كل الظروف السياسية والعسكرية الدولية وألاقليمية باتت مؤاتية لتوجه ضربة اسرائيلية للمفاعلات النووية الايرانية حيث تجد إسرائيل نفسها أمام لحظة قد تكون حاسمة بشأن البرنامج النووي الإيراني. فعلى مدى سنوات، عبّرت إسرائيل عن مخاوفها من اقتراب إيران من القدرة على إنتاج سلاح نووي، وهي مسألة تعتبرها تهديداً وجودياً. واليوم، يبدو أن الظروف الدولية والإقليمية باتت ملائمة أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ ضربة عسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية.
المتغيرات الدولية والإقليمية في صالح إسرائيل
أصبحت الأجواء الدولية مهيأة بسبب التوتر بين إيران والدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، نتيجة دعم طهران لجماعات مسلحة تعمل كأذرع لها في المنطقة، ووقوفها إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا. من هذا المنطلق، تجد إسرائيل أن صبر المجتمع الدولي على إيران قد بدأ ينفد، وأن أي ضربة محتملة ضد منشآت إيران النووية قد تحظى بتفهم دولي أو على الأقل عدم معارضة كبيرة.
من جانب آخر، تتزايد الشراكات الإقليمية الجديدة لإسرائيل في إطار ما يسمى بـ “اتفاقيات إبراهيم”، وهي تحالفات مع دول عربية معادية لسياسات إيران، مثل الإمارات والبحرين، بالإضافة إلى الدعم الضمني من المملكة العربية السعودية. هذا المناخ الداعم يعطي إسرائيل مجالاً أكبر للتحرك في المنطقة ويمهد لتنفيذ أي ضربات محتملة بموافقة ضمنية من بعض القوى الإقليمية.تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة
تشهد المنطقة تصاعداً في النشاط العسكري من جانب إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء. وقد كثفت واشنطن من تواجدها العسكري في الخليج العربي، وأرسلت طائرات وسفن حربية إلى المنطقة، في خطوة يمكن تفسيرها كإجراء احترازي لدعم أي عملية ضد إيران إذا لزم الأمر. وهذا الحشد العسكري قد يكون إشارة على استعداد لسيناريو عسكري في حال استمرار إيران في تجاهل المطالب الدولية وتجاوز الخطوط الحمراء.
قدرات إسرائيل العسكرية وفاعلية الضربة.
خلال السنوات الأخيرة، طورت إسرائيل قدراتها العسكرية بشكل ملحوظ، خاصة في مجال الهجمات الدقيقة والطائرات بدون طيار، كما تمتلك صواريخ دقيقة قد تمكنها من تنفيذ ضربات موجعة للمنشآت النووية الإيرانية. وقد أظهرت إسرائيل قدرتها على الوصول إلى أهداف بعيدة، ما يعزز احتمال قدرتها على ضرب المواقع النووية الإيرانية بشكل فعّال دون الحاجة إلى مساعدة عسكرية كبيرة من الدول الأخرى، وإن كانت الشراكات الإقليمية تجعل الأمر أسهل .
هل ستكون الضربة حلاً نهائياً أم خطوة تصعيدية؟
في حال نفذت إسرائيل ضربة عسكرية ضد إيران، فإن هذا سيؤدي إلى تصعيد كبير في المنطقة. ورغم أن الهدف الرئيسي لإسرائيل سيكون شل القدرات النووية الإيرانية، إلا أن طهران قد ترد بعمليات انتقامية سواء مباشرة أو عبر حلفائها في المنطقة، مما قد يؤدي إلى حرب شاملة. مع ذلك، ترى إسرائيل أنه لا بديل أمامها لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، حيث يعتبر هذا الهدف استراتيجياً لها.
تشير جميع المؤشرات إلى أن إسرائيل باتت أقرب من أي وقت مضى لتنفيذ ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية. ورغم المخاطر الكبيرة المترتبة على ذلك، إلا أن الحكومة الإسرائيلية ترى أن إيران نووية تمثل تهديداً وجودياً لا يمكن التهاون فيه. ورغم الجدل الداخلي والخارجي حول جدوى هذه الضربة، إلا أن إسرائيل قد لا تجد في المستقبل القريب وقتاً أنسب للمضي قدماً نحو قرار تاريخي قد يغير شكل المنطقة لعقود قادمة .