إيران ومكافآت ترمب السياسية والاقتصادية

7

ملخص
المكافأة الأبرز التي قدمها ترمب إلى طهران والتي يمكن اعتبارها ثمناً لالتزامها عدم الرد، حتى الشكلي على الغارة الإسرائيلية الأخيرة، أنه فتح الطريق أمام صادرات النفط الإيرانية إلى الصين، عندما نشر على منصته “تروث سوشيال” أنه بات بمقدور الصين استئناف وارداتها من النفط الإيراني، وما قد يعنيه ذلك من تسهيل حصول إيران على عائدات هذه الصادرات في المرحلة المقبلة من دون اللجوء إلى آليات التفافية.

لم يتأخر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المبادرة لتقديم مكافأة إلى النظام الإيراني على تجاوبه مع قراره بوقف الحرب بينه وتل أبيب، وإظهار ارتياحه من براغماتية النظام في التعامل مع الضربة الأميركية المباشرة، واختياره قصف قاعدة “العديد” في دولة قطر الفارغة، بحيث لم يسفر عن سقوط ضحايا، وأنه استوعب عملية استهداف درة البرنامج النووي في منشأة فوردو، وتدمير ما بقي من منشأتي أصفهان المخصصة لإنتاج غاز سداسي فلورايد اليورانيوم، ونطنز المخصصة لأعمال تخصيب اليورانيوم.

وبعد إعلان طهران موافقتها على وقف الحرب، أبدى الرئيس الأميركي كثيراً من الحرص على توجيه رسائل إيجابية للنظام الإيراني، كشف عنها الاتصال المتوتر الذي جرى بينه ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتعطيل الهجوم الأخير على العمق الإيراني رداً على الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران قبل دقائق من دخول اتفاق وقف الحرب حيز التنفيذ، وهي خطوة كشفت عن حرص الرئيس ترمب على الحفاظ على ما تحقق من نتائج المعركة، مما يساعد على تسهيل التحول الإيراني في الانتقال إلى الحوار السياسي.

المكافأة الأبرز التي قدمها ترمب إلى طهران والتي يمكن اعتبارها ثمناً لالتزامها عدم الرد، حتى الشكلي على الغارة الإسرائيلية الأخيرة، أنه فتح الطريق أمام صادرات النفط الإيرانية إلى الصين، عندما نشر على منصته “تروث سوشيال” أنه بات بمقدور الصين استئناف وارداتها من النفط الإيراني، وما قد يعنيه ذلك من تسهيل حصول إيران على عائدات هذه الصادرات في المرحلة المقبلة من دون اللجوء إلى آليات التفافية.

أما لماذا يقوم ترمب بمثل هذه الخطوات ويقدم هذه المكافآت إلى إيران؟

فسؤال تكمن الإجابة عن بعض جوانبه في الأبعاد الاستراتيجية الأميركية بالتعامل مع الموضوع الإيراني، فواشنطن، خصوصاً الرئيس ترمب، لا يرغب في تصعيد حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط وأن يدخل في حرب عبثية تلحق خسائر بجميع الأطراف، إضافة إلى وجود حرص أميركي على استعادة إيران ومساعدتها في تطبيع علاقاتها مع واشنطن والغرب، وأنها قد تكون مفيدة من خلال توظيف موقعها الجيوسياسي والجيواقتصادي بإيجابية بعيداً من العداء والصدام.

لا شك في أن هذه الحرب وحال التضامن الداخلي التي أنتجها الالتفاف الشعبي حول إيران ومفهوم الوطن، وفّرت الأرضية السياسية لبقاء النظام واستمراره السياسي، وقد تكون الدافع وراء تخلي واشنطن عن هدف تغيير النظام الذي شكل واحداً من الأهداف الإسرائيلية من هذه الحرب، بالتالي عزّزت هذه الرغبة الأميركية في مسار الانفتاح على إيران التي من المفترض أنها أصبحت أكثر واقعية بعد هذه الحرب وعلى استعداد للتعاون في كثير من المسائل والملفات.

وفي ظل الصراع المفتوح بين طهران وتل أبيب الذي اتخذ بعد وقف الحرب، طابع الصراع على النصر، مع عجز الطرفين على تسويقه لدى قواعده الشعبية، وفي مقابل احتفال رئيس الوزراء الإسرائيلي بتحقيق أهداف حربه بالقضاء على البرنامج النووي الإيراني وإضعاف البرنامج الصاروخي إلى الحد الأدنى، وجائزة الترضية التي حصل عليها من واشنطن بتدخلها المباشر في ضرب منشأة فوردو التي تشكل آخر حلقة في الأهداف الإسرائيلية، فإن طهران ترى أنها استطاعت إلحاق الضرر بالعمق الإسرائيلي الاستراتيجي والاقتصادي والنفسي، واستطاعت أن تستهدف المنشآت العسكرية والأمنية العلنية والسرية لإسرائيل، وأن تكون صاحبة الكلمة الأخيرة في وقف الحرب، على العكس مما جرى تداوله من سيناريوهات تفرض عليها القبول بحرية العمل العسكري لتل أبيب بعد التزامها المبادرة الأميركية.

التعليقات معطلة.