اخبار سياسية

إسرائيل والخيار الصعب: هجوم رفح أم معاقبة إيران؟

اعتراض المسيّرات والصواريخ الإيرانية في سماء إسرائيل. (أ ف ب)

يرى خبراء أن الرد على الهجوم الإيراني والقضاء على مقاتلي “حماس” الذين تحصّنوا في منطقة رفح المكتظّة هما جبهتان يستحيل على إسرائيل التعامل معهما في آن واحد، وستضطّر تالياً إلى الاختيار. بالنسبة لبنيامين نتنياهو، المشكلة تتعلّق فقط بالجدول الزمني، اذ يقول إنّه مصمّم على تحقيق كلا الهدفين. لكنّه لا يستطيع أن يتجاهل تماماً دعوات واشنطن الملحة لضبط النفس وحماية المدنيين في قطاع غزة. 

يمكن للرد الإيراني الانتظاريستبعد محلّلون أن يتمكّن الجيش الإسرائيلي من التعامل مع جبهتين في آن واحد.
ويقول مدير شركة “لو بيك” للاستشارات الأمنية مايكل هورويتز إن “إسرائيل لن تكون قادرة على شن هجوم في رفح والرد على إيران في الوقت نفسه”. وصرح لوكالة “فرانس برس”: “سيكون هناك تسلسل وقرار يجب اتّخاذه”.
تتعاقب اجتماعات حكومة الحرب منذ الأحد في تل أبيب ولا ترشح منها سوى انقسامات بين صقور اليمين المتطرّف الذين يضغطون من أجل إنزال عقاب قاسٍ بإيران والهجوم على رفح، ووزراء أكثر تردّداً.
أساساً لا يتعيّن على إسرائيل أن تخشى هجوماً إيرانياً مباشراً جديداً، ويمكنها أن تأخذ الوقت الكافي لدرس الخيارات التي “لن تؤدي إلى تصعيد” فحسب بل من شأنها أن تسمح بـ”إنهاء الأزمة”، كما يؤكد مدير الأبحاث في مركز مراقبة الأسلحة والحد من انتشارها جون إيراث.
وتؤكّد إيران أن حساباتها مع عدوها اللدود تمت تسويتها موقتاً بعد هجومها ردّاً على تفجير قنصليّتها في دمشق في الأول من نيسان (أبريل) والذي أسفر عن مقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري. وحذّر المتحدّث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري الإثنين من أن إسرائيل ستتحرّك “في الفرصة والتوقيت اللذين نختارهما”.
هل غيّر الهجوم الإيراني الوضع في رفح؟ذكرت الصحافة الإسرائيلية نقلاً عن مصادر أمنية أن الهجوم على رفح من المقرّر أن يبدأ هذا الأسبوع، لكن خطط الجيش التي لم تعلن بعد، تأثّرت بسبب الهجوم الإيراني. بعد ستة أشهر من الضربات والمعارك العنيفة، أفادت التقارير بأن حركة “حماس” تحتفظ بأربع كتائب في كبرى مدن أقصى جنوب قطاع غزة، على الحدود مع مصر.
ولا يمكن لإسرائيل شن هجوم حتى يتم إجلاء 1,5 مليون نازح فرّوا من الحرب في غزة وفقاً للأمم المتحدة. لكن القتال العنيف مستمر في وسط غزة، ولا تزال إسرائيل ترفض عودة النازحين إلى الشمال. وأشار بيان الإثنين إلى أن وزير الدفاع يوآف غالانت عقد اجتماعاً لمناقشة “سلسلة من الإجراءات التي سيتم اتخاذها استعداداً للعمليات في رفح، ولاسيما في ما يتعلّق بإجلاء المدنيين”. ومن بين 40 ألف خيمة تم طلبها مؤخراً في مناقصة، حصلت وزارته على 30 ألف خيمة يتم نصب ثلثها في الأسبوعين المقبلين بالقرب من رفح، وفقاً لمصادر في الصحافة الإسرائيلية.
وترى المصادر نفسها أن رفض “حماس” لمشروع الهدنة الأخير الذي اقترحه الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون في القاهرة مطلع نيسان (أبريل) سيسرّع بدء الهجوم، بعد أن نفد صبر نتنياهو واقتنع بأن “حماس” لا تريد اتّفاقاً.
وحذّر جون إيراث من أنّه يستحيل استنتاج موعد نهائي من ذلك، باستثناء “التكهّن”.

ما هي المخاطر الدبلوماسية بالنسبة لإسرائيل؟يقول مايكل هورويتز إنه في كلا الحالتين “يلقي التأثير الدبلوماسي بثقله على الحسابات الإسرائيلية”. ففي حين انتقد قسم متزايد من المجتمع الدولي الأعمال الانتقامية الدامية التي ارتكبت في قطاع غزة بعد هجوم “حماس” في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، فإن كم المسيّرات والصواريخ التي أطلقتها إيران باتجاه الأراضي الإسرائيلية الأحد ساهم مرّة أخرى في رص الصفوف حول إسرائيل.
من شأن الهجوم البري على رفح، فضلاً عن الرد المفرط على النيران الإيرانية، أن يساهما في محو هذه المنافع الدبلوماسية. ومن ناحية اخرى، يمكن لإسرائيل أن تستفيد من موقف العديد من المستشاريات الأجنبية للتحرّك. ولاحظ مايكل هورويتز أنّه من خلال غض الطرف عن رفح، يمكن لهؤلاء الحلفاء أن يطالبوا إسرائيل “بعدم الرد” على الهجوم الإيراني، “وهو أمر مستبعد بالنسبة إلي”.
على الصعيد الداخلي، يبدو الرأي العام الإسرائيلي منقسماً أيضاً. فبحسب استطلاع أجرته الجامعة العبرية في القدس ونشر الثلثاء، فإن 48% من المستطلعين يقولون إنّهم يؤيّدون الرد على إيران مهما كان الثمن (52% يعارضون) ويقول 44% إنهم يؤيدون هجوماً على رفح حتى لو أدى ذلك إلى الاضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة.