استفتاءات روسيا.. خطوة لتفكيك أوكرانيا

1

بعد مضي أكثر من 6 أشهر على الحرب الروسية الأوكرانية، تستعد موسكو لتضييق الخناق أكثر على كييفوهذه المرة من خلال تنظيم استفتاءات لضم الأجزاء التي تسيطر عليها أوكرانيا.

وبينما تتواصل المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية، تهدف موسكو بهذه الخطوة إلى إضعاف التقدم الدفاعي للقوات الأوكرانية، في محاولة لفرض سيطرة روسيةكاملة على جنوب البلاد.

أولى المناطق
أصدرت السلطات الموالية لموسكو في منطقة زابوروجيا جنوب شرقي أوكرانيا، قراراً بالاستعداد لإجراء استفتاء للانضمام إلى روسيا، لتكون بذلك أول المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية في أوكرانيا، وأعلن رئيس منطقة زابوروجيا، يفغيني باليتسكي، في أغسطس(آب) الماضي أنه وقع مرسوماً من شأنه تنظيم استفتاء لضم المنطقة إلى الأراضي الروسية.

ووفق موقع “روسيا اليوم”، كشف باليتسكي عن قراراه خلال مشاركته في منتدى الحركة الاجتماعية لمنطقة زابوروجيا، قائلاً “نحن مع روسيا”، ووافق جميع الحاضرين بالإجماع على إجراء الاستفتاء حول إعادة توحيد منطقة زابوروجيه مع روسيا.

وقال عضو المجلس الرئيسي لإدارة مقاطعة زاباروجيا، فلاديمير روغوف إن “الاستفتاء على وضع المقاطعة وفقاً للبيانات الأولية، قد يجري في النصف الأول من شهر سبتمبر(أيلول) الجاري”.

وأضاف “كل شيء يتجه نحو حقيقة أن الاستفتاء سيجري في النصف الأول من سبتمبر(أيلول) الجاري، ويجري الآن تشكيل اللجان الانتخابية”، مشيراً إلى أنه لا يستبعد مزامنة إجراء الاستفتاءين حول انضمام مقاطعتي زاباروجيا وخيرسون إلى روسيا الاتحادية.

السيطرة على خيرسون
تعد خيرسون أول مدينة أوكرانية كبرى تقع في أيدي الروس، بعد أن تقدمت القوات إلى المدينة من شبه جزيرة القرم في الأيام الأولى للحرب، وتعتبر العاصمة الإقليمية الوحيدة التي سيطرت عليها القوات الروسية ويديرها حالياً مسؤولون تدعمهم موسكو.

وبحسب وكالة أنباء تاس الروسية، بدأ مسؤولون في منطقة خيرسون المضي قدماً في خطط إجراء استفتاء على انضمامها رسمياً إلى روسيا، مما أثار اتهامات الولايات المتحدة لروسيا بأنها ربما تستعد لضم أجزاء من جنوب أوكرانيا المحتل بطريقة غير قانونية.

وأعلن نائب رئيس إدارة مقاطعة خيرسون كيريل ستريموسوف، أن المقاطعة تستعد لإجراء تصويت للانضمام إلى روسيا في 4 نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، وقال: “سنستعد لموعد محدد، اعتقد الجميع أن الاستفتاء سيجري في سبتمبر(أيلول) الجاري، لكنهم لم يحددوا موعداً محدداً، سنركز بشكل مبدئي على 4 نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، على الرغم من أننا مستعدون لإجراء استفتاء الآن”، مضيفاً “نحن واثقون من أن 80% من السكان سيشاركون في التصويت”.

الولاء لروسيا
وفي 21 فبراير(شباط) الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتراف بلاده بجمهورية لوهانسك ودونيتسك، معلناً في 24 من الشهر نفسه عن “العملية العسكرية الخاصة في دونباس”، التي كانت بداية الحرب على أوكرانيا.

وأوضح رئيس الغرفة العامة لجمهورية دونيتسك الشعبية ألكسندر كوفمان، أن الاستفتاء حول انضمام الجمهورية إلى روسيا قد يجري منتصف سبتمبر(أيلول) الجاري، وقال رداً على سؤال حول موعد إجراء استفتاء الانضمام إلى روسيا: “وفقاً لتصريحات قادتنا العسكريين، سيتم تحرير أراضي جمهورية دونيتسك الشعبية بالكامل من الجيش الأوكراني بحلول نهاية أغسطس(آب) الماضي، ربما سيجر الاستفتاء منتصف سبتمبر(أيلول) الجاري”.

وأشار إلى أنه من الأفضل إجراء الاستفتاءات الانضمام إلى روسيا في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في نفس اليوم، وبدورها، أعلنت جمهورية لوهانسك الشعبية الموالية لموسكو شرقي أوكرانيا، أنها تخطط لتنظيم استفتاء شعبي للانضمام إلى روسيا، وقال رئيس الكيان الانفصالي، ليونيد باسيتشنيك، إنه سيتم إجراء استفتاء على أراضي الجمهورية في المستقبل القريب، بشأن الانضمام إلى الاتحاد الروسي.

بيانات وإحصاءات
وأشار المسؤول في الكرملين سيرغي كيرينكو، إلى استطلاعات حديثة تظهر تأييداً في منطقتي دونيتسك ولوهانسك في شرقي أوكرانيا، المعروفين باسم “دونباس”، للانضمام إلى روسيا بنسب تتراوح بين 91% إلى 92%.

وفي منطقتي خيرسون وزابوريجيا اللتين سيطرت عليهما روسيا أخيراً، قال كيرينكو إن مستوى التأييد يتراوح بين 75% إلى 77%، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل متكرر، إنه إذا أظهر الناس تأييدهم للانضمام إلى روسيا، فإن الكرملين سيستجيب.

جاهزية دونباس
وفي موقع سبوتنيك الروسي، أكد زعيم حزب روسي رئيسي، أندري تورتشاك، أنه من الصواب إجراء الاستفتاء في دونباس والأراضي المحررة في أوكرانيا في يوم الوحدة الوطنية الموافق لـ4 نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل.

وحول جاهزية سكان دونباس والأراضي المحررة للمشاركة في الاستفتاء والانضمام إلى روسيا، أوضح “روسيا الموحدة تعمل في هذه المناطق منذ الأيام الأولى للعملية العسكرية الخاصة، نتواصل مع الناس هناك كل يوم ونسمع ما يقولونه ونرى مزاجهم، لقد كانوا مستعدين لذلك منذ فترة طويلة”.

فيما أكد رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية دينيس بوشيلين، أن لدى السكان في منطقة دونباس رغبة عارمة بالعيش في روسيا، وقال في كلمة له أمام المشاركين في ندوة نظمتها جمعية “المعارف” الروسية في مدينة لوغانسك، في إشارة إلى الاستفتاء المرتقب على انضمام جمهورية دونيتسك وجمهورية لوغانسك إلى روسيا، إن “هذا الاستفتاء يحقق رغبة سكان دونباس”.

ضم شبه جزيرة القرم
وضمت روسيا شبه جزيرة القرم في أوائل عام 2014، بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش إثر احتجاجات في العاصمة كييف، وأرسلت روسيا آلافاً من الجنود الإضافيين ليستقروا في القواعد العسكرية التي يسمح لروسيا بموجب المعاهدة بين موسكو وكييف بامتلاكها في القرم.

وأقامت القوات الروسية في 28 فبراير(شباط) 2014، نقاط تفتيش في أرميانسك وتشونجار وهما المعبران الرئيسيان من البر الأوكراني باتجاه شبه جزيرة القرم، وفي 16 مارس(أذار) من نفس العام أقيم استفتاء بالقرم للانضمام إلى روسيا، صوت فيه الأغلبية لصالح القرار، وفي 18 مارس(أذار) أعلنت روسيا ضم شبه جزيرة القرم رسمياً إلى أراضيها، في خطوة رفضها الغرب الذي اعتبر الاستفتاء “غير شرعياً”.

صراع طويل
وذكر محللون لموقع سكاي نيوز عربية، أن من شأن خطوة الاستفتاء المرتقبة هذه، أن تقود لسلسلة استفتاءات أخرى في عموم المناطق التي بسطت روسيا سيطرتها عليها داخل أوكرانيا، مما سيعني عملياً تقسيم أوكرانيا، محذرين من أن ذلك قد يقود لإطالة أمد الحرب، وتحولها لاحقاً لصراع استنزاف طويل.

وقال الأستاذ بكلية الاستشراق في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد، رامي القليوبي، “في حال ضم مختلف هذه المناطق للسيادة الروسية، ستخف المرحلة النشطة من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وقد تبدأ بعد ذلك حرب استنزاف طويلة الأمد، كون موسكو تبقى متمسكة كما هو واضح بهدفها بعيد المدى، وهو تغيير الحكومة في كييف، وهو أمر قد يطول، ويبقى مرهوناً بجملة عوامل واعتبارات داخلية أوكرانية ودولية، فيما يصر الجانب الأوكراني من الجهة الأخرى على وصف هذه الاستفتاءات بالمفبركة”.

وأشار إلى أن الخطة الروسية قد تصطدم بعقبات، من بينها الحملة العسكرية الأوكرانية على خيرسون مثلاً، مما سيقود لرد عسكري روسي وتكثيف عمليات موسكو القتالية مجدداً في الميدان الأوكراني، ما سيقود لتأزيم الوضع أكثر.

التعليقات معطلة.