“إعادة الهجرة” ونظريات راديكالية… ما قصة الاجتماع السري لليمين الشعبوي في ألمانيا؟

1

عشرات من العابرين للحدود في مركز للاجئين بألمانيا

اجتماع سريٌ موصوفٌ بـ”الخطير” في ألمانيا. إعادةُ “ملايين المهاجرين حتى المجنسين منهم” أحدُ الطروحات، ولكَ أن تتخيّل المزيد في لقاءِ قادةِ اليمين الشعبوي. هؤلاء القادة التقوا في مدينة بوتسدام شرقي ألمانيا أواخر عام 2023. “اجتماعهم بحث نظريات راديكالية عن سياسة الهجرة”، حسبما كشف قبل أيام قليلة تحقيق استقصائي لموقع “كوريكتيف” الإخباري الإعلامي.

أليس فايدل، رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب البديل اليميني المعارض حضرت بين ساسة من الحزب. وضمن المشاركين في اللقاء اليميني الشعبوي رئيسُ الحزب في دائرة بوتسدام، تيم كراوزه. كذلك شارك، مارتن زيلنر، مَن يُعدّ العقلَ المدبر لحركة “الهوية اليمينية” في النمسا خلال السنوات الأخيرة، وأعضاء يُعدّون على الأصابع من التحالف المسيحي الديموقراطي كانوا طرفاً في هذا الاجتماع، حسبما أوردت تقارير متطابقة.

العقل المدبر لـ”الهوية اليمينية” في النمسا، عرض – وفق مصادر “كوريكتيف” – برنامجاً لعملية “إعادة الهجرة”، وهو مصطلح عادة ما تستخدمه الأوساط الشعبوية، بمعنى إعادة ملايين المهاجرين من بينهم حتى المجنسون طواعية أو قسراً. الاجتماع المذكور ناقش كيفية إجبار الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الهجرة على الانصهار في المجتمع.

قلق وتوجس

الاجتماع أثار جدلاً واسعاً داخل ألمانيا. سريعاً ساد القلق والتوجس الأوساط المعارضة لليمين الشعبوي. السؤال طرح بإلحاح عن مستقبل الديموقراطية في ألمانيا. برزت دعوات لتشكيل “حزب الوسط” بشأن قضايا الهجرة كحل، وظهرت أصوات تُندّد بتوجهات حزب البديل، وهو بالمناسبة يُشكّل أكبر كتلة معارضة حالياً داخل البوندستاغ. الأصوات المعارضة لليمين الشعبوي، دعت إلى حظر الحزب كونه (حزب “البديل”) لم يعد “صوتاً غاضباً” بل هو “عبارة عن حزب نازي”، كما قال هندريك فوست، رئيس حكومة ولاية شمال الراين – فيستفاليا في ألمانيا لصحيفة “تاغس شبيغل أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر الأحد 14 كانون الثاني (يناير) 2024.

رئيس حكومة ولاية شمال الراين – فيستفاليا ناشد الحكومة الاتحادية في ألمانيا التعاون في وضع حدود للهجرة في ظل ارتفاع مستويات التأييد لحزب “البديل من أجل ألمانيا” (إيه إف دي) اليميني المعارض في استطلاعات الرأي. هندريك فوست قال إنّ “قوة الشعبويين والمتطرفين منبعها عدم قدرة الديموقراطيين على التصرف. يسري هذا بصفة خاصة – برأيه – على واحدة من كبرى المشكلات في عصرنا: وهي قضية الهجرة”. الرجل دعا لتشكيل “تحالف الوسط”، بحسب توصيفه. القيادي في الحزب المسيحي الديموقراطي المحافظ، دعا لعقد لقاء عاجل بين المستشار الألماني أولاف شولتس ورؤساء حكومات الولايات من أجل تقييم تأثير الإجراءات التي اتُّخذت حتى الآن في ما يتعلق بسياسة الهجرة. “عقد الاجتماع خلال الأسابيع المقبلة يُعدّ أمراً ضرورياً للغاية”، كما قال في تصريحاته الإعلامية.

رأي

“الاجتماع مثير للقلق”، حسبما يقول لـ”النهار العربي” من بون (ألمانيا) الصحافي المهتم بالملف الألماني وقضايا الهجرة عارف جابو. القلق نابع برأيه “من كون المناقشات تناولت خططاً كمثل خطط النازية سابقاً كتهجير الناس الموجودين في ألمانيا ومناقشة ما تسمى الهجرة المعاكسة”.

هذا مثير للقلق في الوسط السياسي وحتى الوسط الاجتماعي بخاصة بين المهاجرين، كما يقول. “أن تصل الأمور إلى عقد اجتماع ومناقشة خطط يمينية كهذه يدل إلى مدى قوة اليمين؛ فاليمين المتطرف ينمو في ألمانيا. اليمين الشعبوي، مثلاً حزب البديل يتجه للتطرف والفئات المتطرفة بداخله تزداد، حتى أنه في ثلاث ولايات صُنّف كحزب متطرف تتم مراقبته. ثمة خلفيات نازية وأفكار نازية بكل معنى الكلمة ضمن الحزب ولدى أصحاب القرار فيه، بالإضافة إلى المجموعات اليمينية الأخرى أيضاً”.

حزب البديل، وهو ثاني أكبر حزب معارض، والثاني بعد الاتحاد المسيحي، يتفوق بشعبيته على أحزاب الحكومة كالاشتراكي والخضر أو الليبراليين، يتابع عارف جابو، و”هذا أدى إلى تحرك بين الساسة وأثار جدلاً واسعاً في الأوساط الديموقراطية، فقرعت ناقوس الخطر، وحتى المستشار الألماني تحدث عن الأمر وعن مراقبة التحركات اليمينية وأي شيء مخالف للدستور ستتم ملاحقته قانونياً”. يقول الصحافي المتابع بدقة للشأن الألماني لـ”النهار العربي” إن “الاتحاد المسيحي يُحقق إن كان بعض أعضائه حاضراً في الاجتماع، وقد يصل الأمر لحد فصلهم من الحزب”.

المهاجرون قلقون.. والأمن يراقب

الاجتماع وما نوقش فيه “يثير قلق المهاجرين كثيراً”، يقول عارف جابو. “تنامي اليمين المتطرف وطرح أفكار كهذه يثير القلق، وبخاصة أنه تنتشر بين المهاجرين دعايات وأخبار ذات صلة، قد يشعر البعض معها أن التهجير واقعٌ اليوم، ولكن الوضع ليس هكذا؛ فألمانيا دولة ديموقراطية ومؤسسات، وهي استفادت من تجربتها، ولا بدّ من الإشارة إلى تظاهرة كبيرة في مكان عقد اجتماع اليمين الشعبوي بمشاركة المستشار رفضاً للأفكار اليمينية”.

الأوساط الأمنية تراقب أي شيء يثير الاشتباه، يقول عارف جابو، وممكن أن تكون بعض الملاحقات؛ “فهناك تحركات ومخاوف من تكرار مثل هذه الاجتماعات، ويتم بحث كيفية مواجهة الأمر”.

التعليقات معطلة.