وزير الدفاع الإسرائيلي يدعو لتجميد “التعديلات القضائية” ويعدها خطراًً على أمن البلاد وبن غفير يدعو نتنياهو لإقالته
تظاهر نحو 200 ألف إسرائيلي في تل أبيب، السبت، ضد خطة إصلاح النظام القضائي المثير للجدل، فضلا عن عشرات الألوف في جميع أنحاء البلاد، وفق تقديرات وسائل إعلام إسرائيلية.
وبينما دعا وزير الدفاع يواف غالانت إلى تجميد المشروع الحكومي ناشد وزير الأمن الوطني اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، نتنياهو إلى إقالة غالانت، قائلا إنه رضخ لضغوط المعارضة.
وجاءت التظاهرة الأخيرة في المدينة التي تعد مركزاً تجارياً لإسرائيل بعد أيام على تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المضي قدماً في التعديل على الرغم من القلق الدولي المتزايد.
لكن وزير الدفاع الإسرائيلي قال، السبت، “علينا أن نوقف الآلية التشريعية” لمدة شهر. وأضاف في خطاب “انتصار أحد الطرفين في شوارع المدينة أو في أروقة الكنيست خسارة لدولة إسرائيل”.
ودعا غالانت إلى تجميد المشروع في حين من المقرر أن يصوت المشرعون الإسرائيليون على بنود أساسية في مشروع إصلاح النظام القضائي الأسبوع المقبل، لا سيما آلية تعيين القضاة.
وأوضح، أن الخلاف المحتدم بشأنه في إسرائيل يمثل خطراً على أمن البلاد.
وقال غالانت، في بيان مقتضب أذاعه التلفزيون، “يتسرب الانقسام الداخلي المتفاقم إلى مؤسسات الجيش والدفاع، هذا خطر واضح ومباشر وحقيقي لأمن إسرائيل”.
وحظيت دعوة وزير الدفاع الإسرائيلي بتأييد ما لا يقل عن اثنين من زملائه بحزب ليكود من أعضاء الكنيست (البرلمان) هما يولي إدلشتاين ودافيد بيطان اللذان قالا إن التعديلات يجب أن تتم باتفاق واسع.
انشقاق حول منظومة العدل
وفيما دعا اليميني المتطرف بن غفير إلى إقالة نتنياهو لوزير الدفاع الإسرائيلي، أشاد زعيم المعارضة يائير لبيد بما وصفه “بالخطوة الشجاعة” التي اتخذها غالانت، وقال إنه مستعد لإجراء محادثات حول التعديلات بمجرد أن توقف الحكومة مشروع القانون.
وقال غالانت إنه يدعم تعديلات منظومة العدالة، لكنها لا بد أن تتم بموافقة أشمل. ولكن مع وجود أغلبية قوية من 64 مقعداً في البرلمان، فسيظل الائتلاف متمتعاً بعدد كافٍ من الأصوات بدونه.
ضعف الاستعداد للحرب
وعبر غالانت في وقت سابق عن مخاوفه إزاء موجة من رفض الإسرائيليين تلبية الاستدعاء إلى صفوف الاحتياط في الجيش إن مضت التعديلات قدماً، قائلاً إن ذلك من شأنه إضعاف حالة الاستعداد للحرب والتلاحم الوطني.
ووضعت خطة التعديلات القضائية، التي أعلنت في الرابع من يناير (كانون الثاني)، إسرائيل في أسوأ أزماتها السياسية منذ سنوات بعد اجتياح الاحتجاجات الحاشدة الشوارع في أنحاء البلاد.
كما أثارت التعديلات مخاوف خارج إسرائيل وتحذيرات من رد فعل اقتصادي عنيف.
تواصل المعارضة ضد “الإصلاح”
ولا يبدو أن معارضة الخطة ضعفت، على الرغم من تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي بالحفاظ على مكانة الحريات المدنية وحقوق الأقليات في القانون وتأجيل بعض فصول التعديل خلال توقف جلسات البرلمان في أبريل (نيسان).
وقال دانيال نيسمان، العامل في قطاع التكنولوجيا المتطورة، “نحن هنا اليوم لكي نظهر أنفسنا ونضم صوتنا إلى أصوات مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين الإسرائيليين الذين يدعمون القيم التي تأسست عليها هذه الدولة”، في إشارة إلى الديمقراطية.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية قال نيسمان، البالغ من العمر 36 عاماً، “هذا كل ما نأمله، أن يعيدنا نتنياهو من حافة الهاوية”.
نسف مبدأ “فصل السلطات”
واندلعت التظاهرات في يناير (كانون الثاني) بعد أن أعلن الائتلاف الحكومي حزمة إصلاحات تقول الحكومة إنها ضرورية لإعادة التوازن إلى فروع السلطة.
لكن المتظاهرة دافني أورن-ماغيادور، البالغة من العمر 41 عاماً، قالت إن التعديل ينطوي على خطر “تحويل البلاد إلى ديكتاتورية”.
وأوضحت المؤرخة في القدس أن “القوانين التي يتم تمريرها حاليا هي قوانين ترمي إلى جعل الحكومة بشكل أساسي الحاكم الأوحد وإلى نسف (مبدأ) فصل السلطات”.
وفي السياق ذكرت جانا غور (64 عاما)، “أحارب من أجل مستقبل بلدي كما أعرفه. لقد نشأت في الاتحاد السوفياتي، وأعرف بالضبط ما يعنيه العيش في ظل نظام ديكتاتوري. سأفعل كل ما في وسعي، لمنع بلدي من أن يصبح كذلك”.
ونظمت مسيرات قرب مقر إقامة الرئيس إسحاق هرتسوغ في القدس حيث قالت المتظاهرة هارييت شير البالغة 80 عاما واضعة علما على كتفيها إن التعديلات “ستكون مضرة للغاية لأشخاص على الهامش من مثليات ومثليين وعرب، الأمور لن تكون جيدة للبلاد إذا ما أمكن لهم (للسياسيين) تجاوز المحكمة العليا”.
الضغوط تحاصر نتنياهو وسط انتقادات الخارج
ولم يتضح بعد ما إذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيستجيب لدعوتهم. ويسعى نتنياهو، بينما يختتم زيارته إلى لندن، إلى وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون واحد على الأقل خلال الأسبوع المقبل.
ويتعرض نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد ينفيها، لضغوط من آخرين في ائتلافه الحاكم ممن يريدون منه المضي قدماً هذا الأسبوع في مشروع قانون يمنحهم مزيداً من النفوذ في اختيار القضاة.
ويرى معارضو المشروع الذي يهدف إلى تعزيز سلطة المسؤولين المنتخبين على حساب القضاء، أنه يهدد الديمقراطية في الدولة العبرية، وتعرض لانتقادات من خارج إسرائيل، لا سيما من الولايات المتحدة.
الأربعاء قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار إن الرئيس الأميركي جو بايدن أعرب عن قلق الولايات المتحدة إزاء مقترحات تعديل النظام القضائي”.
تظاهرات تواجه نتنياهو في لندن
وعل صعيد لقاء نتنياهو نظيره البريطاني ريشي سوناك، الجمعة، نظمت تظاهرات مناهضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارك فيها مئات المحتجين.
وأكد سوناك خلال اللقاء “أهمية احترام القيم الديمقراطية التي تقوم عليها العلاقة (بين البلدين) بما يشمل مشروع الإصلاح القضائي في إسرائيل”، وفق متحدث باسمه.
وأكد نتنياهو الخميس أن التشريع الذي سيصوت البرلمان على قسم أساس منه الأسبوع المقبل “لا يفرض سيطرة على المحكمة بل يحدث فيها توازناً وتنوعاً”.
وأدخلت عليه تعديلات على صعيد اللجان في الأيام الأخيرة بهدف ضمان تأييد أكبر خلال التصويت. وأكد نتنياهو أن النص سيطرح على التصويت لإقراره في جلسة عامة “الأسبوع المقبل”.
لكن المعارضة استبعدت تأييد أي نص في المشروع قبل وقف آليته التشريعية بالكامل.
وأُعلن عن تنظيم تظاهرات مدى أسبوع في مختلف أنحاء البلاد، لا سيما أمام منازل وزراء والأربعاء أمام البرلمان.
في خطابه المتلفز الخميس قال نتنياهو “سأبذل كل الجهود، من أجل تهدئة النفوس ووضع حد للانقسام في صفوف الشعب”.
لكنه شدد على أن حكومته لا تزال “مصممة على تصحيح التعديل الديمقراطي بحس من المسؤولية والدفع به قدما بما يعيد التوازن الصحيح بين السلطات”.
والجمعة وصفت المستشارة القانونية لحكومة إسرائيل الي باهراف ميارا تدخل رئيس الوزراء في مشروع إصلاح النظام القضائي الذي يقسم البلاد بأنه “غير قانوني” في ظل استمرار محاكمته بتهمة الفساد.
وأشارت إلى حكم قضائي سابق يشير إلى أن رئيس وزراء وجه له اتهام لا يحق له القيام بإجراءات تثير مخاوف من وجود تضارب في المصالح”.
تصاعد وتيرة العنف بالضفة الغربية
في سياق التصعيد أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، إن شخصاً يشتبه في أنه مسلح فلسطيني أصاب جنديين في صفوفه، في إطلاق نار من سيارة مارة في بلدة حوارة بالضفة الغربية المحتلة.
وأعلنت “كتائب الشهيد أبو علي مصطفى”، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في بيان مسؤوليتها عن الهجوم. فيما أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش يلاحق المشتبه فيه.
وهذه ثالث واقعة إطلاق نار يتم الإبلاغ عنها في حوارة خلال شهر، مما يثير مخاوف من اندلاع أعمال عنف خلال شهر رمضان الذي سيتزامن مع عيد الفصح اليهودي في أبريل (نيسان) المقبل.
ويوم الأحد الماضي، وهو اليوم نفسه الذي تعهد فيه مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون خلال اجتماع في مصر بتهدئة العنف، فتح مسلح فلسطيني النار على زوجين إسرائيليين في سيارتهما في حوارة، مما أدى إلى إصابة الرجل.
وقتل مسلح من حركة “حماس” مستوطنين في سيارة في البلدة نفسها خلال الجولة الأولى من محادثات خفض التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين الشهر الماضي في العقبة.
ورد المستوطنون على ذلك الهجوم بإضرام النار في منازل الفلسطينيين وسياراتهم، وقتل فلسطيني واحد في الأقل.