إسرائيل تتحصن بالعنصرية كسلاح استراتيجي

1

 
 
د. فايز رشيد
 
بالمعنى الفعلي, فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي أصبحت مثقلة بالقوانين العنصرية الهادفة إلى السيطرة على كل الأرض الفلسطينية, وقطع الطريق على أية حكومة إسرائيلية قادمة, للتنازل عن متر واحد من أرض فلسطين التاريخية, إلا بإجراء استفتاء عام في إسرائيل, هذا في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات العديدة التي أجريت في إسرائيل إلى أنه في عام 2025 فإن نسبة المتطرفين في إسرائيل ستصل 62% من اليهود الإسرائيليين.
منذ إنشائها، حرصت دولة الاحتلال الإسرائيلي على إيجاد قواعد أمنية لها مثل: امتلاك أسلحة استراتيجية, أن يكون الجيش الإسرائيلي أقوى من حيث ميزان القوى, أقوى من كل الجيوش العربية مجتمعة, المبادرة بالهجوم, نقل المعركة إلى أرض العدو, تجنيب الداخل الإسرائيلي تبعات الحرب التي تشنها إسرائيل, الحرص على أن تكون دولة ديموقراطية لليهود. هذه المبادئ الأمنية سنّت واعتمدت من قبل الكيان في عهد بن جوريون أول رئيس وزراء صهيوني. منذ الإنشاء القسري حرصت إسرائيل على تحصين نفسها بالعنصرية, رغم عدم اعترافها بذلك, فهي في نظر العالم الغربي “واحة الديموقراطية” في الشرق الأوسط والأنظمة الدكتاتورية العربية. لقد بلغ ما سنته إسرائيل حتى شهر ديسمبر 2018, 172 قانونا عنصريا واضحا ضد أهلنا في المنطقة المحتلة عام 1948, ومجموع شعبنا في كافة المناطق الفلسطينية والعربية المحتلة. ووفقا للإحصائيات, فإن الائتلاف اليميني العنصري الحاكم في إسرائيل مستمر في طرح مشاريع القوانين العنصرية, والذي بلغ عددها 220 مشروع قانون على جدول أعمال الكنيست.
القوانين الجديدة المزمع مناقشتها تسعى إلى قوننة القرارات الساعية إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية من جانب, ومن جانب آخر إلى تكثيف وتغليظ الإجراءات العقابية العنصرية والقمعية ضد شعبنا في المنطقة المحتلة عام 1948. وكان عضو الكنيست الأكثر تطرفا بتسلئيل سموتريتش قد قدم مشروع قانون يقضي بإلغاء سلطة الاحتلال “الإدارة المدنية” في الضفة الغربية, ونقلها إلى سلطة الوزارات الإسرائيلية, تحت ذريعة أسماها “تحسين الخدمة للسكان”! وهذا قانون يهدف إلى ضم كل أراضي الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني. كما قدّم مشروع قانون آخر يتعلق بأهلنا في منطقة 48, ويخول سلطة البلديات اليهودية بإقامة لجان قبول لمن يريد السكن فيها, مع صلاحية رفض من لا يلائم الثقافة اليهودية. بالطبع ليس خفيا على القارئ أن المقصود بهذا القانون, هم أهلنا في منطقة 48. هذا المشروع يستكمل قانون “الولاء الثقافي” الذي أقرّه الكنيست بالقراءة الأولى منذ شهر تقريبا. كذلك قدم النائب العنصري عوديد فورير من كتلة “إسرائيل بتينيو” بزعامة أفيجدور ليبرمان, مشروع قانون يقضي بفرض الخدمة المدنية على الذين لا تنطبق عليهم شروط الخدمة العسكرية. ولأن العنصرية لا تعرف حدودا, فهو يطول الفلسطينيين واليهود المتدينين المتزمتين (الحريديم) الذين هم معفيون من الخدمة العسكرية في دولة الكيان الإسرائيلي.
وفي إطار التضييق على عمل المراكز الحقوقية, والجمعيات التي تنشط ضد الاحتلال الإسرائيلي, ودفاعا عن الحقوق الفردية والجمعية للفلسطينيين, قدم النائب العنصري يوآف كيش مشروع قانون يوسع تعريف العميل أو حسب التسمية الواردة في القوانين الإسرائيلية “وكيل في الخارج” بحيث يشمل عمليا العملاء الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وفي دول الاتحاد الأوروبي, ذلك كما جاء في شرح مشروع القانون, الذي يهدف أن يشمل في تعريف “عميل في الخارج” كل الكيانات الأجنبية على حدّ سواء. وجاء في تفسير مشروع القانون أيضا أن الهدف منه منع نشاط أو نقل معلومات سرية, أو معلومات من شأنها أن تشكل خطرا على أمن دولة إسرائيل لجهات أجنبية, وأن “عميل في الخارج” هو مفهوم واسع وتعريف عمومي لم يعد يلائم بشكل خاص شكل الحلبة الدولية في هذه المرحلة, ويخص بالذكر السلطة الفلسطينية ودول الاتحاد الأوروبي. وكما ذكر فإنه منذ بدء الولاية الحالية للكنيست في أيار/مايو 2015 تم تقديم 220 مشروع قانون, من بينها 31 قانونا تم إقرارها بشكل نهائي وباتت سارية المفعول. يضاف إليها 6 قوانين أقرت كبنود إضافية تضمنتها أربعة قوانين أقرت بالقراءات الثلاث. كذلك هناك 7 قوانين أقرت بالقراءة الأولى, وهي قيد الإعداد لإقرارها بالقراءة النهائية, فيما 19 قانونا لا تزال في مرحلة الإقراء بالقراءة التمهيدية.
بالمعنى الفعلي, فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي أصبحت مثقلة بالقوانين العنصرية الهادفة إلى السيطرة على كل الأرض الفلسطينية, وقطع الطريق على أية حكومة إسرائيلية قادمة, للتنازل عن متر واحد من أرض فلسطين التاريخية, إلا بإجراء استفتاء عام في إسرائيل, هذا في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات العديدة التي أجريت في إسرائيل إلى أنه في عام 2025 فإن نسبة المتطرفين في إسرائيل ستصل 62% من اليهود الإسرائيليين. من دلالات سن هذه القوانين أيضا: أن مشروع دولة إسرائيل الكبرى لا يزال يراود معظم الإسرائيليين. نضع كل هذا برسم المراهنين على إمكانية قيام السلام مع إسرائيل من الفلسطينيين والعرب.

التعليقات معطلة.