على رغم تعزيز المعنويات الناتج من الهجوم الجريء في منطقة كورسك الروسية، فإن الضغوط تتزايد على الرئيس الأوكراني بسبب الغارات الجوية والخسائر في ساحات القتال شرق أوكرانيا.كريس ستيفنسن محرر شؤون دولية فولوديمير زيلينسكي يدرك تماماً أنه مراقب قي كل خطوة يخطوها (رويترز)ملخصقد يكون توقيت التعديل الوزاري مقصوداً جزئياً لتعزيز جهود أوكرانيا، حيث يحرص زيلينسكي على إظهار بلاده للحلفاء مثل واشنطن ولندن أنها مستعدة لاتخاذ الخطوات الضرورية لتعزيز فرصها في مواجهة موسكويعتبر دميترو كوليبا من أبرز الشخصيات الأوكرانية المعروفة لدى المسؤولين الغربيين، بسبب ما يتميز به من جرأة في التعبير عن مواقفه، وهذه الصفة هي ما جعلته أحد أهم أعضاء حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي المشاركين في تعديل جديد آخر في القيادة الأوكرانية، تعديل هو الأضخم منذ بداية الحرب.قدم كوليبا استقالته كجزء مما يُنظر إليه على أنه “إعادة ضبط” سياسية لكييف، بقيادة زيلينسكي ودائرته المقربة. كما استقال عدد من الوزراء الآخرين الثلاثاء الماضي. صرح زيلينسكي أن التعديل الوزاري يهدف إلى “إعطاء قوة جديدة” للحكومة الأوكرانية وتعزيز قدرته على توجيه السياسة.شغل كوليبا، الدبلوماسي المخضرم، منصب وزير الخارجية منذ عام 2020. خلال فترة توليه المنصب شهد عدداً من التغييرات في الحكومة والجيش منذ غزو روسيا في فبراير (شباط) 2022. ومنذ ذلك الحين، أجرى زيلينسكي تغييرات في مناصب رئيسة مثل وزير الدفاع، وقائد الأركان، ورؤساء أجهزة الاستخبارات الوطنية والأمن، وغالباً ما كان ذلك في أوقات حرجة يمر بها ميدان المعركة.قبل التعديل، ضم مجلس الوزراء الأوكراني عدداً من الوزراء الموقتين الذين لا يملكون الحق في التصويت على القرارات، وقد شدد زيلينسكي على أن بلاده في حاجة إلى حكومة متماسكة مع اقتراب فصل الشتاء. وفي خطابه المسائي الثلاثاء الماضي، أكد زيلينسكي أن “الخريف سيكون حاسماً بالنسبة إلى أوكرانيا، ويجب أن تكون مؤسساتنا جاهزة لتحقيق الأهداف التي نتطلع لها جميعاً”. مضيفاً “ومن أجل تحقيق ذلك، نحتاج إلى تعزيز بعض المجالات في الحكومة، وقد تم إعداد قرارات في شأن التعيينات”.22.jpgياروسلاف بازيلفيتش (في الوسط)، المقيم في لفيف، ينقل بعيداً بواسطة المسعفين بعدما فقد زوجته وثلاثاً من بناته خلال الهجوم الصاروخي والطائرات المسيرة أمس (رويترز)وتأتي هذه التعديلات في وقت حاسم، بعدما فقدت أوكرانيا بصورة تدرجية أراضي في منطقة دونيتسك الشرقية بفعل التقدم الروسي، بينما أدت الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ على البنية التحتية للطاقة إلى انقطاعات متكررة في الكهرباء، التي من المحتمل أن تزداد سوءاً مع اقتراب الشتاء. وقد أعطى الهجوم الجريء عبر الحدود إلى منطقة كورسك الروسية، حيث سيطرت قوات كييف على نحو 1.000 كيلومتر مربع خلال ثلاثة أسابيع، دفعة معنوية كبيرة وذكّر الحلفاء الغربيين بأن كييف لا تزال قادرة على إحداث مفاجآت، على رغم تفوق العدو في الأسلحة وقلة عدد قواتها.وقد يكون توقيت التعديل الوزاري -الذي يُشاع أنه كان قيد الإعداد لعدة أشهر- مقصوداً جزئياً لتعزيز جهود أوكرانيا، حيث يحرص زيلينسكي على إظهار بلاده للحلفاء مثل واشنطن ولندن أنها مستعدة لاتخاذ الخطوات الضرورية لتعزيز فرصها في مواجهة موسكو. ومع اقتراب الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل – والتي قد تغير مستوى الدعم من أكبر داعم عسكري لكييف إذا أعيد انتخاب دونالد ترمب- والزيارة المقبلة لزيلينسكي إلى “الجمعية العامة للأمم المتحدة” في نيويورك، سيكون الرئيس الأوكراني مدركاً تماماً لرقابة الجميع على تحركاته. كما أن الولايات المتحدة كانت تدفع منذ فترة طويلة نحو تقليص الفساد وتحسين الحكم في أوكرانيا. وفي حين لم يكن هناك أي مؤشر على سوء السلوك من جانب المسؤولين المعنيين، فإن مثل هذه الاعتبارات ربما أثرت في التعديل الوزاري.كما أن جزءاً من مبررات الهجوم على كورسك كان لردع التقدم الروسي في الشرق عبر السيطرة على أراضٍ قد تُستخدم في أية مفاوضات سلام مستقبلية، وستكون مثل هذه المحادثات أكثر فاعلية بحكومة مستقرة، على رغم أن السياسيين المعارضين أعربوا عن قلقهم من كيفية تطابق التعديلات مع رؤية زيلينسكي. ولم يعلن بعد خليفة كوليبا، من المتوقع أن يتم الكشف عنه الخميس المقبل.الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكثف الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على المدن الأوكرانية (رويترز)وسائل إعلام أوكرانية كانت قد ذكرت نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن نائب كوليبا، أندري سيبها، سيتسلم وزارة الخارجية في البلاد [وهو ما حدث بالفعل]. وقبيل التعديل، أشار أحد قادة حزب زيلينسكي في البرلمان الأوكراني دافيد أراخاميا، إلى أن أكثر من نصف الحكومة الحالية سيخضع لتغييرات عقب استقالات الأربعاء الفائت والتي تلاها إعلان التعيينات الجديدة يوم الخميس.وكان رد روسيا على الهجوم على كورسك بتكثيف الهجوم الجوي على أوكرانيا. وقد أظهر الهجوم الذي استهدف مدينة لفيف الغربية الأربعاء الماضي وأسفر عن مقتل سبعة أشخاص في الأقل، مدى تعرض أوكرانيا لتهديدات موسكو البعيدة المدى، وتبع ذلك هجوم آخر على مدينة بولتافا الوسطى الثلاثاء الماضي، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً وإصابة أكثر من 200. وكان زيلينسكي على دراية كاملة بما يعانيه شعبه وما قد يواجهونه في الأشهر المقبلة، لذا يسعى إلى أن يظهر بموقف نشط. وقد دعا مراراً حلفاءه الغربيين للسماح لكييف باستخدام أسلحتها ضد أهداف داخل روسيا، لكن لم تستجب واشنطن لتلك المناشدات حتى الآن.ومع دخول الشتاء، ستصبح التحركات على الجبهة أكثر صعوبة، وسيتصاعد الهجوم الروسي بالصواريخ والطائرات المسيّرة على أوكرانيا. لذا يدرك زيلينسكي مدى صعوبة الوضع على المدنيين والجيش، ويعلم أن كييف ستحتاج إلى دعم حلفائها الغربيين أكثر من أي وقت مضى. وهذا التعديل هو جزء من جهود الرئيس الأوكراني لإظهار قوته وقدرته على إدارة الوضع في بلاده. على أمل أن يحقق الهدف المنشود.
التعليقات معطلة.