعد اللغط الكبير الذي حصل منذ إعلان المشروع، خرج المتحدث باسم وزارة الكهرباء السيد “مصعب المدرس” في لقاء مباشر وضح فيه ما يلي: أن المشروع المعلن عنه ليس “خصخصة” كما يطلق عليه في الشارع وإنما هي عقود شراكة مع القطاع الخاص أي “عقود استثمارية”، واستناداً الى الموازنة الإتحادية لعام 2016/2017، كما بين عدم وجود فساد في المشروع وأن نجاح المشروع يعتمد على التعاون بين المواطن والدولة، وقد ضَمِنَ تطبيق هذا المشروع بشكله الصحيح وبدون مشاكل؛ من خلال:

1-إنهاء الضائعات من الطاقة والتي بلغت 60 بالمئة، من الإنتاج.

2-تقليل الإستهلاك من قبل المواطنين.

إذ أن الإنتاج الطاقي حسب قوله قد وصل إلى(6000 ميكاواط)، ومجموع المطلوب العام هو(22000 ميكاواط)، وبإضافة (2000 ميكاواط)، من المستثمر، وتقليل الإستهلاك من قبل المواطن، وإنهاء الضائعات من الإنتاج سيكون هنالك فائض من الطاقة اللازمة للتشغيل، فيما ردت عليه النائبة في مجلس البرلمان حنان الفتلاوي “إن ما تحدث به السيد ‘مصعب المدرس’ خيال علمي لن يطبق على أرض الواقع”.

وفي لقاء مع عضو مجلس النواب المستقل عن دولة القانون “كاظم الصيادي”، صرح فيه قائلاً “أي مشروع تطرحه الحكومة هو سرقة للعراق”، وأن الدولة حسب قوله “أفلست” فطرحت هذا المشروع “الخصخصة” لتسرق من خلاله أموال العراقيين لتسد حاجتها من الأموال.

آلية عمل هذا المشروع هي كالتالي، نحن نحتاج إلى إنتاج طاقة إضافي ليسد نقص الطاقة الحاصل في العراق، فقامت الحكومة بإبرام عقد مع القطاع الخاص “المستثمر” يقوم بموجبه بإنتاج الطاقة في محطات وبيعها للحكومة، أما الوقود اللازم لإنتاج الطاقة وعمليات نقل وتوزيع تلك الطاقة، فهو من شأن الحكومة وليس المستثمر، ولنتعرف أكثر على شروط هذا العقد وهذه هي الصدمة والطامة الكبرى.

شروط عقد الشراكة مع المستثمرين كما وردت من جلسة النواب بعد استجواب وزير الكهرباء والتي صرحت عنها “د. حنان الفتلاوي” عضو مجلس النواب:-

1-يتوجب دفع المبالغ المتفق عليها في العقد للمستثمر بعد توقيع العقد، حتى وإن لم تستخدم تلك الطاقة من قبل المشتري.

1-في حال عدم توفير الوقود(الغاز) اللازم لتوليد الطاقة تبقى الدولة ملزمة على دفع مبلغ الطاقة المجهزة إلى حين إنتهاء مدة العقد.

1-كفالة سيادية، إذ رهنت الدولة بموجب هذا العقد نفط العراق، في حال تقصير المشتري عن إداء التزاماته تجاه المستثمر، وفي حال عدم دفع مبلغ الطاقة المجهزة.

أما الشروط المترتبة على الكفالة السيادية هي مشكلة كبرى، أثارت علامات إستفهام عديدة، فكيف تم التوقيع على مثل هذه البنود:-

1- دفع مطالب الدائنين للمستمثر “أي ندفع له جميع ما يدين به من قروض لأي بنك دولي”.

2-دفع المبالغ التي ساهم بها المستثمر في بناء المشروع.

3-المبالغ المالية التي كان من المفترض إستلامها إلى حين إنتهاء العقد.

شروط الكفالة

كما يتمكن المستثمر في حال عدم الوفاء بشروط الكفالة السيادية أن يقدم العقد لأي بنك دولي، وتصادر أموال الدولة، وبالتالي الدفع بالإجبار.

ما هي المصالح التي استوجبت التوقيع على مثل هكذا عقد؟، ما الذي يضطر حكومتنا أن ترهن نفط العراق وممتلكاته لمشاريع وعقود غير مجبرين على إبرامها، لمَ لا تنشئ الحكومة محطات إنتاج طاقة بدلاً من شرائها، مادمنا قادرين على دفع مبالغ طائلة للمستثمر؟، وبدلاً من إبرام عقود تتضمن سرقة، وإبتزاز واضحين من غير إخفاء.

ولكن من سيسمع ومن سيجيب!!!، إن كان أعضاء الحكومة أنفسهم غير متفقين حول هذا الأمر، فما الذي يقع على عاتق المواطن المجبر على دفع مبالغ الجباية شهرياً.

قد جفت الدماء منا ونحن أحياء، وبليت الأحوال، أصبحت السرقة علانية، وليس سحباً من تحت الوسادة كما كانت من قبل، ويستمر الحال على ذات المنوال، دون خروج شخص واحد من الحكومة يمتلك ولو نصف ضمير حي، يبين الحقيقة كما هي؛ لنعرف ما نحن مقدمون عليه، ليخبروا أن هذه الخصخصة هي من صالحنا وأنها ستمضي من غير تلكؤات أو أخطاء، لنتعاون مع الحكومة بما يخدم صالحنا، وصالح الدولة، لكنهم أبوا إلاّ أن يقدموا مصالحهم الشخصية، وقطع يمين الصدق والأمانة بما يترتب وواجباتهم تجاهنا.

 

التعليقات معطلة.