بقلم : علي الدربولي
عندما تكون الراحة من بعض معاني حال السبات لغة، لا بد سيليها النشاط الذي يجب أن يكون في محله، خروجا من تلك الحال .
زمن الحرب على سورية وفيها طال، إلا أن طول الزمن كشف المستور برغم الخسائر الكبيرة المدفوعة. هنا نتوقف أمام أمرين في هذا السياق: الأول السبات السلبي، وهذا له مظهران:
أ- استمرار المحور الذي يواجه الحرب على سورية وفيها في المنطقة على نهج يرى فيه أن قتال أدوات كل من خطط ونفذ لهذه الحرب على الأرض السورية قد ينهي الحرب بلا رجعة، لأن واقعية حسن النوايا تفترض أن الدول التي أنتجت الحرب على سورية لم يمسها من الضرر الرادع إلا النذر القليل القليل، وفي أكثره كان ضررا ماديا ابتزازيا ومتبادلا بين مجموع تلك الدول؟! دليل ذلك نجاح هذا المحور في القضاء على جسم أهم تلك الأدوات التي تمثلت بـ(داعش) الإرهابية، سعيا نحو القضاء الناجزعلى الجسم الإرهابي (الرديف) (هيئة تحرير الشام). هنا ندلي بملاحظة:
إن هذا المحور المقاوم لم ينقل معركته بعد، و بعمل ملموس إلى أرض القريب والبعيد من أعداء سورية. لعل ذلك لحسابات تتقاطع والموقف الدولي، لأنه لا يمكن القول أن عدم نقل المعركة إلى منابع الأعداء وأدواتهم الإرهابية، يدفع هؤلاء الأعداء إلى عدم الزج بمقاتلين أكثر وبسلاح أفعل، وإنتاج حرب جديدة. ماذا يحضر الأميركي الآن، الراعي الأول لهذه الحرب، في شمال وشمال شرق سورية؟. ميدان المعارك، ومجريات الحرب كل ذلك يؤكد ما نرمي إليه. أليس من حق هذا المحور الآن أن يقوم بتطوير حربه على الإرهاب بهذا الاتجاه؟ بعد أن أصبحت الحرب على المكشوف؟ نقول نعم سيما بعد أن طغى الهدف الجيو-سياسي من تلك الحرب،على ما عداه من صراعات مذهبية أو قومية متوهمة عموما. الحرب التي سوف لن تنجو دولة عربية من شرها- المغرب العربي لا يزال هدفا لها- إن قيض لها كسر شوكة محور المقاومة في سورية.
ب- وهذا الأهم من الناحية الاستراتيجية: هو عدم خروج الدب الروسي من جو سباته بالكامل. كانت أولى بواكير خروجه في عام 2015، في مواجهة الحرب على سورية، والتي اعتبرها حربا قادمة إليه، فانبرى لها بدعوة من الحكومة السورية، في ميدانها السوري الأول. بغض النظر عن موضوع “أوكرانيا” وعن موضوع استحواذه الحاسم على جزيرة “القرم” نرى في انخراطه في حرب بعيدة عن حدوده خطوة استراتيجية موجعة للغرب، عندما كانت فاعلة على طريق خروجه من سباته. لعل دليل استكمال هذا الخروج سيكون عندما:
نسمع في الأخبار أن صواريخا (مجهولة المصدر) قد سقطت في إحدى القوعد العسكرية الأميركة في المنطقة، وما أكثرها، محققة أهدافها.
*الكاوبوي الأميركي لا يفهم سوى هذه اللغة. يده اليسرى في جيبه وسبابة يده اليمنى على الزناد: المال والسلاح أداتان لذلك “الكاوبوي” وهو دائما يعرقل مسيرة أي سلام إذا لم يكن في خدمته في تعاطيه مع دول العالم، وتعامله مع النزاعات الدولية.
تُقصف القواعد العسكرية الروسية في سورية، ولا نقول أن روسيا الاتحادية عاجزة عن الرد الميداني التكتيكي وقد نجحت في هذا كثيرا على الأرض السورية، ولكن :
-أليس من باب الضربة الاستراتيجية تلك التي تلقتها القواعد العسكرية الروسية في سورية؟
* ضربة استراتيجية بضربة من نفس عيارها يجب أن تكون. البادي أظلم قولا وفعلا من صميم ثقافة الناس الأخلاقية.
كيف ستنتهي الحرب في سورية؟
هنالك أربع مناطق تشي بإطالة زمنها على طريق النصر:
أ-الجنوب السوري.الجماعات المسلحة وامتداداتها.
ب-غوطة دمشق الشرقية، وعاصمتها منطقة”دوما”
ج-شمال وشمال شرق سورية، أي مناطق نفوذ جماعة (قسد) المعلن تحويلها ضمن المخطط الأميركي إلى (جيش) عديده ثلاثون ألف مسلح. وطموحه الوصول الجغرافي إلى البحر الأبيض المتوسط. ويحسب هنا التواجد الأميركي الأولي على شكل قواعد عسكرية بسيطة في تلك المناطق.
د-محافظة “إدلب” وتوابعها، حيث تتواجد نخبة الجماعت الإرهابية المسلحة برعاية تركية مباشرة، وأميركية غير مباشرة.
*إن نفس المعايير والقراءات السياسية التي درجت ترتب الأوليات في الحرب على الإرهاب، وعلى رعاته تصب الآن في خانة إطالة زمن الحرب برأيي. هل يجب أن تكون هنالك قراءات مختلفة؟ نعم. خاصة بعد أن لامست الحرب القمم الاستراتيجية لها إثر توجيه ضربة إلى القواعد العسكرية الروسية في سورية.
*هل نستطيع القول أن الزمن يلعب لصالح طرف في الصراع أكثر من صالح طرف آخر؟ بإجابة أولية يمكن القول نعم: لصالح الطرف الأميركي الآن. خاصة الآن.صحيح أن هذا الزمن كان مطلوبا استثماره من قبل محور المقاومة قبل دخول الروسي على خط الحرب، إلا أنه بعد ذلك كان لا بد من العمل على النظر إليه على أنه عامل سلبي بدرجات متصاعدة، استمرت على هذا النحو إلى أن بلغت حدها الأقصى عندما اتُّخذ القرار بضرب القواعد الروسية.
* لا يحتاج الطرف الأميركي إلى قواعد في سورية، كما لا يحتاج لثرواتها من نفط وغاز وغير ذلك. لديه من هذه وتلك الكثير بدءا من “تركيا” حتى دول الخليج مجتمعة، مرورا بالعراق. من غير أن نسقط من الحساب (إسرائيل) كأكبر قاعدة عسكرية-استخبارية في خدمته.
* المشروع الأميركي مشروع إسرائيلي بامتياز، وهو يترسخ كذلك الآن في عهد الرئيس “ترامب” بفعل حاشيته النافذة والمقربة من (إسرائيل) أكثر من أي وقت مضى. مقاومة هذا المشروع تكون في خطوطتين:
أ- الاستعداد الدائم للحرب الكبرى، كنتيجة.
ب- مباشرة الرد الاستراتيجي على الأعداء، فالذرائع أصبحت جاهزة لدى الجميع وعلى رأسهم الحليف الروسي، ومن خلفه حلفائه الدوليين، كمقدمة. على قاعدة أن عقل الـ(كاوبوي) لا يصغي إلا إلى لغة القوة. ملف أميركا-كوريا الشمالية يساعدنا كثيرا في فهم هذه العقلية.