احتمالات كبيرة بالعدوان على غزة

1

 
د. فايز رشيد
 
ليس مصادفة أن يقوم نتنياهو برفع نسبة التأهب في الجيش الإسرائيلي, كما استدعى الاحتياط, ومنع إجازات الضباط والجنود خلال المرحلة الحالية, كما حشد تعزيزات عسكرية كبيرة في حدود فلسطين المحتلة مع القطاع, لا سيما أن هذه الإجراءات تكلف الخزينة مبالغ طائلة. مما لا شك فيه, أن العدوان على غزة يدخل باب الاحتمال, لأن هناك عوامل مساعدة, وأخرى مانعة له. فمنذ أيام قليلة, اقترف الجيش الصهيوني عدوان القيام بقصف منطقة سورية بالقرب من مدينة حلب, رغم إدراكه بأن سوريا تمتلك صواريخ “إس 300″ وفقا للناطق الرسمي السوري, وقد تمكنت الدفاعات الجوية السورية من تدمير ما نسبته 70% من الصواريخ الإسرائيلية, كما شنّت الدولة الصهيونية هذا العدوان, ورغم وجود القوات الروسية في سوريا, الأمر الذي يدلل على أن أصحاب الرؤوس الحامية في تل أبيب لا يتصرفون وفقا لحسابات المنطق والحسابات العقلانية, وإنما يحكمهم الصلف والعنجهية, وبخاصة في مرحلة أتت بعد اعتراف الرئيس ترامب بهضبة الجولان العربية المحتلة, بأنها أراض إسرائيلية, ذلك, في تحدٍّ واضح لقرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
من العوامل المساعدة على ارتكاب العدوان أيضا, وصول الصواريخ الفلسطينية إلى منطقة موشاف مشميرت بالقرب من تل أبيب, وهذا يستغله قادة العدو للتحريض على شن هجوم واسع على القطاع, مثلما ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم”, وأضافت بعد اجتماع أمني تشاوري لمجلس الوزراء برئاسة نتنياهو, وحضور أفيف كوخافي رئيس الأركان الأسبوع الماضي, صدر بيان في نهايته, ذُكر فيه أنه “لا يوجد اتفاق على وقف إطلاق النار, وأن القتال يمكن أن يتجدد في كل لحظة”, وأضافت: وأمر كوخافي بتعزيز قوات المشاة والمدفعية في الجنوب, وأن المؤسسة الأمنية تعتقد أن الأيام المقبلة من المرجح أن تكون متوترة للغاية على الحدود مع قطاع غزة”. أيضا من المتوقع أنه بعد إحياء يوم الأرض, وهو لهذا العام يصادف يوم السبت المقبل (30 آذار 2019), والذي سيشهد مسيرة مليونية (مثلما قالت فصائل المقاومة في القطاع) لذلك فالمظاهرات المخطط لها ستكون نقطة اختبار كبيرة للتطورات في قطاع غزة فيما بعد. كذلك, فإن نتنياهو يحاول إحراز نصر انتخابي جديد (بعد قرار ترامب بتهويد الجولان وبحضوره) في الانتخابات التي ستجري في التاسع من الشهر القادم.
أما الأسباب التي تمنع من قيام نتنياهو بالعدوان فهي كثيرة, لعل أهمها: أن العدوانين السابقين على القطاع الرصاص المصبوب 2008-2008, والجرف الصامد (2014) أسفرا عن شبه هزيمة لإسرائيل, إن لم يكن نصرا للمقاومة. ثم إنه وفقا لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية, فقد ذكرت يوم الخميس الماضي أن الوفد المصري الذي تواجد في قطاع غزة سلم مسؤولي حركة حماس شروط إسرائيل لوقف غاراتها وقصفها للقطاع, وتتضمن أمورا من بينها إبعاد مسيرات العودة 300 متر عن الحدود, والتوقف عن إطلاق بالونات حارقة, وعدم القيام بهجمات على الحدود في مقابل زيادة عدد الشاحنات التي يتم إدخالها إلى القطاع عبر معبر “كرم أبو سالم”, وتوسيع مساحة الصيد المسموح بها على سواحل غزة إلى 12 ميلا, وتعزيز إمدادات الكهرباء. وقد ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” نقلا عن مراسلها من رام الله كفاح زبون, إن حماس ستوقف المواجهات الليلية على حدود القطاع, وتضمن سلمية المظاهرات الحاشدة التي يجري التخطيط لتنظيمها في يوم الأرض, وأضافت أن مصادر على صلة بالمباحثات التي أجراها الوفد الأمني المصري مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة واستمر عدة ساعات, بأن ثمة اتفاقا أوليا على تثبيت تهدئة تشمل الهدوء مقابل تسهيلات، لكنها تنتظر مصادقة إسرائيل.
من الموانع أيضا أن الانتخابات الإسرائيلية باتت قريبة إلى الحد بحيث سيكون فيه صعبا على نتنياهو إنهاؤها في عشرة أيام, كما أنها سلاح ذو حدين, فإذا ما جاءت نتائجها فشلا للتوقعات الإسرائيلية فإن ذلك سيضعف من أسهم نتنياهو فيها. كذلك, لمعرفة إسرائيل بامتلاك فصائل المقاومة أسلحة حديثة مقابل الأسلحة التي امتلكتها عام 2014, ومنها الصواريخ القادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي ومدينة تل أبيب, التي اضطر سكانها إلى النزول في الملاجئ أثناء إطلاق الصواريخ الفلسطيية عليها. جملة القول, إن نتنياهو سيفكر مرارا قبل القيام بعدوان واسع على القطاع, لكنه من زاوية أخرى, يشعر بأنه في سباق مع الجنرات الذين يدخلون الانتخابات, للوصول إلى رئاسة الحكومة, ومن هو الأجدر بتنفيذ مبدأ أمني صهيوني, صاحب إنشاء الدولة, واستمر حتى اللحظة, وهو الحفاظ على الأمن الإسرائيلي, وحرمان العدو من امتلاك أسلحة تهدد, أو قد تهددها.

التعليقات معطلة.