كتب / أسامة القاضي ||
أعلن رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة وزير الحرب يوآف غالانت، وتعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس وزيرا جديدا للحرب، و جدعون ساعر وزيرا جديدا للخارجية. وبرر نتنياهو قراره بإقالة غالانت بأزمة الثقة التي نشأت تدريجيا بينهما، ولم تسمح بإدارة طبيعية للحرب.
قرار نتنياهو هذا، رغم كل ما قيل في وسائل الاعلام الصهيونية عنه، لا يعكس سوى حقيقة واحدة باتت واضحة وضوح الشمس، وهي ان هناك ازمة خطيرة تهدد وجود الكيان الاسرائيلي، وإلا كيف يمكن تفسير كل هذا التخبط والارباك على مستوى القيادات السياسية والعسكرية والامنية في الكيان، في الوقت الذي يعيش حالة حرب، لم يحقق فيها اي من اهدافها، رغم انها اطول حرب يخوضها الكيان منذ زرعه في قلب العالم الاسلامي منذ اكثر من 70 عاما.
عندما نقول ان الكيان الاسرائيلي يعيش صراعا داخليا يهدد وجوده، فقولنا هذا لا يعكس امانينا، بل هي حقائق اعترف بها نتنياهو نفسه في قرار اقالته غالانت عندما قال بصريح العبارة:ان أزمة الثقة التي حلت بيني وبين وزير الدفاع لم تجعل من الممكن استمرار إدارة الحرب بهذه الطريقة”. وما كشفه الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت، عن ان نتنياهو أبلغ غالانت بقرار إقالته قبل 10 دقائق فقط من إصدار البيان، وما قالته القناة 12 إن مكالمة الإقالة بينهما استغرقت 3 دقائق فقط” ، كل ذلك يظهر لكل ذي عين حالة الاحباط والتخبط والفوضى الذي يعيشه الكيان، اذا يسعى كل فريق بالقاء مسؤولية الفشل في العدوان على غزة ولبنان، على عاتق الفريق الاخر.
اللافت ايضا، ان الهزات الارتدادية لزلزال “طوفان الاقصى” مازالت تتوالى، ولا نعتقد انها ستنتهي الا بانتهاء الحياة السياسية لنتنياهو وعصابته الارهابية، فقد نقل موقع “والا” عن مقربين من نتنياهو قولهم إن نتنياهو ينوي كذلك إقالة رئيس أركان الجيش ورئيس الشاباك، وهو ما نفاه مكتب نتنياهو، وهو نفي يذكرنا بنفي من مكتب نتنياهو اكثر من مرة، للاخبار التي كانت تتحدث عن عزم نتنياهو اقالة غالانت!.
ما قاله غالانت بعد اقالته، يؤكد ما ذهبنا اليه، من ان العدوان الذي يشنه نتنياهو على غزة منذ اكثر من عام، وصل الى طريق مسدود، وذلك عندما دعا غالانت الحكومة “الى العمل على إعادة المحتجزين من قطاع غزة وهم أحياء”. ولسان حاله يقول لقد فشلنا بارسترجاع الاسرى بالقوة، وليس امامنا الان سوى الرضوخ لمطالب حماس لتحريرهم عبر صفقة، وتقديم تنازلات مؤلمة ، وهو ما يعني انتحار نتنياهو سياسيا.
الشيء الاخر الذي جاء على لسان غالانت بعد عزله، هو تأكيده على “ضرورة أن يؤدي كل الإسرائيليين الخدمة العسكرية”، الامر الذي يؤكد ان جيش الاحتلال يعاني من نقص حاد في صفوفه ، بعد الخسائر التي تكبدها خلال اكثر من عام على جبهتي غزة ولبنان، وهي خسائر لطالما تستر عليها الكيان خشية اثارها النفسية على المستوطنين الصهاينة.
ولمعرفة حجم الفوضى التي تعصف بالكيان بعد قرار اقالة غالانت، التي كانت نتيجة طبيعية لصمود المقاومة في غزة ومساندة محور المقاومة لها، ، يكفي ان نمر مرورا سريعة على ردود الافعال التي اثارها قرار نتنياهو ، فقد وصف زعيم ما يسمى بالمعارضة يائير لبيد إقالة غالانت في خضم الحرب بانه عمل جنوني. من جهته، أفاد العضو السابق في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس بأن إقالة غالانت هي “إقالة سياسة على حساب أمن الدولة”.أما رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، فقال إنه “إذا كان جائزا استبدال وزير الدفاع في خضم الحرب، فمن الممكن أيضا استبدال رئيس الوزراء”. كما نقل مسؤولون صهاينة عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان وصفهما إقالة غالانت “في أثناء الحرب بأنه ضرب من الجنون”.
في المقابل هنأ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، نتنياهو على قرار إقالة غالانت، واكد انه:”لا يمكن تحقيق النصر الكامل معه”، وهي تهنئة، تكشف وبوضوح محاولة فريق نتنياهو، تحميل الاخرين فشل عدوانهم الذي مر عليه اكثر من عام، على غزة ولبنان، رغم كل الدعم الذي تلقاه الكيان من امريكا والغرب، وهو دعم تجاوز كل الحدود وكل الخطوط الحمراء، وكأن غالانت كان حمامة سلام، وانه اقل تطرفا وارهابا واجراما من يسرائيل كاتس، وان الاخير سيفعل ما لم يفعله غالانت، التي تلطخت يداه بدماء اكثر من 150 الف شهيد وجريح فلسطيني، واكثر من 10 الاف مفقود، جلهم من الاطفال والنساء، واكثر من 3 الاف لبناني والاف الجرحى، وملايين النازحين، من دون ان يحقق اي من اهداف العدوان.