– أبوظبي
شكل قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية لحظة تاريخية تؤسس لتغييرات أكبر في مستقبل الشرق الأوسط على المدى البعيد، حتى وإن كانت نتائج القرار الحالية محدودة وغير مؤثرة في مستقبل حرب غزة.
ويفسر الخبراء، أن قرار ماكرون هو محاولة جادة لإثبات أن السلام يحقق ما لا تحققه الحرب، في عالم عادت فيه الدول لاستخدام القوة العسكرية لفرض إرادتها على الآخرين، لا سيما روسيا في أوكرانيا، والولايات المتحدة وإسرائيل بهجماتهما الأخيرة على إيران ومنشآتها النووية، والحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة.
ويقول الخبراء في تقرير لوكالة “أسوشيتيد برس”، إنه مع بقاء أقل من عامين على ولايته الثانية والأخيرة كرئيس، فلدى ماكرون إرثٌ يُفكّر فيه، وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة حيال كارثة إنسانية تتكشف في غزة قد يُصبح وصمة عارٍ في تاريخ رئاسته.
وبنى ماكرون قراره على ما يمتلكه من أدوات للتأثير في الشؤون العالمية بصفته زعيماً لدولة نووية قوية اقتصادياً ودبلوماسياً، وعضواً فاعلًا في الأمم المتحدة، بصفته أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس أمنها.
ومن وجهة نظر الخبراء، فقد يخلف قرار ماكرون تأثيرات سلبية وإيجابية على المستوى المحلي بالدرجة الأولى، بكونه أول عضو في مجموعة الدول الصناعية السبع.
ويقول المحللون، إن فرنسا التي تضم أكبر عدد من اليهود وأكبر عدد من المسلمين في أوروبا، يجد ماكرون نفسه في موقف محرج للرأي العام فقد تُرضي كلماته بعض الناخبين، لكنها ستُغضب آخرين – وهي حقيقةٌ تعكسها ردود الفعل السياسية المنقسمة بشدة في فرنسا تجاه قراره الاعتراف بدولة فلسطينية.
سي إن إن: ماكرون “الجريء” يحطم “السقف الزجاجي” – موقع 24
في إعلان مفاجئ، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بلاده ستعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية، في سبتمبر (أيلول) المقبل، لتكون أول دولة من أعضاء مجلس الأمن الدولي، ومجموعة السبع تُقدم على هذه الخطوة.
وتشير التقارير إلى أن طرح ماكرون القوي لن يغير واقع الفلسطينيين والإسرائيليين الحالي وآمال عيشهم جنباً إلى جنب بسلام في دولتيهم، خاصة مع الدمار الكبير في غزة وتزايد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة ومع ذلك، فإن رسالة الرئيس الفرنسي هي أن أمل “حل الدولتين” الذي يتحقق من خلال الدبلوماسية يجب ألا يُترك ليتلاشى، مهما بدا بعيد المنال.
ويقول المحللون، إنه من المرجح ألا تكون التأثيرات الأولى في غزة، بل في عواصم العالم، حيث قد يواجه القادة ضغوطاً أو يتشجعون على اتباع نهج فرنسا. وينصب الاهتمام في البداية على دول مجموعة السبع الأخرى، نظراً لنفوذها الاقتصادي والدبلوماسي.
وقال ديفيد ريجوليه روز، الباحث في المعهد الفرنسي للتحليل الاستراتيجي، “قد يُشكّل إعلان ماكرون سابقةً، إذ ستكون أول دولة غربية في مجموعة الدول السبع تُقدم على ذلك، مما قد يُؤدي إلى قيادة دول أخرى”.
وعلى الرغم من اعتراف أكثر من 140 دولة بفلسطين كدولة، ستكون فرنسا الأكبر والأكثر سكاناً والأقوى بين الدول الأوروبية التي اتخذت هذه الخطوة.
وأكد يوسي ميكلبيرغ، الزميل الاستشاري البارز في مركز “تشاتام هاوس” للأبحاث في لندن: “إنها تُحدث زخماً طفيفاً”، مُضيفاً أن “هذا ليس كافياً”.
وقال: “يجب تهنئة فرنسا، ويجب تهنئة ماكرون على ذلك وعلى إظهاره الشجاعة”.