أسرار جوهر حيات
«حتى في العالم الرقمي، يجب احترام الإنسانية»، جذبني ما تفضل به السيد مامادو صو رئيس البعثة الاقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في دول مجلس التعاون في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر «الهلال الأحمر الخليجي الأول للذكاء الاصطناعي في الإعلام الإنمائي والعمل الانساني» والذي قام بتنظيمه الهلال الأحمر الكويتي الأسبوع الماضي، مؤكداً ضرورة أن تقترن التقنيات الحديثة للأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي بالانسانية والعمل الإنساني.
فلا يمكن أن ننكر أن التقنيات الحديثة للذكاء الاصطناعي أصبحت مؤثرة وحاضرة وفاعلة في العديد بل كل جوانب الحياة، ومنها العمل الإنساني والاغاثي، حيث يمكن فعلياً استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة فاعلة في تحسين كفاءة العمل الإنساني وتسريع الاستجابة للكوارث وتوسيع النطاق للعمل الإنساني.
الا انه ومع وجود الطاقة الكبيرة الكامنة للذكاء الاصطناعي ومدى فائدته في العمل الإنساني، قد يكون كذلك أداة مخربة في الحروب، أو معطلة للاغاثات، أو سداً أمام العمل الإنساني في الأزمات والكوارث، كالهجمات السيبرانية على مستشفيات أو مراكز إغاثة أو محطات مياه أو حتى انتشار معلومات مضللة في الحروب والكوارث عبر التكنولوجيا، الأمر الذي يحتم على الجهات المعنية الدولية أن تدرس إمكانية توسيع نطاق القانون الدولي ليشمل الفضاء الالكتروني أيضاً.
ولأن الحروب لم تعد فقط في ساحات القتال على الأرض، بل انتقلت الى ساحات الفضاء الالكتروني، عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتأكيداً على كلام السيد مامادو صو، حتى في العالم الرقمي يجب احترام الإنسانية، فان وضع القواعد والأخلاقيات الإنسانية واقترانها بالتقنيات الحديثة اصبح ضرورة حتمية.
ولأن كل شيء في هذه الحياة يحمل الحدين، الإيجابي والسلبي، فان القيم والمبادئ هي التي تحدد مدى الاستفادة منه، فوجود قيم يسترشد بها مستخدمو الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، تجعل منهما أداة فاعلة في نجاح العمل الإنساني، بينما غياب القيم، سيؤثر سلباً كذلك.
وأجدد دعوة السيد صو، حيث يمكن لدول الخليج أن تكون منصة للتكنولوجيا الإنسانية المسؤولة وأن نكون الرواد في نشر مبادئ ومفاهيم وقيم حول الاستخدام الإنساني للذكاء الاصطناعي وحماية العمل الاغاثي والإنساني من التخريب السيبراني، علينا فقط أن نعقد العزم.. وأن يكون مؤتمر الكويت انطلاقة، والله ولي التوفيق.
أسرار جوهر حيات

