اخبار سياسية

الأجهزة السورية مستنفرة من السّويداء إلى جبلة… بعد تمدّد الاحتجاجات الشّعبية على سوء الأوضاع المعيشيّة

 سوريون يتظاهرون في مدينة السويداء احتجاجا على سياسات النظام  (أ ف ب)

لم تتوقف ردود الفعل على الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة السورية الأسبوع الماضي، على الانتقادات الصادرة عن أصحاب الاختصاص الذين رأى بعضهم أن السوق السوري استُدرج إلى “فخّ التضخم”، بل تعدتها إلى اندلاع شرارة احتجاجات شعبية في عدد من المناطق، وبخاصة في محافظة السويداء، وسط مخاوف من أن تأخذ هذه الاحتجاجات منحى أكثر شمولاً واتساعاً، لا سيما وسط تطورات مشبوهة شهدها الساحل السوري لجهة الإعلان عن “حركة 10 آب”، وانضمام “حركة الضباط العلويين الأحرار” إلى المحلس العسكري بقيادة العميد المنشق مناف طلاس نجل وزير الدفاع السوري الأسبق والأشهر، الراحل مصطفى طلاس. وأعلنت دمشق، الأسبوع المنصرم، عن رفع رواتب الموظفين بنسبة 100% بالتزامن مع رفع الدعم عن المشتقات النفطية، الأمر الذي أدخل البلاد في موجة تضخم وغلاء زادت الأوضاع المعيشية سوءاً على سوء. ولم تفلح كل تطمينات المسؤولين الذين ظهروا على شاشات الإعلام الرسمي لتفسير ضرورة القرارات الجديدة وجدواها على المدى البعيد في تهدئة مخاوف المواطنين من سوداوية ما ينتظرهم في المستقبل القريب، خصوصاً أن الأسعار كانت تسابق تصريحات المسؤولين لتبلغ مستويات لا يمكن لأي راتب شهري احتواءها. وأصبح خروج احتجاجات في محافظة السويداء يُعتبر من قبيل الأمور الاعتيادية، لأنه على مدى السنوات الماضية لم تكن ساحات المحافظة تخلو من أصوات معارضة تنادي بمطالب معيشية أو حتى سياسية. ورغم أن بعض الاحتجاجات رفعت السقف سابقاً ونادت بإسقاط النظام، كانت اللقاءات بين المستويات السياسية والدينية تنجح في كل مرة في احتوائها وتهدئتها وربما إجهاضها، لذلك يُنظر إلى الاحتجاجات الجديدة التي تتواصل منذ يوم الأربعاء الماضي على أنها لن تخرج عن المسار المعتاد، وربما تكون مجرد فسحة لـ”فشة الخلق” وتفريغ الاحتقان. وتتمتع محافظة السويداء بوضعية خاصة بين المحافظات السورية، تسمح لأبنائها بالخروج والتعبير عن استيائهم وغضبهم والاحتجاج على إجراءات الحكومة السورية على الصعد كافة: الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية، من دون أن يدفع ذلك الحكومة السورية إلى اتخاذ إجراءات رادعة أو زاجرة كما تفعل في مناطق أخرى، حيث تسارع إلى إبراز عصاها الخشنة في مواجهة أي بؤر تهدد بانطلاق احتجاجات شعبية ضدها. وفي هذا السياق، كشفت مصادر معارضة أنّ الأجهزة الأمنية أعطت تعليمات لفروعها ومفارزها في محافظة ريف دمشق بالاستنفار لمواجهة أي حراك معارض للنظام السوري، وفق ما ورد في تقرير لموقع “صوت العاصمة”. وبدأت حالة الاستنفار الأمني نهاية الأسبوع الفائت بالتزامن مع صدور مرسوم رئاسي برفع الرواتب وقرارات حكومية برفع أسعار المحروقات، متسببة بأزمة اقتصادية خانقة انعكست على الأسواق وحركتي التجارة والنقل في ظل دعوات إلى عصيان مدني تنديداً بالوضع المعيشي. ووفقاً للمصادر المعارضة، فإنّ رؤساء الأفرع الأمنية أصدروا أوامر باستخدام القوة لقمع أي تظاهرات أو احتجاجات مناهضة للنظام، وأنّ أي نشاط معارض سيواجه بإجراءات أشدّ مما كانت عليه عند اندلاع الثورة السورية في 2011.وأكّدت المصادر أنّ عناصر من الميليشيات المحلية التابعة للأجهزة الأمنية انتشروا الجمعة في 18 آب الجاري بالقرب من المساجد وفي ساحات العديد من مدن ريف دمشق وبلداته، منعاً لخروج تظاهرات معارضة للنظام.
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل نهاية الأسبوع الفائت دعوات إلى عصيان مدني في كل المحافظات والمدن السورية، تنديداً بالوضع الاقتصادي المتردي وتنصل حكومة النظام من مسؤولياتها، وفق التقرير السابق. وتشهد مدينة جبلة في محافظة اللاذقية انتشاراً أمنياً مكثفاً، بخاصة ليلاً، خوفاً من قيام احتجاجات ضد النظام أو توزيع منشورات صادرة عن “حركة 10 آب”، عقب قرار زيادة الرواتب وما نتج منه من ارتفاع في الأسعار. وأضافت المصادر أن النظام يركز بعد منتصف الليل سيارتين عسكريتين محملتين برشاشي “دوشكا”، في ساحتي جبلة الرئيسيتين العلبي والعمارة، وفق تقرير نشره “تلفزيون سوريا” المعارض. وأضافت المصادر “أنها مسألة وقت لا أكثر حتى يتحرك سكان جبلة كما فعل أهالي مدينة السويداء”، مؤكدة أنه “عندما دعت حركة 10 آب إلى التحرك مجدداً، نشرت قوات الأمن سيارتي دوشكا في ساحتي جبلة الرئيسيتين العلبي والعمارة، وذلك بعد منتصف الليل مع انتشار أمني كثيف”، مشيرة إلى أن “المدينة تغلي”. وفي تاريخ 5 آب 2023، نشرت صفحة “حركة 10 آب” الرسمية على موقع فايسبوك، بيانها الرسمي الأول، والذي أعلنت من خلاله تأسيس الحركة التي تهدف إلى إنهاء معاناة الشعب السوري من سوء إدارة الحكومة للبلاد، وتجاهلها مستقبله.الحركة عرّفت عن نفسها بأنها مجموعة من السوريين الذين يعيشون داخل سوريا لا خارجها، وأنهم رافضون للوصاية من أي أطراف خارجية، وأن حركتهم هذه حركة سلمية، ترفض أي دعوة إلى حمل السلاح. وأضافت الحركة أن لديها العديد من المطالب من الحكومة السوريّة، منها ما هو سياسي ومنها ما هو معيشي يتعلق بالمواطنين، مؤكدة أنّ الحل الوحيد هو قيام الرئيس السوري بشار الأسد، أو رئيس وزرائه، بإصدار بيان رسمي عبر القنوات الرسمية السورية، بتحديد جدول زمني واضح يتضمن تواريخ محددة لتلبية مطالب عديدة أبرزها زيادة الرواتب، وتحسين واقع الكهرباء، ووضع خطة لمحاربة المخدرات والتجارة بها، وسواها من المطالب الأخرى. وأضافت الحركة في بيانها أنها ستبدأ تحركاتها في الداخل السوري، إذا لم تستجب الحكومة السورية لهذه المطالب، موضحة أن قيام الحكومة بتحديد مواعيد لتنفيذ هذه المطالب هو أمرٌ كافٍ لها مبدئياً. وبالتزامن مع تأسيس هذه الحركة، انتشر مقطع فيديو لثلاثة أشخاص يرتدون الزي العسكري الرسمي للضباط السوريين، وهم يتلون بياناً يعلنون فيه انضمام “حركة الضباط الأحرار” إلى المجلس العسكري الذي يقوده مناف طلاس، غير أن متحدثين باسم “حركة 10 آب” نفوا وجود أي علاقة بينهم وبين حركة الضباط العلويين.